عيون المصارف العالمية على العراق وسط أسئلة كثيرة

يتوفر على فرص كبيرة لكن به عوامل سياسية وأمنية سلبية

مع عشرات الملايين من الزبائن المحتملين الذين يملك عدد قليل منهم فقط حسابات مصرفية، بات العراق يمثل هدفا طموحا للمؤسسات المصرفية العالمية («الشرق الأوسط»)
TT

تبدي مصارف عالمية، بينها «سيتي بنك» و«ستاندرد تشارترد»، رغبتها في إيجاد موطئ قدم لها في العراق، إلا أن هذه الرغبة غالبا ما تصطدم بعدة عوامل سلبية في بلاد تشهد عراكا سياسيا وتوترا أمنيا متواصلين.

وبحسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية، فمع عشرات الملايين من الزبائن المحتملين الذين يملك عدد قليل منهم فقط حسابات مصرفية، بات العراق يمثل هدفا طموحا للمؤسسات المصرفية، خصوصا أن العراقيين يتطلعون حاليا إلى خدمات مصرفية أكبر من تلك المتوافرة لهم.

غير أن القوانين قديمة العهد، وغالبية المصارف التي تسيطر عليها الحكومة، والبنى التحتية الضعيفة لهذا القطاع، إضافة إلى عدد هائل من العقبات الأخرى كالعراك السياسي المتواصل والوضع الأمني المتدهور - تجعل من النشاط المصرفي في البلاد أمرا غير مضمون النتائج.

ويقول دبلوماسي غربي لوكالة الصحافة الفرنسية: «من المحتمل جدا أن يكون العراق سوقا غنية بالنسبة إلى العمل المصرفي».

وقد عاد الحديث عن السوق العراقية خلال الأسابيع الماضية بعدما بدأت مصارف كبرى، بينها «سيتي بنك» و«ستنادرد تشارترد»، تتحرك في محاولة لترسيخ حضور لها في العراق.

ويقول مايانك مالك، مدير مصرف «سيتي بنك» في الأردن والعراق، لوكالة الصحافة الفرنسية: «نحن ننظر للعراق على أنه الهدف الأكبر التالي»، مضيفا: «نرى في العراق عملاقا يستعد للنهوض».

وأضاف: «نعتبر أنفسنا بين المرشحين الأوائل، ونريد أن نحظى بالأولوية».

وسيعمل مصرف «سيتي بنك» في البداية على خدمة العملاء الحاليين، الذين يعملون ضمن شركات الطاقة التي تعمل في الحقول الغنية بالنفط.

لكن على المدى الطويل، فإن المصرف متعدد الجنسيات سيسعى للانتقال إلى الأعمال المصرفية التجارية والخدماتية، رغم أن أي جدول زمني لم يوضع في مكانه حتى الآن. ويحمل «سيتي بنك» آمالا كبيرة للعراق، الذي يتوقع اقتصاديو المصرف أن يبلغ تعداد سكان العراق 50 مليون نسمة باقتصاد تبلغ قيمته نحو تريليوني دولار بحلول عام 2050.

ويمثل الرقم الأخير 15 مرة ضعف القدرة الحالية للاقتصاد، ويعادل تقريبا حجم اقتصاد الهند.

ومع تطور القطاع، تصبح الخدمات المصرفية الكاملة مطلوبة، إذ إن أمام العراقيين حاليا فرصا محدودة في الحصول على القروض والتأمين وبطاقات الائتمان والرهون العقارية وغيرها من الخدمات.

وبينما يبدي مالك تفاؤله بشأن إمكانات القطاع المصرفي في العراق، تلوح عقبات أساسية أمام تطور هذا القطاع.

ففي الوقت الذي قرر فيه «سيتي بنك» فتح مكتب له في العراق الشهر الماضي، فإن مصرف «إتش إس بي سي» أعلن في وقت لاحق أنه سينسحب من مصرف «دار السلام» المحلي الذي يملك 70% من أسهمه.

وقال متحدث باسم «إتش إس بي سي» إنه «في هذه المرحلة، لا نستطيع أن نقدم تفاصيل أكثر حول عملية التغيير وتوقيتها».

غير أن دبلوماسيين ومحللين أشاروا إلى عدد من الصعوبات، بما في ذلك عدم وجود أنظمة حديثة لمنح العراقيين الثقة بالعملية المصرفية.

وحتى العراقيين الذين يملكون حسابات مصرفية، فإنهم غير قادرين على استخدام أجهزة الصراف الآلي أو خدمات المصرف عبر الإنترنت أو حتى القدرة على الوصول إلى حساباتهم من مختلف فروع المصرف ذاته.

وأصدرت بعض بطاقات الائتمان، إلا أنه لا توجد أماكن تقبل التعامل معها.

ويقول دبلوماسي غربي إن «الظروف ليست مهيأة للانخراط في الخدمات المصرفية الفردية».

وغالبا ما تشتكي الشركات المحلية من أن البنوك غير راغبة في الإقراض، أو أنها تطالب بضمانات غالية وغير مقبولة. وبحسب تقديرات البنك الدولي، فإن الائتمان المصرفي العراقي بلغ أقل من 10% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2010.

وعلى سبيل المقارنة، بلغ هذا الرقم نحو 55% في بقية دول الشرق الأوسط.

ويقول ثامر الغضبان، رئيس هيئة المستشارين التابعة لرئيس الوزراء العراقي: «يجب تجنب تكديس السيولة النقدية داخل المصارف الحكومية، وإنما استخدام الأموال للإقراض حتى تكون جزءا من منظومة القطاع الخاص».

ويضيف غضبان أن المطلوب «تكنولوجيا أفضل، فضلا عن تخفيضات في أوقات المعالجة والأوراق ومستويات التوظيف. وهناك حاجة أيضا لتغيير الموقف تجاه الزبائن».

وأوضح أن «موظفي البنك لا يقدمون لهم الخدمة، إنما الوضع على العكس»، مضيفا: «يجب عليهم اجتذاب الزبائن وليس دفعهم للخروج».