وزير المالية المصري: نتشاور مع الإمارات لتحديد حزمة مساعدات جديدة ستقدمها للقاهرة

قال إن بلاده قد تفكر مستقبلا في اتفاق مع صندوق النقد بعدما تقلصت الفجوة التمويلية

البنك المركزي المصري («الشرق الأوسط»)
TT

قال وزير المالية المصري الدكتور أحمد جلال، إن «بلاده تثمن غاليا موقف الإمارات والمملكة العربية السعودية والكويت الداعم لمصر، ليس فقط من خلال المساعدات المالية، ولكن أيضا الدعم المعنوي الذي تقدمه الدول الثلاث»، كاشفا عن إجراء مشاورات مع الإمارات لتحديد مسارات حزمة مساعدات جديدة ستقدمها لمصر.

وأضاف الوزير، أن بلاده لن تتجه إلى خفض الإنفاق أو زيادة الضرائب، مشيرا إلى أن بلاده تعد برنامجا للدعم النقدي للفقراء للتأكد من عدم تأثرهم بأي إجراءات إصلاحية تتخذ في ملف دعم الطاقة.

وتعهدت المملكة العربية السعودية والكويت والإمارات العربية بعد الإطاحة بنظام الرئيس المعزول مرسي، بتقديم مساعدات مادية وعينية قدرها 12 مليار دولار إلى مصر، تلقت مصر منها نحو خمسة مليارات دولار نقديا تم تحويلها إلى البنك المركزي المصري الشهر الماضي.

وعقدت المجموعة الاقتصادية بمجلس الوزراء المصري أول من أمس، لقاء مع وفد إماراتي برئاسة سلطان الجابر وزير الدولة، عرض الوزراء المصريون الكثير من المشروعات والاستثمارات على الجانب الإماراتي، الذي تعهد بدراسة المشروعات وتقديم يد العون.

وأضاف وزير المالية في حديثه مع الصحافيين الأجانب في القاهرة أمس، أن الحكومة الحالية حكومة انتقالية تأسيسية، مهمتها مواجهة التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الراهنة، وفي ذات الوقت تهيئة الأجواء أمام الحكومات التي ستأتي بعدها، مؤكدا أن هناك تطابقا في الرؤية والأهداف بين أعضاء الحكومة الذين يعملون كفريق واحد لإنجاز تلك المهمة التي تحتاج أيضا لمساعدات من الدول الصديقة لمصر.

ولفت جلال إلى أن هناك رؤية اقتصادية تعمل علي وضعها الحكومة حاليا تركز علي ركيزتين أساسيتين؛ الأول الانضباط المالي، والثاني تنشيط الاقتصاد، مع مراعاة العدالة الاجتماعية كعنصر حاكم عند وضع السياسات والبرامج لتحقيق هاتين الركيزتين.

وقال الوزير، إنه «على صعيد تحقيق الانضباط المالي فإن الحكومة حريصة على عدم زيادة العبء الضريبي على المواطنين وعلى الحفاظ على الدعم السلعي، وبالنسبة لتنشيط الاقتصاد نركز على زيادة الطلب الكلي بالتركيز على زيادة الاستثمارات وليس الاستهلاك بما يسهم في تحسين الوضع الاقتصادي على المدى الطويل»، لافتا إلى أن «الحكومة مهتمة، ليس فقط بجذب الاستثمارات، ولكن أيضا بنوعيتها وتوزيعها الجغرافي ومدى توليدها لفرص العمل، حيث نفضل كثيفة العمالة».

وأضاف أن من ضمن الإجراءات التي تنفذها الحكومة لتنشيط الاقتصاد، المسارعة بسداد متأخرات شركات المقاولات لدى الجهات الحكومية لدور قطاع المقاولات في تحريك الاقتصاد وزيادة معدلات نموه.

وأشار إلى أن «هناك اتساقا واضحا في السياستين المالية والنقدية، فكلاهما يستهدف سياسة توسعية لإنعاش الاقتصاد، حيث قام البنك المركزي بتخفيض أسعار الفائدة وهو ما يساند جهودنا لتنشيط الاقتصاد»، لافتا إلى أنه لا خوف من الضغوط التضخمية مع زيادة معدلات نمو الاقتصاد، كما أنه في الوقت الراهن ينمو الاقتصاد بمعدلات أقل من طاقته الكامنة، وبالتالي فلا وجود لضغوط على حركة الأسعار.

وقال إن الحكومة لن تقترب من برامج دعم السلع التموينية، مع استمرار تنفيذ برامج ترشيد دعم الطاقة غير المبرر وغير العادل الذي لا يحقق الأهداف التنموية، وذلك من خلال التركيز على خفض حجم التسرب والتهريب لهذه المواد، لافتا إلى أن خطط الحكومة في هذا الجانب بدأت بالفعل منذ فترة بسيطة من خلال إصدار كروت ذكية لتوزيع السولار والبنزين للحد من التهريب.

وأشار إلى أن الحكومة تعد برنامجا للدعم النقدي للفقراء للتأكد من عدم تأثرهم بأي إجراءات إصلاحية تتخذ في ملف دعم الطاقة، مشيرا إلى أن البرنامج يستهدف تحديد الفئات المستحقة للدعم ومعايير محددة للانضمام للبرنامج من حيث مستويات المعيشة ووضع آليات لقياسها.

وحول إمكانية استئناف المباحثات مع صندوق النقد، أوضح الوزير أن الحكومة مهتمة حاليا أكثر بما يمكن أن تفعله لتنشيط الاقتصاد وكيفية سد فجوة الادخار للوصول إلى معدلات نمو تستوعب الداخلين الجدد في سوق العمل بجانب جزء من البطالة المتراكمة، لافتا إلى أن معدلات الادخار المحلية تدور حول 15% من الدخل القومي، في حين نحتاج لزيادتها إلى نحو 25 أو 27% لتحقيق نمو مرتفع.

وقال إن «الحكومة قد تفكر مستقبلا في اتفاق مع الصندوق من حيث المصداقية التي يمنحها مثل هذا الاتفاق لبرامج الإصلاح الاقتصادي. أما بالنسبة لفجوة التمويل التي كنا نعانيها، فبفضل المساعدات العربية وبرامج الإصلاح واستعادة الثقة بالاقتصاد فقد تقلصت كثيرا».

وردا على تأثير توتر العلاقات مع الاتحاد الأوروبي والتلويح بورقة المساعدات، قال الوزير، إن الاتحاد الأوروبي سوق مهمة لمصر، ليس فقط من حيث حجم التجارة المتبادلة، ولكن أيضا من حيث الاستثمارات وحركة العمالة المتجهة لأسواقه من مصر، لافتا إلى أن «الحكومة حريصة علي علاقاتها مع أوروبا وتحسين علاقاتها مع مختلف دول العالم، ولكن على أساس الندية والاحترام المتبادل، حيث إن مصر ترغب في علاقات طيبة مع جميع دول العالم وتمد يدها للجميع، طالما انحازوا للإرادة الشعبية».