السعودية: عوائد الأسهم تسحب البساط من الاستثمار في القطاع العقاري

وسط تحركات حكومية كبرى لحل أزمة السكن في البلاد

يتابع تحركات الأسهم السعودية («الشرق الأوسط»)
TT

تعيش مرحلة الاستثمار طويل المدى في السوق السعودية خلال الفترة الحالية تغيرات كبرى بحسب مختصين تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أمس، إذ أكد هؤلاء أن الاستثمار في سوق الأسهم بدأ يسحب البساط من الاستثمار في السوق العقارية خلال هذه الأيام، يأتي ذلك في ظل حالة الركود الملحوظة التي تسيطر على السوق العقارية في البلاد.

ولفت هؤلاء إلى أن كثيرا من الشركات المدرجة في سوق الأسهم السعودية توزع أرباحا سنوية تتراوح بين 5 و8 في المائة، وسط أفضلية مطلقة بأن يكون هنالك عائد مجز على رأس المال في الوقت ذاته، خصوصا في ظل بداية دورة جديدة لسوق الأسهم السعودية، انطلقت من مستويات 6800 نقطة مع مطلع العام الجاري.

ولفت هؤلاء خلال حديثهم إلى أن الاستثمار في القطاع العقاري بدأ يشوبه الخطر خلال الفترة الحالية، وتأتي هذه التلميحات في الوقت الذي بدأت فيه وزارة الإسكان في البلاد اتخاذ خطوات فعلية نحو معالجة قضية السكن، في ظل اهتمام كبير من لدن خادم الحرمين الشريفين، الذي أقر أخيرا مشروع «أرض وقرض». وأمام هذه التطورات، ما زال المستثمرون الأفراد منقسمين فعليا حول إمكانية أن يكون هنالك تصحيح قادم لأسعار العقارات من عدمه، إلا أن بعض الخبراء الاقتصاديين تحدثوا في فترات سابقة عن قرب انفجار فقاعة العقارات في البلاد، في ظل حالة كبيرة من الركود بدأت تسيطر على الأسواق المحلية خلال الفترة القريبة الماضية. وفي السياق ذاته، قال فضل البوعينين الخبير الاقتصادي والمالي لـ«الشرق الأوسط» أمس: «يمكنني القول إن العائد الاستثماري في بعض الشركات المدرجة في سوق الأسهم السعودية، بات - فعلا - أكثر أمانا وربحية من الاستثمار في السوق العقارية»، مشيرا إلى أن مستقبل سوق الأسهم بات مغريا لكثير من محافظ المستثمرين الذين يبحثون عن الأسهم وفق انتقاء استثماري طويل الأمد.

وأكد البوعينين أن سوق الأسهم ما زالت في بداية دورة جديدة، وقال إن «الأسهم حتى الآن قريبة من مستويات القاع، في حين أن القطاع العقاري في القمة، ولا يوجد عقب القمة سوى القاع، والعكس صحيح»، مبينا أن ما يميز الاستثمار في سوق الأسهم هو سهولة الحصول على العائد الاستثماري، خصوصا أنه لا يحتاج إلى أدوات تحصيل ديون أو رسوم مفروضة.

وحول انخفاض مؤشر السوق خلال تعاملاتها أمس بأكثر من 90 نقطة، أوضح البوعينين أنه انخفاض طبيعي جدا تحت تأثير عمليات جني الأرباح التي بدأ مؤشر السوق في حصدها بدءا من تعاملات أول من أمس، مبينا أن ارتفاع مؤشر السوق من مستويات 6800 نقطة وصولا إلى 8200 نقطة دون عمليات جني أرباح متكررة، ساهم في الانخفاض الحاد أمس.

من جهة أخرى، أغلقت سوق الأسهم السعودية أمس على تراجع حاد بلغ نحو 75 نقطة، مما نتج عنه نسبة تراجع بلغت 0.93 في المائة، ليغلق المؤشر العام بالتالي عند مستويات 8054 نقطة، وسط سيولة نقدية متداولة بلغت ستة مليارات ريال (1.6 مليار دولار)، وسط استمرار واضح لعمليات جني الأرباح.

وعلى ذات الصعيد، أكد علي الحربي، وهو مسوق عقاري في العاصمة الرياض، أن هنالك تراجعا ملحوظا في أوامر الشراء، وقال إن «هذا التراجع يأتي في ظل تزايد حجم المعروض وإحجام الناس عن الشراء، خصوصا أن هنالك ما يشاع عن قرب انفجار فقاعة العقارات، وأعتقد أن حقيقة هذا الأمر ستتضح خلال الأشهر القليلة المقبلة».

وتأتي هذه التعليقات في الوقت الذي بدأت فيه السعودية إتمام خطواتها الأولى نحو تفعيل مشروع «أرض وقرض»، لحل أزمة الإسكان التي يعاني منها معظم المواطنين في البلاد، جاء ذلك عندما وقع وزير الإسكان الدكتور شويش الضويحي بالرياض الأسبوع الماضي ثمانية عقود بقيمة أربعة مليارات ريال لتطوير مخططات أراض مساحتها الإجمالية 26 مليون متر مربع في مواقع عدة.

وستعمل هذه العقود المبرمة على توفير أراض مطورة في عدد من المدن تستوعب ربع مليون مواطن، وهي خطوات تتم تنفيذا لأمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بتوفير أراض مطورة وتقديم قروض للمواطنين للبناء عليها، على أن تكون وزارة الإسكان هي الجهة المسؤولة عن تنفيذ هذه الخطوة. بينما كانت هيئة السوق المالية السعودية قد أكدت الشهر الماضي أن المتعاملين والمستثمرين في السوق المالية المحلية في البلاد، يحق لهم التقدم بشكوى رسمية في حال تعرضهم لأي عمليات غش أو تدليس أو تلاعب، أو حتى ممارسات غير عادلة أثناء تعاملهم في السوق المحلية، وهو أمر يدل على زيادة معدلات الشفافية والإفصاح.

وتنوي هيئة السوق بحسب معلومات خاصة حصلت عليها «الشرق الأوسط» حينها، فتح المجال بصورة أكبر للمستثمرين الأفراد في التقدم بالشكاوى، وبالتالي معاقبة المخالفين، وسط مؤشرات واضحة تدل على أن هيئة السوق بإدارتها الجديدة تنوي عدم الخوض بشكل كبير جدا في الممارسات اليومية أثناء التعاملات، إلا أنها ستتدخل في حال وجود مخالفات صريحة تضر بمصالح المتعاملين وأموالهم.

وأشارت هيئة السوق في بيان صحافي سابق إلى حق المتعاملين والمستثمرين في السوق المالية في التقدم بشكوى إلى الهيئة في حال تعرضهم للغش أو التدليس أو التلاعب أو الممارسات غير العادلة أثناء تعاملاتهم في السوق المالية، أو في حال نشوء خلافات مع الأشخاص المرخص لهم في ما يتعلق بفتح الحسابات أو إدارة المحافظ أو صناديق الاستثمار وغيرها، وقالت إنه «يتم النظر في هذه الشكاوى ودراستها ومتابعتها وإجراء التحقيقات اللازمة للتثبت من صحتها قبل الشروع في اتخاذ الخطوات اللاحقة وفقا للشكوى»، موضحة أن هناك شكاوى تختص بها السوق المالية السعودية (تداول).