اهتمام دولي بخطة طرح أسهم «تويتر» للاكتتاب العام الأولي

إندونيسيا أكثر الأسواق النشطة على شبكة التواصل الاجتماعي بعد أميركا

موقع «تويتر» ينتهي من التفاصيل الأخيرة لجمع مليار دولار من خلال طرح أسهمه في السوق (رويترز)
TT

قد تكون لـ«تويتر» أصول أميركية، لكن شبكة خدمات التواصل الاجتماعي تعد بحق ظاهرة دولية، وفقا لما أظهره ملف طلبها لطرح أسهمها للاكتتاب العام الأولي. وتقوم الشبكة كذلك بالتمويل لعملية النمو في الخارج بهدف دعم توسعاتها المستمرة.

وأوضح ملف الشركة الذي جرى تقديمه إلى لجنة الأوراق المالية والبورصة يوم الخميس الماضي أن أكثر من 77 في المائة من مستخدمي الشبكة، الذين يصل متوسط عددهم إلى 218 مليون مستخدم شهريا، كانوا من خارج الولايات المتحدة الأميركية خلال الربع الثاني من السنة.

ووفقا للمستندات الخاصة بملف «تويتر»، الذي يعد من أكثر العمليات المتوقع تحقيقها أعلى نسبة بيع منذ طرح «فيس بوك» في الاكتتاب العام خلال العام الماضي، فقد أوضحت الشركة أنها كانت تستهدف الأرجنتين وفرنسا واليابان وروسيا والسعودية وجنوب أفريقيا لتحقيق نمو أسرع مما يجري في الولايات المتحدة.

وكشفت الشركة النقاب أيضا في أول نشرة إعلانية تمهيدية، التي تعد أول فحص للسلامة المالية لـ«تويتر» بعد إعلانها الشهر الماضي نيتها طرح أسهمها في الاكتتاب، أن عائداتها الإعلانية من المستخدمين الأميركيين تجاوزت بشكل أكبر المستخدمين الأجانب.

وقال زاتشاري ريس ديفيز، محلل بمؤسسة «فورستر»، إن الشبكة الاجتماعية ستحتاج في نهاية الأمر إلى إظهار كيفية تطويرها جهودها الإعلانية العالمية وجعل عروضها أكثر تطورا.

وأردف ديفيز قائلا: «لقد أبلى («تويتر») بلاء حسنا في عملية تطوير قاعدة مستخدميه الدوليين، ولكن يجب عليه الآن العمل مع المسوقين لخلق تجارب إعلانية تصب في مصلحة مستخدميه الدوليين والمسوقين».

وربما يكون من المدهش أن أكثر الأسواق النشطة لـ«تويتر» بعد الولايات المتحدة الأميركية هي السوق الإندونيسية، حسبما ذكرت شركة «سيميوكاست»، وهي شركة فرنسية متخصصة في الأبحاث السوقية. وبالنسبة للأماكن الأخرى في قارة آسيا، كانت اليابان والهند أيضا من الأسواق النشطة لـ«تويتر».. ففي الهند، ينتشر استخدام «تويتر» على نطاق واسع من قبل نجوم «بوليوود» مثل أميتاب باتشان الذي يصل عدد متابعيه على هذه الخدمة إلى 6.5 مليون شخص.

وعلى الرغم من ذلك، فإن العملاق التكنولوجي الصاعد يواجه سلسلة من التحديات الفنية لتحويل اهتمامات مستخدميه إلى أموال تتنوع بين اتصالات متقطعة بالإنترنت، ووجود حظر حكومي على الخدمة، وعدد المنافسين الذي يتزايد بشكل كبير.

تعتبر منصة «تويتر» ذات لغة أغنوستية، مما يعني عدم وجود أي عائق يمنع الشخص من نشر رسائله بما يصل إلى 140 حرفا باللغة السواحيلية أو العربية أو الفرنسية أو - تحقيقا لهذا الغرض - اللغة الكلينجونية أو اللاتينية. وعلاوة على ذلك، فإن استخدام الحروف باللغة اليابانية والصينية - على سبيل المثال - يعني أن المستخدم بإمكانه التعبير عن العديد من المعاني في تغريدة واحدة أكثر مما هي عليه الحال في اللغة الإنجليزية.

ويقول المحللون إن استخدامات شبكات التواصل الاجتماعي، التي تتراوح بين مشاركة ونشر أفكار عادية في العروض التلفزيونية المحلية والرياضة وتنظيم الاحتجاجات الاجتماعية والتجمعات السياسية، قد لعبت دورا رئيسا في تبني تلك الأمور في كل من الدول الناشئة والمتقدمة.

وأعربت «تويتر» في ملفها عن اعتزامها «الاستمرار في زيادة ‏ تسييل برنامجها» عن طريق تحسين قدرتها على تمييز المستخدمين بالتغريدات «المشجعة» أو الإعلانات، بالإضافة إلى تحقيق ذلك من خلال التوسع للوصول إلى متعهدي الإعلانات الدوليين. كما ذكرت الشركة في الملف أن 75 في المائة من مستخدميها دخلوا الخدمة عن طريق الأجهزة الجوالة أثناء الربع الثاني من العام، وأن نسبة 65 من عائداتها تأتي من إعلانات الجوال.

ولكن لا يزال العديد من المستخدمين في الأسواق الناشئة يستخدمون هواتف منخفضة التكلفة التي تكون غير مصممة للاستفادة من عروض الجوال الخاصة بـ«تويتر»، مما يعني أن قاعدة عملائها الخارجيين ستعتمد جزئيا على الاختراق المستمر للهواتف الذكية الأكثر تطورا. ومن المحتمل أيضا أن تضطر الشركة إلى زيادة قوتها العمالية العالمية، حيث يبدو أن هذا الأمر سيعمل على زيادة بيع الإعلانات في المناطق التي تتسم بتعدد اللغات والثقافات.

«ستحتاج (تويتر) إلى أشخاص على أرض الواقع لبناء علاقات»، حسبما صرح إيد بارتون، مدير القسم الاستشاري بشركة «استراتيجي أنالايتكس» في لندن.

وستواجه «تويتر» أيضا تحديات بشأن التوسع في الدول التي تتولى مقاليد السلطة فيها حكومات مستبدة. وورد في ملف «تويتر»، الذي جرى تقديمه إلى لجنة الأوراق المالية والبورصة: «إننا نتوقع مواجهة تحديات من أجل الدخول إلى بعض الأسواق، مثل الصين، التي يمنع الوصول فيها إلى (تويتر). وينطبق الشيء نفسه على دول أخرى معينة تفرض قيودا بشكل متقطع على الوصول والنفاذ إلى (تويتر)». وستبقى هذه القيود بمثابة مخاطرة في المستقبل، حسبما أشار الملف.

المشكلات التي تواجه «تويتر» في الصين يشاركه فيها العديد من مواقع الخدمات الأخرى مثل «فيس بوك» و«يوتيوب»، وليست هناك دلائل قوية على إمكانية تغير هذه الأمور في القريب العاجل.

وتتحفظ السلطات في بكين على احتمالية استخدام وسائل الإعلام الاجتماعية لحشد وتوحيد المعارضة ضد الحكومة. وعلاوة على ذلك، فلقد قامت السلطات بتقييد وسائل الإعلام الاجتماعية على نطاق واسع بالنسبة للمنظمات التي تتخذ من الصين مقرا لها، مثل موقع «ميكرو بلوجينيج» وموقع «ويبو» اللذين انخرطا في رقابة ذاتية موسعة.

كما تواجه «تويتر» أيضا منافسه من الشركات الأخرى نتيجة تحول مئات الملايين من مستخدمي الإنترنت - وأغلبهم من قارة آسيا - إلى استخدام خدمات الرسائل المعتمدة على الهواتف الذكية، مثل خدمات «لاين ووي تشات» و«واتس أب» و«كاكاو توك» التي توفر إجراء مكالمات هاتفية مجانية وكذلك خدمات الدردشة. وفي حين أن هذه الخدمات تتسم بالخصوصية، وأن معظم التعليقات الخاصة بـ«تويتر» تكون عامة، يستخدم بعض الأشخاص تلك الخدمات بطرق مماثلة للتواصل مع مجموعات من الأصدقاء.

ويقول المحللون إن الإعلان على «تويتر»، الذي لا يزال غير متطور نسبيا حتى في الولايات المتحدة الأميركية والأسواق الغربية الأخرى، يعتبر في مرحلة المهد في قارة آسيا.

«إنه مجال يشتمل على العديد من الأمور التنافسية والتنظيمية والرصد»، وفقا لما ذكرته نيها داريا، محللة في شركة الأبحاث (أفيوم). «أعتقد أنه لا يزال أمامهم طريق طويل جدا في ضوء عملية سك النقود الخاصة بقاعدة المستخدم. وفي ظل وجود ذلك الأمر، هناك أيضا احتمالية كبيرة للغاية لتحقيق الإنجاز».

وفي الوقت الذي زادت فيه الاهتمامات في الولايات المتحدة الأميركية بشأن الوكالات الأمنية التي يحتمل تتبعها أنشطة الأفراد على «تويتر»، يقول المحللون إن الأصول الأميركية للشركة تمنحها المصداقية مع بعض المستخدمين الدوليين، خاصة المدنيين في الدول المستبدة. ويقول بارتون إن «بعض الأشخاص خارج الولايات المتحدة الأميركية يرون موقع (تويتر) على أنه إيجابي».

* خدمة «نيويورك تايمز»