ما معنى إفلاس مدينة بحجم ديترويت الأميركية؟

تقدمت للقضاء بطلب للحصول على الحماية من الدائنين

في ديترويت اليوم 78 ألف مبنى متداع تعطيها مظهر مدينة مهجورة كما أنه لم يعد هناك في الخدمة سوى ثلث سيارات الإسعاف لغياب الموارد الكافية لصيانتها (إ.ب.أ)
TT

ما زال إفلاس مدينة ديترويت الأميركية يثير جدلا كبيرا وتساؤلات حول أبعاد ودلالات إفلاس مدينة بحجم وتاريخ ديترويت، التي بعدما كانت رمزا لصناعة السيارات الأميركية في مطلع القرن العشرين، باتت أكبر مدينة أميركية تعلن إفلاسها.

وقد أعرب مسؤولو مدينة ديترويت الأميركية مساء أول من أمس عن أسفهم بعد أن تقدمت المدينة بطلب لحمايتها من الإفلاس. من جهتها رحبت غرفة التجارة في ديترويت بإشهار الإفلاس معتبرة أنه «قرار شجاع».

وقال ريك سنايدر حاكم ولاية ميتشغان التي تضم مدينة ديترويت «لا أحد منا كان يريد الوصول إلى هذه النقطة». وأضاف أنه لم يعد من المقبول استمرار ديون ديترويت وطلب الحماية من الإفلاس كان الطريقة الوحيدة للعودة إلى المسار الصحيح.

كانت المدينة قد قدمت الخميس طلبا للحصول على الحماية من الدائنين بموجب الفصل التاسع من قانون المحليات الأميركي وهو ما يتيح للمدينة فترة تتراوح بين 30 و90 يوما لكي تحدد المحكمة ما إذا كانت المدينة تستحق الحماية من الدائنين أم لا وكذلك تحديد الدائنين الذين يمكنهم التنافس على الموارد المحدودة للمدينة.

وفي المدينة اليوم 78 ألف مبنى متداع تعطيها مظهر مدينة مهجورة كما أنه لم يعد هناك في الخدمة سوى ثلث سيارات الإسعاف لغياب الموارد الكافية لصيانتها.

ولم يعد بوسع البلدية تأمين الإنارة العامة في الشوارع فيما تستغرق الشرطة 58 دقيقة للوصول حين يتم استدعاؤها مقابل 11 دقيقة على المستوى الوطني.

وكان ريك سنايدر لجأ إلى خبير هو كيفين أور مدير إدارة الطوارئ في المدينة، لمحاولة الخروج من المأزق فلخص الخبير أسباب هذه الأزمة بعدد من النقاط منها «سوء الإدارة المالية والتراجع الديموغرافي واضمحلال القاعدة الضريبية خلال السنوات الـ45 الأخيرة».

وأثارت خطة أور الذي دعا إلى التفاوض مع دائني المدينة، استياء صناديق التقاعد التي كانت تدين لها ديترويت بتسعة مليارات دولار، فباشرت مسعى قضائيا لمنع أي اقتطاع من معاشات التقاعد التي يتقاضاها مكتتبوها، غير أن هذا المسعى علق بسبب إشهار الإفلاس.

وبعد إشهار الإفلاس سيترتب على أحد القضاة أن يبت في القضية ويعلن ما إذا كان بوسع ديترويت أن تحظى بحماية قانون الإفلاس الذي يتيح لها إعادة التفاوض في دينها.

وحذر دوغراس بيرنشتين المحامي المتخصص في قضايا الإفلاس ردا على أسئلة وكالة الصحافة الفرنسية من أن «التحدي الأكبر هو أنه لم يكن هناك في التاريخ الكثير من البلديات التي أعلنت إفلاسها.. وبالتالي ليس لدينا خبرة كبيرة في هذا المجال».

لكن بمعزل عن النواحي القانونية والمالية البحتة في هذه القضية، فإن إفلاس ديترويت يعكس انهيار قطاع صناعة السيارات الذي يشكل جزءا كبيرا وأساسيا من الصناعة الأميركية عرف ذروة ازدهاره في مطلع القرن الماضي.

يذكر أن طلب إشهار الإفلاس يستهدف الحماية من الدائنين والنقابات العمالية حيث تجري مفاوضات بين هذه الأطراف وحكومة المدينة بشأن ديون قدرها 19 مليار دولار تقريبا.

وقال سنايدر إن هذه الخطوة تعني استمرار حصول سكان ديترويت على الخدمات الأساسية في الوقت الذي تحاول فيه الحكومة استعادة العافية المالية.

من جانبه، قال المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني إن الإدارة كانت على اتصال مع المسؤولين في ديترويت وولاية ميتشغان و«تبدي اهتماما كبيرا بالتحديات التي تواجه ديترويت وتبحث عن السبل التي يمكننا من خلالها تقديم المساعدة».

وتابع كارني «قضية الإفلاس والتعامل معها هي قضية يتعين أن تحلها ديترويت ودائنو ديترويت».

وعانت ديترويت، التي أنجبت أكبر ثلاث شركات أميركية لصناعة السيارات - «جنرال موتورز» و«فورد» و«كرايسلر» - لعقود من هجرة السكان وتضاؤل الإيرادات الضريبية وسوء الإدارة من قبل الإدارات المتعاقبة للمدينة.

فقد استقال كوامي كيلباتريك وهو عمدة سابق للمدينة عام 2008 وسط سلسلة من الاتهامات حيث مثل للمحاكمة أكثر من مرة بتهم جنائية وهو يوجد في السجن حاليا في انتظار الحكم عليه بعد إدانته الأخيرة على المستوى الاتحادي بتهم الابتزاز والرشوة والضلوع في الجريمة المنظمة.

يذكر أن عدد سكان ديترويت يبلغ نحو 700 ألف نسمة مما يجعلها تحتل المرتبة الـ18 في ترتيب المدن الأميركية. وكانت من قبل رابع أكبر مدينة مع حيث عدد السكان الذي كان يبلغ مليوني نسمة.