«إيجار» يتوعد ملاك قطاع التأجير العقاري في السعودية بخفض الأسعار

يطبق العام المقبل عن طريق وزارة الإسكان

TT

أصداء إيجابية وتفاؤل يسود بين الباحثين عن مسكن عقب كشف وزارة الإسكان السعودية نيتها إطلاق مشروع «إيجار»، الذي تعكف الوزارة حاليا على إعداده من أجل طرحه للتعامل مطلع العام المقبل، الأمر الذي يجعله مرشحا لأن يتصدر القرارات الحكومية الإسكانية الأكثر تأثيرا، خصوصا أنه يتعلق بفرع التأجير الذي يعتمد عليه أكثر من نصف السكان المحليين، إضافة إلى أنه سينظم السوق من جديد ويهذبها بالشكل الذي يليق بدولة اقتصادية صاعدة كالسعودية.

وأكد عدد من المستثمرين العقاريين أن إقرار المشروع من شأنه أن يدفع بأسعار التأجير إلى الانخفاض بنسبة لا تقل عن 25 في المائة، نظرا إلى توفيره قاعدة بيانات شاملة توفر خيارات أوسع ومحددة للمستفيدين من المشروع، كما أنه سيوفر الوقت والجهد على الباحثين عن المساكن المناسبة، إضافة إلى أنه سيقضي في الوقت ذاته على التلاعب بالأسعار، مما يجعل المشروع حجر عثرة تعترض من يستغل ارتفاع الطلب من أجل رفع الأسعار.

وأكد محمد السعيدان، وهو مستثمر عقاري، أن السوق السعودية بحاجة ماسة إلى مثل هذه القرارات لتنظيم أدائها الذي طالما عانى من العشوائية، وقال: «(إيجار) سيقوم بإعادة تهذيب القطاع من جديد، خصوصا أن السوق حجمها كبير ومترامية الأطراف وتفتقر بشدة إلى هيكلة واضحة في نظامها الأساسي، الذي يسير حاليا بتخبط وعشوائية لا يتناسبان مع حجم السوق الكبيرة التي يفترض أن تكون مرتبة ومتناسقة»، لافتا إلى أن إقرار مشروع «تأجير» خطوة متأخرة كان من الواجب تطبيقها منذ سنوات طويلة.

وأضاف: «من المميزات التي ستنعكس بشكل مباشر فور تطبيق القرار انخفاض أسعار التأجير بدرجة كبيرة تصل إلى 25 في المائة كأدنى تقدير، نظرا إلى أن السوق ستكون مكشوفة للجميع والأسعار ستكون محددة»، واقترح السعيدان أن يستحدثوا برنامجا مصاحبا لمشروع «إيجار» ويطلق عليه اسم «الراصد»، من أجل رصد التغيرات في الأسعار، وخصوصا عمليات الارتفاع ومعاقبة المتسببين في ذلك، مبينا أن البعض يرفع الأسعار دون أدنى سبب، مما جعلهم أساس مشكلة غلاء العقارات في البلاد.

وكانت وزارة الإسكان السعودية قد كشفت عن مشروع «إيجار» الذي من المتوقع انطلاقه بشكل رسمي العام المقبل، ومن المتوقع أن يكون ذا دور محوري، تنظيميا وتقنيا، بين صاحب الإيجار والمستأجر، وذلك من خلال منصة عرض إلكترونية تشارك فيها شركة معلوماتية ضخمة توفر العرض للعقارات المعدة للإيجار، ويعرض المالك من خلالها لدى الوسيط والمكتب العقاري الوحدات السكنية المعروضة للإيجار، بطريقة تقنية تعرض كل مميزات الوحدة السكنية، وما يتعلق بها، ليطلع عليها المواطن الراغب في الإيجار.

وفي هذا السياق أبان ياسر المريشد الخبير العقاري، أن «إيجار» الذي يعتمد على قاعدة بيانات هائلة لن ينعكس على انخفاض في الأسعار وحسب، بل إنه سيكون موفرا للجهد والوقت عند الرغبة في الحصول على منزل بقصد الإيجار، وقال: «سيستطيع المواطن من خلال المشروع التنقل بين عشرات المنازل ومشاهدة العروض وهو في مكان واحد، مما يعني أن المشروع سيكون ذا طابع سهل يمكِّن عملاءه من قضاء حاجاتهم بأكبر قدر من الخيارات وبعروض مختلفة»، متوقعا «أن ينال المشروع إعجاب المواطنين الذين سيختصرون مسافة كبيرة عند الرغبة في الحصول على منزل مناسب».

وحول دور المشروع في إيقاف التلاعب بالأسعار، أكد المريشد أنه سيكون حجر عثرة في وجه من وصفهم بالمتلاعبين بالأسعار، مضيفا: «من الصعب أن تقوم برفع الأسعار عند وجود آلاف المنافسين الذين يعرضون عقاراتهم بأسعار منخفضة من أجل الظفر بالعملاء»، لافتا إلى أنه سيقلص بشكل كبير من عمليات المزايدة في أسعار المساكن، وهي المشكلة التي سيحلها «إيجار» الذي سيكون دافعا إلى التخوف من رفع الأسعار خشية فقد العملاء واتجاههم نحو عارضين آخرين.

وفي صلب الموضوع، اقترح إبراهيم العبيد الذي يمتلك مؤسسته الاستشارية المتخصصة في قطاع العقارات، أن يكون تسعير الوحدات عن طريق معايير ومحددات تفرضها وزارة الإسكان للحد من رفع الأسعار، وتكون المعايير مختلفة حول مكان العقار ومساحته وعمره وقربه من الخدمات الحكومية، حيث يكون مشابها للتصنيف الذي وضعته الهيئة العامة للسياحة والآثار في تصنيف أسعار الفنادق، وهو القرار الذي نظم عملها ودفع تلك الفنادق إلى وضع أسعار أقل من التي فرضتها عليهم الهيئة من أجل كسب العملاء، وهو ما يحتاجه بالفعل القطاع العقاري.

وزاد أن مشكلة انفلات الأسعار تكمن في عدم تحديد الحكومة سقف أسعار معينا يكون وضع السعر بموجب مميزات العقار، مبينا أن الإنسان بصفته البشرية يطمع في الحصول على الفائدة الكبرى، وهو ما يطبقه بعض تجار العقار، إلا أن الوضع الحالي للأسعار وارتفاعها يستوجبان تدخلا حكوميا من أجل تحديد سقف أعلى وأدنى للأسعار، يكون ملزما للجميع ويكفل للتجار الربح وللمستأجرين الحقوق.

وتهدف وزارة الإسكان من خلال شبكة خدمات «الإيجار» إلى تكوين البيئة النظامية والتشغيلية اللازمة لعمل المنظومة بالتعاون مع شركائها من الجهات الحكومية والخاصة ذات العلاقة، لتوفر للمواطنين رزمة من التسهيلات اختصرتها بمسمى «إيجار»، الذي يكفل للمواطنين البحث عن أفضل المساكن بأقل الأسعار الممكنة.