اتساع نشاط شركات التمويل والتقسيط يدفع مؤسسة النقد لتمديد فترة تصحيح أوضاعها

تأكيدات على ضرورة تنظيم القطاع بالتزامن مع بدء تفعيل أنظمة الرهن العقاري

يقدر حجم القطاع بأكثر من 200 مليار ريال (53.3 مليار دولار) («الشرق الأوسط»)
TT

دفع اتساع نشاط شركات التمويل في السعودية وتزايد طلبات تصحيح أوضاعها مؤسسة النقد السعودية إلى تمديد فترة قبول الطلبات إلى نهاية العام الحالي بهدف استكمال كل المتطلبات.

وقال خبراء اقتصاديون إن نشاط التمويل غير المستوفي لشروط مؤسسة النقد لا يزال يعمل على هيئة مكاتب صغيرة، والتي أصبحت منتشرة في الكثير من المدن والهجر وجاء قرار التصحيح لإجبارها على استيفاء الشروط والأحكام لضمان حقوق جميع الأطراف، إلى جانب أن المؤسسة تسعى إلى إنهاء هذا الملف الذي يتزامن تصحيح الأنظمة العقارية وتطبيق الرهن العقاري الذي سيرفع عدد شركات التقسيط والتمويل.

وأوضح الخبراء أن خيار الاندماج هو الحل الأفضل أمام شركات التقسيط الصغيرة في السوق السعودية، وهذا الأمر يتطلب إجراءات تتعلق بوزارة التجارة مما يستغرق الكثير من الوقت.

وتقدر استثمارات الشركات بأكثر من 200 مليار ريال (53.3 مليار دولار) تعيش فوضى عارمة من ضياع الحقوق وعدم وجود نظام موحد يحفظ توازن القطاع.

وقالت مؤسسة النقد في بيان لها أمس إنها قررت تمديد مهلة تقديم طلبات الحصول على ترخيص بممارسة أنشطة التمويل لكل من البنوك والشركات والمؤسسات العاملة التي تزاول نشاط التمويل في المملكة قبل سريان النظام.

وأوضحت «ساما» أن تمديد فترة تقديم طلبات التراخيص ستكون إلى نهاية العام الحالي.

وتأتي تأكيدات الخبراء تزامنا مع توجه وزارة التجارة السعودية إلى إصدار تنظيم جديد لحماية سوق التقسيط من المخالفات والمشكلات التي تعاني منها، خصوصا في ظل وجود شركات غير مرخصة لتقديم هذا النوع من الخدمات مما أحدث خلافات مالية كبيرة فيما بينها وبين العملاء.

وأوضح فضل البوعينين الخبير الاقتصادي لـ«الشرق الأوسط» أن سوق التقسيط في السعودية تشهد عدم تنظيم بين أطراف العلاقة، خصوصا حقوق المقترضين حيث تقوم الكثير من الشركات بفرض شروط تعجيز لضمان حقوقها تشبه عقود الإذعان، دون النظر إلى حقوق الأول، مشيرا إلى أن السوق بحاجة ماسة إلى إعادة هيكلة تقوم على وضع الأنظمة واللوائح، التي تلزم كل الأطراف لمعالجة الوضع الراهن الذي يفتقر إلى تحقيق الكفاءة فيما يتعلق بالحقوق.

وقال: إن سوق التقسيط توجد بها الكثير من شركات التقسيط المعتبرة بما في ذلك البنوك وشركات تقسيط السيارات، إلا أن هناك الكثير من المكاتب التي تقدم الخدمة وتعتبر خيارا وحيدا أمام من يعاني من خلل في السجل الائتماني ليجد سهولة التعامل معها فهي لا تقيد العميل ولكنها في الوقت ذاته تستغل حاجته وترفع عليه الأسعار.

وطالب البوعينين باندماج المكاتب الصغيرة في شركة واحدة حتى تكون شركات التقسيط من الشركات الموثوق بها وتكون عضوا في شركة المعلومات الائتمانية «سمه»، وهذا الأمر سوف يحقق العدالة في المنافسة ويحفظ المقترضين من رغباتهم الجامحة وأن يكون التنظيم من خلال شروط وضوابط يحقق فيها الكفاءة الإدارية والمالية والتشغيلية.

فيما أوضح الدكتور توفيق السويلم الخبير الاقتصادي أن سوق التقسيط تشهد إقبالا من المواطنين في ظل ارتفاع متطلبات الفرد حيث إن 80 في المائة من الأفراد، هم من أصحاب الدخل المحدود الذي يلجئون إلى شركات التقسيط لتلبية احتياجاتهم، وهذا الأمر دفع إلى ظهور شركات متعددة ومتنوعة تقدم الخدمة، مشيرا إلى أن دمج الشركات الصغيرة، سوف يخدم السوق إلا أن هناك بعض المكاتب خاصة التي تقع في المناطق البعيدة مثل القرى والهجر، قد يصعب دمجها إلا أن فرض نظام موحد سوف يحقق المصلحة للجميع.

وأضاف السويلم أن اندماج شركات التقسيط أو تحولها إلى شركات مساهمة يعتبر مرحلة جيدة لحمايتها، مشيرا إلى أن المرحلة المقبلة، تجعل من قوة شركات التقسيط بالاندماجات وتطوير آلياتها أمرا أساسيا في السير قدما وسط منافسة شرسة قادمة من الداخل والخارج، وعليه فإن تحول شركات التقسيط واندماجها من الإيجابيات الواجب العمل على تحقيقها مستقبلا في هذا المجال.

ويرى الخبراء أن تنظيم شركات التمويل والتقسيط سوف يساهم مساهمة فعالة في تنظيم السوق، وبخاصة أن الكثير من شركات القطاع غير منظمة حاليا، حيث إنها تابعة لوزارة التجارة والتي يعتبر دورها محدودا في عملية التنظيم خاصة مع انتشار المحلات التي تمارس تقسيط الأجهزة الإلكترونية وتقوم بتوفير السيولة للمقترضين، إلا أنها في الوقت ذاته ترفع نسبة الفائدة ففي الوقت الذي تصل فيه نسبة الفائدة في شركات التقسيط الكبرى إلى 9 في المائة تصل النسبة في المكاتب إلى الضعف مع شروط مشددة تفرض على العميل.

وتعتبر البنوك السعودية المنافس الأكبر لشركات التقسيط خاصة فيما يتعلق بشراء الأجهزة الإلكترونية والمنزلية، حيث تصل نسبة المرابحة إلى واحد في المائة، إلا أن التعثر في السداد ووضعهم في القائمة السوداء للمتعثرين في السداد يدفعهم إلى الشركات التي لا تعتد بالسجل.

وتشير الإحصائيات الأخيرة إلى أن الرياض تستحوذ على النصيب الأكبر حيث بلغ عدد الشركات 168 شركة، تليها جدة بنحو 92 شركة، ثم مدينة الدمام بنحو 8 شركات، فيما تستحوذ العقارات والسيارات على النسبة الكبرى في عمليات الإقراض في سوق التقسيط في السعودية الوقت الذي يتفوق فيه الطلب على العرض في هذا القطاع.