حكم قضائي نهائي في مصر يلغي خصخصة شركة مدرجة بالبورصة

مخاوف من تأثيره على مناخ الاستثمار

TT

أربك حكم قضائي نهائي، بإلغاء خصخصة إحدى الشركات المدرجة بالبورصة المصرية، حسابات المتعاملين في سوق المال وسط غموض بشأن آليات تنفيذه ومخاوف من أن يكون الحكم بابا لإلغاء خصخصة شركات جرى بيعها بنفس الطريقة خلال العقدين الأخيرين.

وأصدرت المحكمة الإدارية العليا، حكما نهائيا أمس، بإلغاء قرار الجمعية العامة غير العادية لشركة «النيل لحلج الأقطان» بالموافقة على بيع ما يزيد على 50% من أسهم الشركة في البورصة، ورفض الطعون المقامة من الحكومة على حكم أول درجة ببطلان بيع أسهم الشركة.

ويضاف هذا الحكم إلى سلسلة أحكام صدرت بإلغاء خصخصة شركات أخرى، لكنها غير مدرجة بالبورصة. ويقول محللون ومستثمرون إن تلك الأحكام تؤثر بشدة على مناخ الأعمال في البلاد التي تسعى جاهدة إلى جذب استثمارات محلية وأجنبية لدعم اقتصاد البلاد.

وأوقفت البورصة التداول على أسهم الشركة منذ 28 ديسمبر (كانون الأول) 2011. بعدما صدر حكم أولي بإلغاء خصخصة الشركة التي جرت عام 1998. وقال محللون إن الأزمة الرئيسية التي ستواجه تنفيذ هذا الحكم هو آلية استرداد الشركة، خاصة أن أسهمها موزعة على الكثير من المستثمرين، وليست ملك شخص واحد.

ومن المقرر أن يعقد مجلس إدارة الشركة اجتماعا مع وزارة الاستثمار لبحث آليات تنفيذ الحكم، وتعويض المستثمرين.

ويقول إيهاب سعيد رئيس قسم البحوث بشركة «أصول» لتداول الأوراق المالية، إن الحكم شكل صدمة كبيرة لحاملي أسهم الشركة بصفة خاصة، وللمتعاملين في البورصة بصفة عامة.

وتابع: «هناك شبه استحالة في تنفيذ الحكم.. فالسهم الآن ليس ملكا لشخص بعينه وإنما الملكية أصبحت موزعة على الكثير من المستثمرين، بالإضافة إلى أن حكم المحكمة الإدارية العليا نص على بطلان خصخصة الشركة بما قد ترتب على ذلك من آثار، وهذا يعني أن على الحكومة الآن أن تعيد كافة الموظفين والعمال الذين أنهيت خدمتهم من قبل إدارة الشركة، الأمر الذي قد يشكل عبئا إضافيا على الحكومة.

وأشار إلى ما سماه الإجحاف الذي سيلحق بالمشتري جراء استرداد ما دفعه عام 1998 في مقابل الشركة، معتبرا أنه من غير المنطقي أن تقيم أصولا عام 2013 بأسعار عام 1998. ولجأ بعض المستثمرين إلى التحكيم الدولي للحصول على تعويض بعدما صدرت أحكام قضائية مماثلة باسترداد شركات جرى خصخصتها، وهو ما أثر سلبيا على مناخ الاستثمار في البلاد.

يقول سعيد: علمت أنه لا يوجد بند في العقد يتيح اللجوء للتحكيم الدولي، مما يخفف نسبيا من وطأة الكارثة التي حدثت في حكم سابق بإعادة ثلاث شركات لقطاع الأعمال، والذي صوره الإعلام الغربي في حينها على أن مصر قد عادت إلى عهد التأميم، وهو الأمر الذي سيضاعف من المسافة بين الاستثمارات الأجنبية والسوق المصرية المتعطشة لتلك الاستثمارات.

ويتخوف سعيد من أن يصبح الحكم قرينة لإلغاء عقود مماثلة بيعت بها شركات أخرى، ويرى أنه يتوجب على الحكومة المصرية إيجاد تشريع ينص على عدم جواز رفع الدعاوى القضائية فيما يتعلق بقضايا الصالح العام سوى من قبل هيئات محددة أو الملاك أنفسهم، وليس من غير ذي صفة.

وقضت المحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة أول من أمس أيضا ببطلان عقد خصخصة وبيع شركة «طنطا للكتان» للمستثمر السعودي عبد الإله الكعكي، وكان أشهر الأحكام ببطلان عمليات بيع ممتلكات الدولة إلغاء عملية خصخصة متاجر عمر أفندي لشركة «أموال» السعودية، إلى جانب استرداد أرض بمنطقة توشكى مملوكة لإحدى شركات الأمير السعودي الوليد بن طلال.

ويرهن مستثمرون ضخ أموال جديدة في مصر بحل مشاكل الاستثمار القائمة وعلى رأسها إلغاء خصخصة الشركات، هذا إلى جانب استقرار الأوضاع السياسية في البلاد.

وتقول الحكومة إنها تحتاج إلى جذب استثمارات أجنبية لتضخ في صورة استثمارات، وتراجعت الاستثمارات الأجنبية في مصر منذ اندلاع ثورة 25 يناير (كانون الثاني) قبل ما يزيد عن عامين ونصف العام، فبعد أن بلغت نحو 6.7 مليار دولار في 2009 - 2010. وصل متوسط تلك الاستثمارات خلال العامين قبل الماضيين (2010 - 2011 - 2011 - 2012) إلى ملياري دولار لكل عام، وبلغت تلك الاستثمارات خلال العام المالي الماضي نحو ثلاثة مليارات دولار وذلك وفقا لبيانات البنك المركزي المصري، وأغلب تلك الاستثمارات في قطاع البترول.