تأكيدات في القمة الأوروبية على النأي بالعلاقات الاقتصادية مع أميركا عن قضية التجسس

المفوض المكلف بالتجارة أكد أنه لا مساس بمفاوضات التجارة الحرة بين الاتحاد وواشنطن

TT

اختتم قادة دول الاتحاد الأوروبي قمة الخريف ببروكسل. وأظهرت نتائج مناقشات القمة الحرص الأوروبي على المصالح مع الشركاء الاستراتيجيين، وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأميركية، وفي الوقت نفسه العمل على تفادي حدوث أي معضلة تتعلق بالأمور الأمنية والاستخباراتية، وضمان حماية البيانات الشخصية للمواطنين حتى لا ينعكس ذلك سلبيا على صورة المشروع الأوروبي الوحدوي أمام الرأي العام الأوروبي.

وركز زعماء الاتحاد في اليوم الثاني من القمة، الجمعة، على «اعتماد توصيات تتعلق بحفز التنافسية وقطاع الصناعات الرقمية والاتصالات، وإصدار توصية خاصة بدعم الاتحاد البنكي وتعزيز آلية الإشراف على المصارف والربط بين حفز النمو وسوق العمل من جهة وجهود ضبط الحسابات العامة من جهة أخرى».

وعلى صعيد ملف الهجرة، أعلن القادة الأوروبيون التوجه لاتخاذ تدابير محددة حول الملف خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل، وذلك تحت ضغط كل من إيطاليا ومالطا واليونان. ومن المنتظر إقرار ما يعرف بعملية «يوروسيور» لدعم عمل وكالة مراقبة الحدود الأوروبية «فرونتكس»، لتفادي وقوع مآس أخرى على غرار ما حدث للمهاجرين قبالة السواحل الإيطالية مؤخرا.

واختتمت الجمعة أعمال القمة التي ركزت على الاقتصاد الرقمي والابتكار، وتحقيق سوق رقمية موحدة، وما يمكن أن تشكله من دفعة للشركات، وخلق فرص العمل، والنمو، كما جرى تقييم ما تحقق من انتعاش اقتصادي، في ظل بيانات إيجابية من عدة عواصم أوروبية أخيرا، خاصة من إسبانيا وآيرلندا. وفي حضور رئيس المصرف المركزي الأوروبي ماريو دراغي جرى بحث ملف الاتحاد المصرفي. وفي الشأن الأخير، رحب القادة بالتقدم المحرز في هذا الصدد واعتماد آلية رقابة مالية موحدة. وستكون الخطوة المقبلة آلية قرار موحدة حسبما جاء على لسان هيرمان فان رومبوي رئيس مجلس الاتحاد في المؤتمر الصحافي ببروكسل، على هامش القمة التي استغرقت يومين.

وأفادت مصادر أوروبية بأن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون سعى لإلغاء إجراءات روتينية تقول لندن إنها تخنق الشركات الصغيرة، ولكن لم يحصل منهم سوى على التزام مبهم بتخفيف القواعد. وسعى كاميرون - الذي أحضر تقريرا من 60 صفحة ورافقه عدد من رجال الأعمال البارزين - إلى معالجة الشكاوى التي يعبر عنها البريطانيون المشككون في جدوى الاتحاد الأوروبي والذين يقولون إن قواعد الاتحاد تافهة وضارة ومتعجرفة. وقال كاميرون لدى وصوله للمشاركة في اليوم الثاني من قمة الاتحاد الأوروبي «جئت ببعض من أفضل العقول في قطاع الأعمال ببريطانيا إلى هنا في بروكسل لبحث القواعد التي يمكننا تخفيفها». ويمثل تخفيف القواعد أحد الموضوعات الرئيسة في حملة كاميرون الرامية لإقناع الناخبين البريطانيين بأن البقاء في التكتل الذي يضم 28 دولة يقطنها 500 مليون نسمة يصب في مصلحة بريطانيا قبل إجراء استفتاء على استمرار عضويتها بالاتحاد. وتعهد كاميرون بإجراء استفتاء في حال انتخابه لفترة ولاية جديدة في عام 2015، لكن حلفاء بريطانيا - مثل ألمانيا وهولندا اللتين تدافعان عن التجارة الحرة - لا يريدون أن تخرج لندن من الاتحاد.

وأشارت مسودة البيان الختامي إلى تعهد زعماء الاتحاد الأوروبي بدعم المفوضية الأوروبية في جهودها الرامية لتخفيف القوانين غير الضرورية. وأظهرت المسودة أيضا أن الزعماء سيرحبون «بالخطوات التي اتخذتها الدول الأعضاء والاتحاد الأوروبي بهدف تحديد القواعد التي تشكل عبئا ثقيلا بشكل أفضل».

ومن جانبه، أكد المفوض الأوروبي المكلف بشؤون التجارة، كارل دوغيشت، أنه لا مساس بالمفاوضات الجارية حاليا بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية بشأن التوصل إلى اتفاقية تجارة حرة عبر الأطلسي، على الرغم من مشكلة التجسس التي تعكر الأجواء بين الطرفين. وأشار دوغيشت، في تصريحات الجمعة، إلى أن الاتحاد الأوروبي لا يريد أن يؤذي نفسه عبر تعريض هذه المفاوضات للخطر «لكن هذا لا يمنع من وصف التجسس الأميركي على الأوروبيين بالمخجل»، حسب قوله، موضحا أن اتفاق التجارة الحرة، المأمول مع الولايات المتحدة الأميركية، لا يدخل في إطار الصداقة بل في المصالح المشتركة وركز المفوض الأوروبي على ضرورة عقد اتفاقيات وتسويات واضحة بشأن حماية المعطيات والبيانات في المجالات التجارية «ومن هنا ضرورة الحوار مع الأميركيين».