تقنيات الاتصالات الحديثة.. فرص مهدرة!

سعود الأحمد

TT

أستغرب كيف نتأخر في الدول النامية عن استخدام التقنيات الحديثة في معاملاتنا اليومية، وبالأخص قنوات الاتصالات الحديثة! ليس هذا حكرا على المواطن العادي، بل حتى طبقة المتعلمين، سواء كان من رجال الأعمال أو أساتذة الجامعات أو كبار الموظفين! مع أن في هذا الاستخدام مصلحة ظاهرة في استغلالنا لتقنيات متاحة للجميع بشكل ميسر وبالمجان أو شبه المجان.. مع أن هذه الفئة هم الأجدر بالبحث عن أي وسائل أو تقنيات توفر المال والوقت والجهد والدقة والموثوقية! أسأل أحد الأصدقاء من هذه الفئة: لماذا ما زلت لا تسدد فواتير الخدمات عبر حسابك البنكي بالإنترنت؟ والغريب أنني كررت معه هذا الأمر على مدار خمسة أعوام مضت وشرحت له مميزات هذه الوسيلة من جميع الجوانب! لكنه يقول إنني منذ فترة تعودت على طريقة السداد عبر الصراف ووجدتها مناسبة لي! لكنني أعرف يقينا أن بقاءه على هذه الطريقة، لأنه لم يتعلم ويتعود على السداد عن طريق موقع البنك. كما أن السداد عن طريق الصراف يحتاج للخروج للصراف والوقوف بالشارع، وهي طريقة بكل الأحوال لا تقارن بالسداد عن طريق خدمة الإنترنت، ولو أن كلتيهما خصم على الحساب.

وعلى طريق حسن استغلال التقنيات، أستغرب من وجود ورق إشعارات الخصم على الحساب والاستعلام عن الرصيد عند كل صراف وبكميات كبيرة تملأ سلال المهملات حول الصرافات.. فالذي لا يريد إشعارا ورقيا، يستطيع الحصول على الخدمة من دون طلب طباعة، ومن دون أن يترك معلومات عن حسابه قد تستغل ضده! ليت هذا الجهل بمميزات وفوائد هذه الخدمة يقتصر على الأفراد، لكنني أتساءل عن شركة مثل شركة الكهرباء أو المياه أو شركات الاتصالات، لو عملت دراسة لتكلفة توزيع الفواتير على المنازل أو عبر البريد إلى عناوين العمل داخل بلاد مترامية الأطراف كالسعودية وقارنت ذلك بتكلفة الإرسال عبر الهاتف الجوال أو على البريد الإلكتروني مرفقا معه صورة لصفحة (أو صفحات) الفاتورة، لا شك أن مقارنة التكلفة ستكون لصالح الإرسال الإلكتروني! وأرجو ألا تتحجج هذه الشركات بأن ذلك يتم حسب رغبة العميل.. فهذه حجج يقنع بها كسالى المديرين كبار المسؤولين حتى لا يضطروا لبذل مجهود، وإلا فإنني أضمن أنه لو شرعت هذه الشركات في تقديم حوافز مثل عشرة ريالات كخصم شهري لكل مشترك لحثه على التخلي عن الفواتير الورقية والاكتفاء بالرسائل الإلكترونية عبر الهاتف الجوال أو عبر البريد الإلكتروني. أجزم أن مثل هذا الحافز سيحول ملايين المشتركين للتخلي عن الفواتير الورقية، وسيوفر على هذه الشركات (مجتمعة عبر السنين) مليارات الريالات التي تصرف من دون داع، ناهيك عن الوقت والمجهود لطباعة هذه الفواتير وتسليمها وتوزيعها وسيارات نقلها بمختلف المدن والقرى والبلدان والأحياء بالمملكة، بما يوفر على المجتمع طاقات تهدر ودخل قومي يستنزف! ختاما.. مثل هذه الثغرات في نظام التكاليف، ما كانت لتحصل لو توفر لدى شركاتنا الكبيرة أنظمة رقابة فاعلة، تتضمن برامج مستمرة لدراسة تكاليف تتحقق من كل تكلفة بأنها تدفع لأنها مستحقة (بمعنى ضرورية)، أو أنه يمكن توفيرها.

[email protected]