الصين تواجه أسئلة ملحة مع تراجع نموها الاقتصادي

الخزانة الأميركية: بكين تتعهد بمزيد من المرونة في سعر صرف اليوان

TT

قالت وزارة الخزانة الأميركية أمس إن مسؤولين صينيين تعهدا أثناء محادثات ثنائية هذا الأسبوع بالتحرك نحو آلية لتحديد سعر صرف اليوان وفقا لقوى السوق وفتح قطاعها المالي أمام الشركات الأميركية.

وبحسب رويترز ففي بيان حول المحادثات التي عقدت في واشنطن قالت وزارة الخزانة أيضا إن الصين أقرت بالمخاوف الأميركية فيما يتعلق بسرقة الأسرار التجارية ومعلومات سرية للأعمال عن طريق اختراق شبكات الكومبيوتر وتعهدت بتنفيذ القواعد التنظيمية بشكل أكثر قوة.

وقال البيان إن الصين ستقدم اتفاقا معدلا للمشتريات الحكومية قبل نهاية العام وستبدأ محادثات تقنية مكثفة مع الولايات المتحدة هذا الصيف للتغلب على العقبات الباقية أمام انضمام بكين إلى اتفاق المشتريات الحكومية لمنظمة التجارة العالمية.

وفي بكين - سجل النمو الاقتصادي في الصين تباطؤا خلال الفصل الثاني من السنة بحسب خبراء اقتصاديين التقتهم وكالة الصحافة الفرنسية، لكن من غير المتوقع أن يحول هذا التباطؤ اهتمام بكين عن الإصلاحات البنيوية الضرورية لإعادة التوازن إلى الاقتصاد.

وبحسب متوسط توقعات الفريق المؤلف من عشرة خبراء، فإن زيادة إجمالي الناتج الداخلي خلال الفصل الأخير الذي انتهى في يونيو (حزيران) ستبلغ 7.5% وفق الوتيرة السنوية مقارنة مع الفصل ذاته من السنة الماضية، وهي نسبة أدنى بقليل من نسبة 7.7% المسجلة في الفصل الأول.

وفي وقت تستعد الحكومة لتعلن الاثنين أرقام النمو الرسمية للفصل الثاني، يواجه الاقتصاد الصيني ضغوطا متزايدة مع مراوحة الوضع في الولايات المتحدة وأوروبا وضعف الطلب الداخلي.

فقد سجل النشاط التصنيعي في يونيو أكبر انكماش منذ تسعة أشهر بحسب مؤشر مصرف إتش إس بي سي، وعرفت الصين الشهر الماضي تراجعا غير متوقع في فائض ميزانها التجاري بنسبة 14% مع تراجع صادراتها بأكثر من 3%.

وقالت ياو واي الخبيرة الاقتصادية في مصرف سوسيتيه جنرال العاملة في هونغ كونغ «من المؤكد أن النمو الصيني في الفصل الثاني سيكون أدنى منه في الفصل الأول» الذي كان أساسا «مخيبا للآمال»، مشيرة إلى ضعف الإنتاج في قطاع التصنيع.

وكانت السلطات تعمد في السنوات الأخيرة عند أي تراجع في النمو الاقتصادي، إلى ضخ كميات وافية من السيولة لدعم الاقتصاد، غير أنه من غير المتوقع الاستمرار في مثل هذه السياسة منذ تنصيب الرئيس شي جينبينغ في مارس (آذار). وركز الفريق الجديد بقيادة رئيس الوزراء لي كه كيانغ جهوده على تحريك الاستهلاك الداخلي أكثر منه على الصادرات والاستثمارات وهما عاملا النمو التقليديان لدى العملاق الآسيوي.

وقالت ما هسياوبينغ الخبيرة الاقتصادية في مصرف إتش إس بي سي في بكين أن «الإصلاحات مفيدة على المديين المتوسط والبعيد لكنه لن يكون من شأنها تحفيز الاقتصاد على المدى القريب» بل ستزيد الضغط على النمو.

والواقع أنه رغم الاهتمام المخصص للإصلاحات، فإن الاقتصاد الصيني يبقى معتمدا بشكل أساسي على قطاع التصنيع (أكثر من 40% من إجمالي الناتج الداخلي).

وأوضحت ياو واي أنه «بصورة عامة حين يتعثر النشاط التصنيعي، فهو ينعكس على النمو أيضا»، مشيرة إلى أن مؤشرات ضعيفة لن تكون كافية لحمل بكين على «تليين موقفها».

وشدد لي هذا الأسبوع على ضرورة مواصلة الإصلاحات التي بدأ تطبيقها طالما أن النمو والتوظيف لا يتراجعان عن «العتبات» التي حددتها الحكومة (من دون أن يوضحها)، وطالما أن التضخم لا يتخطى «حدا أقصى»، بحسب تصريحات نشرت على موقع الحكومة المركزية.

ولخص جيان تشانغ الخبير الاقتصادي في مصرف باركليز سياسة لي كه كيانغ الاقتصادية بـ«وقف تدابير المساعدة العامة للاقتصاد، وتقليص الديون والإصلاحات البنيوية» التي تهدف بصورة خاصة إلى الحد من الدعم للكثير من مؤسسات الدولة غير المنتجة مع إعادة التوازن إلى النشاطات الاقتصادية.

وقال جيانغ تشانغ إن تراجع النشاط التصنيعي هو «إعادة تصويب مؤلمة إنما محتمة» بعدما أصبح تزايد الطاقة الصناعية إثر المساعدات العامة المكثفة في فترة 2008 - 2009 أكثر قوة في مقابل تراجع الطلب.

لكن المحلل في باركليز حذر من أنه نتيجة لذلك فإن «الصين بحاجة ماسة إلى إيجاد عوامل نمو جديدة» من دون أن يستبعد «سيناريو تراجع مفاجئ ولو مؤقت» في الاقتصاد خلال هذه المرحلة الانتقالية.

وفي الوقت ذاته، أشارت ياو إلى أن «السلطات لا تعمد إلى تليين سياستها النقدية، بل تحاول تشديد الإقراض وبالتالي فإن عوامل انتعاش (النشاط) محدودة للغاية».

وشهدت سوق التعاملات بين المصارف الصينية في يونيو أزمة سيولة حادة نتيجة الرغبة في ضبط نظام مصرفي يرزح تحت عبء الديون المشكوك في تحصيلها، ما حد من إمكانات اقتراض الشركات الصغيرة.

غير أن لي كه كيانغ شدد كذلك هذا الأسبوع على أهمية تحقيق «نمو مستقر» من أجل تطبيق الإصلاحات بشكل جيد.

ورأى تشانغ تشيواي ووندي تشن الخبيران الاقتصاديان في مصرف نومورا أن هذا التصريح «قد يكون يشير إلى أنه يشعر بمزيد من الضغط مع تراجع المؤشرات».

وأضافا أن «أرقام الأسبوع المقبل ستكون بمثابة اختبار أساسي للحكومة» في وقت يرى مصرف نومورا أن هناك «إمكانية بنسبة 30%» بأن يتراجع النمو إلى ما دون 7% في النصف الثاني من السنة.

وحددت الحكومة للعام 2013 هدفا يتمثل في تحقيق نمو بنسبة 7.5% مقابل 7.8% العام الماضي، أدنى مستوى منذ 13 عاما.