رولا معايعة: لدينا ضمانات لحماية الاستثمارات وتشجيع تدفق رؤوس الأموال

وزيرة السياحة الفلسطينية بحثت مع الأمير سلطان بن سلمان آلية تنشيط السياحة العربية في بلدها

رولا معايعة وزيرة السياحة والآثار في فلسطين التي استقبلها الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار بمكتبه في جدة وبحضور الدكتور بندر بن فهد آل فهيد رئيس المنظمة العربية للسياحة («الشرق الأوسط»)
TT

أوضحت رولا معايعة، وزيرة السياحة والآثار في فلسطين، لـ«الشرق الأوسط» أن الاحتلال الإسرائيلي أثر بشكل كبير على السياحة في بلادها، وتسبب في منع رؤوس الأموال من التدفق، ودعت الدول العربية إلى تشجيع مواطنيها للقدوم إلى فلسطين بغرض السياحة أو الاستثمار لدعم ومساندة الشعب الفلسطيني وتنمية اقتصاده، وطمأنت المستثمرين بوجود برامج وآليات تشجيعية لاستثماراتهم ووثيقة تأمين تحمي مشاريعهم وتضمن سيرها، من شأنها تعويضهم في حال التعثر أو الاعتداء.

وكان الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز، رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، قد التقى أخيرا بمكتبه في جدة الوزيرة الفلسطينية والوفد المرافق لها بحضور الدكتور بندر بن فهد آل فهيد، رئيس المنظمة العربية للسياحة، واستعرض اللقاء العلاقات الثنائية المتميزة بين البلدين وتبادل الخبرات، وخاصة في مجال الآثار والتراث، كما بحثا الخطط والاستراتيجيات والتعاون ما بين المنظمة العربية للسياحة ووزارة السياحة والآثار بدولة فلسطين.

وأكدت معايعة في حوار مع «الشرق الأوسط» رغبة وزارتها في التصدي لكل المخاوف التي تنتاب المستثمرين العرب من خلال وضع ضمانات تحمي الاستثمارات وتغطي المخاطر المتعلقة بالاضطرابات السياسية وعدم الإيفاء بالعقود، لتشجيع تدفق رؤوس أموال الدول العربية في ظل أي ظرف طارئ، وفيما يلي نص الحوار:

* ما سبب زيارتكم للسعودية، وهل هي الأولى من نوعها؟

- هذه الزيارة الأولى لي كوزيرة سياحة في فلسطين إلى السعودية، وجئت هنا من أجل بحث التعاون المشترك بين منظمة السياحة العربية ودولة فلسطين، لفتح مجال الاستثمار في السياحة داخل فلسطين وتقديم ضمانات للمستثمرين، بهدف تشجيع الاستثمار والسياحة البينية، والسياحة من أهم مصادر الدخل القومي، وفلسطين تتمتع بمقومات تمكنها من أن تكون دولة سياحية تنافس الكثير من دول العالم.

وأيضا هناك فكرة أخرى ناقشناها مع بنك التنمية الإسلامي لإنشاء صندوق مكافحة الفقر لدعم الاستثمارات في المجال السياحي، كما تحدثنا أيضا عن فكرة إنشاء أكاديمية للتدريب السياحي للرفع والارتقاء بمستوى الخدمة في المجال السياحي، وبرنامج لترميم وإعادة تأهيل المواقع الأثرية.

* كيف تستطيعون تأمين السياحة والترويج لها في ظل الاحتلال الإسرائيلي؟

- بالطبع، أثر الاحتلال الصهيوني على نشاط السياحة في فلسطين، وأحدث حالة تخوف للمستثمرين للقدوم برؤوس أموالهم واستثمارها في مشاريع، إلا أننا ومن خلال التعاون المشترك ما بين المنظمة العربية للسياحة والبنك الإسلامي للتنمية في ما يتعلق ببوالص ضمان الاستثمار التي تغطي المخاطر المتعلقة بالاضطرابات السياسية وعدم الإيفاء بالعقود نعمل على تشجيع تدفق رؤوس أموال الدول العربية في ظل أي ظرف طارئ، ونحاول من خلال مشاركتنا في المعارض الدولية وزيارة الكثير من الدول العربية ترويج السياحة في فلسطين واستقطاب وطمأنة السياح والمستثمرين.

* تطوير السياحة في الأراضي المقدسة لا يجري من دون زيارة بيت لحم، وعمليات التفتيش التي يخضع لها السياح تعد تجربة قاسية، كيف تتعاملون مع هذا الموقف؟

- الاحتلال يعد عائقا أمام السياحة الفلسطينية، ومن خلال ذلك يحقق مصالحه، فالسائح عندما يأتي إلى فلسطين يريد الإسرائيلي أن يستفيد منه قدر المستطاع ويترك الشيء القليل لفلسطين، وهناك نوعا ما بعض التسهيلات للسائح للمصلحة الإسرائيلية وليس الفلسطينية بالطبع، ورغم أن عمليات التفتيش والإعاقات والتأخيرات التي يواجهها السائح الأجنبي مزعجة، فإنها أفضل كثيرا مما يواجهه الفلسطيني.

* كيف تتعاملون مع وزارة السياحة الإسرائيلية؟ وهل تقبلون بما يقومون به من تطوير لهذا القطاع من جانبهم؟

- أنا كوزيرة سياحة لا أتواصل ولا أتعامل معهم نهائيا، ولكن توجد لدينا هيئة مختصة للاتصال معهم، ولا نقبل ما يقومون به على الإطلاق، ودائما نقول لهم، إن وزارة السياحة الإسرائيلية عندما تروج للسياحة في مناطق إسرائيلية فهي تروج لفلسطين وكأنها إسرائيل، وهذا الأمر نحتج عليه دوما مع الهيئة المختصة للتعامل مع الجانب الإسرائيلي، ومحاربة الاحتلال لما يقوم به الإسرائيليون هو وجود سياحة عربية مسلمة تحضر لزيارة فلسطين فقط بحيث لا يستفيد منه الإسرائيليون وإنما الفلسطينيون.

* ما تأثير النشاط الاستيطاني على القطاع السياحي في فلسطين؟

- هناك تأثير كبير جدا، فوجود المستوطنات في فلسطين يؤثر على الاستثمارات، فالاستيطان يأكل الأرض ونحن ندعو لاستثمارات فلسطينية وعربية من أجل حماية هذه الأرض من الاستيطان الإسرائيلي.

* هل تجدون دعما من الدول لتنشيط حركة السياحة في فلسطين؟

- هناك دعم، ولكن لا نرى وجودا عربيا في فلسطين، ذكرنا أن الدول العربية جميعها تدعم فلسطين وتبذل جهدا كبيرا من أجل دعم القضية الفلسطينية، ولكن ما زال هناك نقص حاد فيما يخص زيارة فلسطين، وأتمنى أن يكون من كل دولة عربية من يشجع السياحة، سواء كان من الوزارات أو هيئات السياحة، لتشجيع مواطنيها على زيارة فلسطين والأماكن الدينية ودعم السياحة فيها.

* ما الآليات المطروحة تجاه عودة رؤوس الأموال المهاجرة إلى فلسطين؟

- يوجد قانون خاص في فلسطين لتشجيع الاستثمار يعمل على عودة رؤوس الأموال المهاجرة إلى فلسطين، ورغم ذلك فإن الاحتلال الصهيوني حال بين هذا القانون والنمو الاقتصادي والسياحي للدولة، ونحن نؤكد أن وجود استثمارات قوية سيدعم ويشجع السياحة والاقتصاد الذي سيساعد بشكل كبير الفلسطينيين على التشبث والصمود والبقاء في أرضهم.

* كم عدد السياح الذين قدموا للسياحة في هذا العام وكم يتوقع أن يصل إليه العدد في نهاية العام؟

- سجل عدد السياح في الأراضي الفلسطينية بحدود 3.5 مليون سائح في الفترة من يناير (كانون الثاني) حتى أغسطس (آب) من العام الحالي، وارتفعت زيارات الوافدين بنسبة 28 في المائة مقارنة مع ذات الفترة من عام 2011، في حين انخفضت الزيارات المحلية بنسبة 10 في المائة، ونتوقع أن يصل العدد في نهاية 2013 إلى أربعة ملايين سائح.

* ما الرؤية للحفاظ على دوران عجلة السياحة واستمرار حركة الوفود السياحية؟

- نحن على اتصال دائم بالدول في العالم، سواء عن طريق السفارات أو القنصليات، ونحرص على الوجود والاشتراك في المعارض الدولية، ولكن الأزمة المالية التي تمر بها فلسطين عائق أمام مشاركتنا بشكل كبير في المعارض لتسويق السياحة في فلسطين، فنحن نعمل بقدر ما نستطيع ونتمنى أن يكون هناك دعم لنا من كل الجهات من أجل المشاركة بعدد أكبر في هذه المعارض وفتح أسواق جديدة للسائح لكي يصل إلى فلسطين.

* ما الذي يفتقد في القطاع السياحي في البلاد؟

- قطاع السياحة في فلسطين بحاجة إلى التطوير، فنحن لا نستطيع أن نقول نريد عددا كبيرا من السياح في ظل عدم وجود بنية تحتية قادرة على استيعابهم، لذا من الضروري تهيئة البنية التحتية لاستيعاب أعداد كبيرة من خلال زيادة عدد الفنادق والمنتجعات والمطاعم والمحلات التجارية التي تسوق للبضائع اليدوية الفلسطينية.

* كيف تتصدون لعملية تهريب الآثار إلى خارج فلسطين؟

- المشكلة أن فلسطين مقسمة إلى ثلاث مناطق «أ - ب - ج»، ومناطق «ج» لا تزال تحت السيطرة الإسرائيلية، وهذه المناطق بها الكثير من التنقيبات غير الشرعية وعمليات سرقة لممتلكات الثقافية الفلسطينية للقطع الأثرية، والتي يجري تسريبها بأيد إسرائيلية أو للإسرائيليين، ونحاول دائما الحفاظ على هذه الممتلكات عبر التوعية في وسائل الإعلام لنقول للعالم أجمع، إن ما تقوم به إسرائيل مخالف لكل القوانين والأنظمة الدولية، وإن إسرائيل هي دولة احتلال ولا يحق لها بأي حال من الأحوال إجراء عمليات تنقيب وسرقة المقتنيات الأثرية الفلسطينية، ولكن إسرائيل كعادتها تستمر غير آبهة بأي شيء.

* إلى أي مرحلة بلغت التنقيب تحت المسجد الأقصى؟

- هناك أعمال مستمرة لأنفاق وتنقيبات تحت المسجد الأقصى وساحاته تشكل خطورة كبيرة عليه، والأقصى مهدد الآن بالأنفاق وعمليات الحفر الموجودة فيه، وهي في تزايد بشكل يومي، وللأسف نحن لا نستطيع الوصول أو معرفة ما يدور تحت الأرض ولكن التصدعات التي يتعرض لها المسجد الأقصى تبرهن أن عمليات الحفر والتنقيب بلغت إلى مرحلة تشكل خطرا على بنائه، والمستوطنون في الآونة الأخيرة زادت اقتحاماتهم لباحات المسجد الأقصى.

ولم يطل الضرر المسجد الأقصى وساحاته فقط، بل امتد إلى المباني المحيطة به، وللأسف منع الإسرائيليين الوصول إلى أماكن الحفر والتنقيب جعلت من الصعب تحديد ما يحدث بشكل دقيق ونسبة الضرر التي تعرض لها المسجد الأقصى. إن الاحتلال الإسرائيلي يعتدي يوميا على كل شيء في فلسطين، على الأرض والبشر والحجر، والأماكن الأثرية لا تسلم من التخريب.