«النقد الدولي» يدعو باريس إلى تسريع الإصلاحات الاقتصادية

حذر من الانكماش الاقتصادي وارتفاع معدلات البطالة بين الفرنسيين

TT

يعتبر الاقتصاد الفرنسي أحد الأعمدة الرئيسية ليس فقط لمنطقة اليورو التي تتعامل بالعملة الأوروبية الموحدة وتعاني مما يعرف بأزمة الديون السيادية، بل في التكتل الأوروبي الموحد بشكل إجمالي.

ويأتي بعد الاقتصاد الألماني من حيث الأهمية بالنسبة للاقتصاد الأوروبي، والذي يواجه صعوبات منذ سنوات. وعندما تشتد الأزمات في منطقة اليورو أو في الاتحاد الأوروبي ويكون هناك حاجة لوضع سياسات للخروج منها يبقى دائما التنسيق الفرنسي - الألماني أحد أفضل السبل لتحقيق ذلك؛ نظرا لمكانتهما وتأثيرهما على الاقتصاد في المنظومة الأوروبية الموحدة بشكل عام.

وفي إشارة ربما تبدو تحذيرية وقوية، من وجهة نظر العديد من المحللين هنا في بروكسل، حث صندوق النقد الدولي، الحكومة الفرنسية على إبطاء وتيرة الحد من العجز وتسريع الإصلاحات الهيكلية العام المقبل. وحافظ الصندوق في مراجعة دورية للاقتصاد البالغ حجمه تريليوني يورو، على توقعاته بالانكماش بنسبة 0.2 في المائة سنويا من الناتج القومي.

المؤسسة الدولية توقعت نسبة نمو للاقتصاد الفرنسي بنسبة 0.8 في المائة في 2014. وحذر الصندوق من وصول البطالة ذروتها العام المقبل بواقع 11.6، لتعود إلى التقلص في 2015، كما دعا باريس إلى كبح إنفاق السلطات المحلية وإلى إصلاح أعمق في الإنفاق الاجتماعي.

يأتي ذلك فيما أظهرت منطقة اليورو معطيات متضاربة، حيث أظهرت أحدث البيانات نموا طفيفا للأعمال للمرة الأولى منذ ثمانية عشر شهرا في يوليو (تموز)، فيما انخفضت مبيعات التجزئة في يونيو (حزيران).

مؤشر ماركيت لمديري المشتريات في منطقة اليورو ارتفع بما يقارب نقطتين في يوليو مقارنة بيونيو، ليصل إلى 50.5 متجاوزا عتبة الخمسين نقطة للمرة الأولى منذ يناير (كانون الثاني).

الاستطلاع اعتبر أن الاقتصاد بدأ يختط سبيل الخروج من الركود، بالإشارة إلى ارتفاع مؤشر الوظائف إلى 48.6 مقابل 47.4 في يونيو.

معدل البطالة في منطقة اليورو تراجع إلى 12.1 في المائة في يونيو مقارنة بالشهر السابق، ولو أن أكثر من تسعة عشر مليونا لا يزالون بلا عمل، مع تأثر واضح لكل من اليونان وإسبانيا.

مؤشر مديري المشتريات في قطاع الخدمات سجل ارتفاعا مقارنة بيونيو ليصل إلى 49.8. ورغم ارتفاع مبيعات الوقود فإن الإنفاق على الطعام والشراب والتبغ انخفض نصف نقطة مئوية عن الشهر السابق، وسجل انخفاضا بنسبة 0.2 في المائة في شراء الإلكترونيات والملابس والمقتنيات عبر الإنترنت.

وقال مكتب الإحصاء الأوروبي ببروكسل، إن أسعار المنتجات الصناعية ظللت مستقرة خلال شهر يونيو الماضي مقارنة بالشهر الذي سبقه، سواء في منطقة اليورو التي تضم 17 دولة أو في مجمل دول الاتحاد الأوروبي. وكانت الأسعار قد عرفت انخفاضا في مايو (أيار) الماضي بنسبة 0.3 في المائة في المنطقتين، وقد ارتفعت أسعار المنتجات الصناعية بنسبة 0.3 في المائة في منطقة اليورو وبنسبة 0.6 في المائة في إجمالي دول الاتحاد الأوروبي، وذلك في يونيو الماضي مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق.

وقال مكتب الإحصاء إن الأسعار ظلت مستقرة بشكل إجمالي باستثناء أسعار الطاقة وذلك خلال شهر يونيو من العام الجاري مقارنة بالشهر الذي سبقه سواء في منطقة اليورو أو في الاتحاد الأوروبي، وقال المكتب الأوروبي إن أسعار السلع الاستهلاكية المعمرة ظلت مستقرة بينما زادت أسعار السلع الاستهلاكية غير المعمرة بنسبة 0.3 في المائة.

وحسب البيان الأوروبي ظهر الاستقرار واضحا في دول مثل ألمانيا وفنلندا، وقد لوحظت الزيادة في المؤشر الكلي في دول مثل استونيا ومالطا وإيطاليا وأكثر الانخفاضات كانت في هولندا وبريطانيا والنمسا.

وأشارت أحدث المعطيات الاقتصادية إلى بيانات إيجابية للغاية بالنسبة للقطاع الصناعي في منطقة اليورو في يوليو. وللمرة الأولى منذ عامين عاد النشاط الصناعي للنمو مما يعزز التوقعات للخروج من الركود في الربع الثالث. القطاع الصناعي سجل نموا لافتا في ألمانيا وإيطاليا وفرنسا.

وظل معدل التضخم السنوي في منطقة اليورو مستقرا عند 1.6 في المائة خلال يوليو، أما مستويات البطالة في دول العملة الموحدة فسجلت تراجعا للمرة الأولى منذ عامين في يونيو مقارنة مع مايو، وهو أول انخفاض منذ أبريل (نيسان) 2011.

يأتي ذلك بعد أن أبقى المصرف المركزي الأوروبي على سعر الفائدة الرئيسي عند 0.5 في المائة مع تحسن العديد من المؤشرات الاقتصادية التي تشير إلى نهاية النفق الذي تمر به منطقة اليورو.

ويتوقع مجلس محافظي المركزي الأوروبي إزاء المخاطر التي تستمر في إلقاء ثقلها على الاقتصاد، أن تظل أسعار الفائدة عند المستوى الراهن أو أقل على المدى الطويل. وقال رئيس المصرف ماريو دراغي: «يفترض أن يستعيد النشاط الاقتصادي في منطقة اليورو الاستقرار بوتيرة بطيئة. مخاطر التراجع المحيطة بالتوقعات الاقتصادية لمنطقة اليورو سوف تستمر».

إقراض الشركات لا يزال متراجعا في منطقة اليورو وضعيفا بشكل خاص في دول التكتل المضطربة بالديون، والتي يمكن أن تبقي نداءات خفض أسعار الفائدة على قيد الحياة.