ثاني أكبر اقتصاد أوروبي حصل على فرصة عامين لمعالجة العجز في الموازنة

رسالة طمأنة من باريس إلى بروكسل بشأن موازنة فرنسا وتحقيق إصلاحات

TT

سعت الحكومة الفرنسية إلى تطمين المفوضية الأوروبية ببروكسل، بشأن خطوات باريس على الطريق الصحيح في ما يتعلق بموازنتها وخفض العجز وتحقيق الإصلاحات سواء في سوق العمل أو غيرها من الإصلاحات الهيكلية الضرورية.

وخلال محادثات أجراها وزير المالية الفرنسي بيار موسكوفيسي في مقر الجهاز التنفيذي للاتحاد الأوروبي ببروكسل، نقل الوزير رسالة إلى المسؤولين الأوروبيين مفادها أن فرنسا سائرة على الخط الصحيح في ما يخص وضع ميزانيتها للعام المقبل، حيث ستعمد إلى توفير ثمانية عشر مليار يورو. وأعلن من بروكسل أن «فرنسا قامت بإصلاحات مهمة في سوق العمل لم تشهدها طوال أربعين عاما، وخفضت عجزها العام، وأنها ستعمل من الآن فصاعدا لأجل توفير الأمور الأساسية من خلال الاقتصاد».

وكانت بروكسل قد منحت فرنسا سنتين إضافيتين من أجل التخلص من العجز في ميزانيتها، وتأمل الحكومة الفرنسية أن تتمكن بعد عام من الآن من أن تجعل العجز لا يتخطى الثلاثة في المائة. ومن وجهة نظر البعض من المراقبين والمحللين في عاصمة أوروبا الموحدة فإن رسالة الوزير كانت موجهة إلى الفرنسيين بقدر ما هي موجهة إلى بروكسل، حيث إن الفرنسيين مستاؤون من الارتفاع الضرائبي في بلادهم. ويقول البعض من المراقبين إنه لأجل جني عشرين مليار يورو هذا العام بلغت الضرائب الفرنسية ستة وأربعين في المائة من قيمة الدخل العام لهذه السنة. وعلى الرغم من الوعود التي قطعها الرئيس الفرنسي فإن هنالك استمرارا في ارتفاع الضرائب، بينما شعبية الرئيس تتدنى، والحكومة الفرنسية تؤكد أن الإصلاحات المالية والاقتصادية ضرورية وليست مفروضة بالضرورة من قبل بروكسل.

وسبق أن كشفت الحكومة الفرنسية عن ميزانية عام 2014 التي لا تزال تركز على زيادة في الضرائب. والميزانية تشمل رفع الضرائب بنحو ثلاثة مليارات يورو من 15 إلى 18 مليار يورو، تتحمل الأسر العبء الأكبر منها مع زيادة ضريبة القيمة المضافة اعتبارا من بداية العام المقبل. وفي الوقت ذاته، فإن تكاليف خدمة الدين سترتفع إلى 46.7 مليار يورو من 45 مليار يورو في عام 2013، بينما تتوقع الحكومة نموا بنسبة 0.9 في المائة العام المقبل. وهو ما وصفته وزارة الاقتصاد بأنه تقديرات «حذرة» وقريبة من الـ0.8 في المائة التي يجمع عليها خبراء الاقتصاد في فرنسا. وقال وزير المالية الفرنسي «هذه الميزانية هي ميزانية توجه كل سياساتها التي تتماشى مع جميع الاتجاهات في اتجاه فرنسا أكثر قدرة على المنافسة، فرنسا التي تحاول خلق فرص للشغل، فرنسا أكثر ابتكارا، وهي ميزانية كذلك مع تغيير في التوازن».

يأتي هذا في الوقت الذي تشهد فيه نسب البطالة زيادة متواصلة منذ أشهر طويلة. وسبق أن أعلنت وزارة العمل الفرنسية أن هناك ارتفاعا طفيفا في معدلات البطالة. وشهدت سوق العمل في فرنسا تراجعا بعد إلغاء 8300 وظيفة في الأشهر الثلاثة الماضية، مما يظهر بحسب المحللين أن نسبة البطالة لن تتراجع بحلول نهاية العام كما تعهدت به الحكومة.

ويعتبر الاقتصاد الفرنسي أحد الأعمدة الرئيسة، ليس فقط في منطقة اليورو التي تتعامل بالعملة الأوروبية الموحدة وتعاني مما يعرف بأزمة الديون السيادية، بل في التكتل الأوروبي الموحد بشكل إجمالي. وخلال الشهر الماضي وفي إشارة ربما تبدو تحذيرية وقوية، من وجهة نظر العديد من المحللين هنا في بروكسل، حث صندوق النقد الدولي الحكومة الفرنسية على إبطاء وتيرة الحد من العجز وتسريع الإصلاحات الهيكلية العام المقبل. وحافظ الصندوق في مراجعة دورية للاقتصاد البالغ حجمه تريليوني يورو، على توقعاته بالانكماش بنسبة 0.2 في المائة سنويا من الناتج القومي.