رواد الأعمال و«ميسي»

ماجد العمري

TT

لو طُلب من اللاعب العالمي «بيليه» أو أحد اللاعبين العالميين القُدامى اللعب في مباراة خيرية يلعبونها هذه الأيام فسيكون ركضهم ومهاراتهم مضحكة للمشاهدين، لضعف أدائهم وحركاتهم المشابهة للبطّ العوام، ولا شك أن ابن الوز عوام، ولأن والدي كان أحد رُوّاد الصحافة السعودية في بداياتها عبر صحيفة «القصيم» التي كانت مملوكة لنا قبل أكثر من نصف قرن، ولأنني تمرست الكتابة عبر زاوية في صحيفة «الاقتصادية» وصحيفة «الجزيرة» حتى العام الماضي، فها أنا ذا أطل عليكم من «الشرق الأوسط» إحدى أهم الصحف العربية، وذلك يتطلب مني العودة إلى ممارسة التمارين الكتابية المتعبة للعضلات الذهنية والمعلوماتية الكتابية التي توقفت فأصابها الكسل لعام ونصف.

في عالم المال والأعمال من تعوّد على المشاريع ذات المخاطرة المتدنية والعقود المضمونة الربح متدنية المخاطر والصعوبات سيصاب بالكسل، بلا جديد ولا إبداع ولا مغامرة ولا قيمة مضافة للاقتصاد والمجتمع، فقديما قال آباؤنا «الذكي لا يصبح تاجرا» ويقصدون أن الذي يحسب كل صغيرة وكبيرة دون مخاطرة فلن يربح، فالربح الكبير يكمن في المخاطرة، فالرواد الذين أسسوا قطاع الأعمال على مستوى المملكة والعالم هم الذين صنعوا طريقهم بأيديهم بل صنعوا سوقا لم تكن.

فما هي الكومبيوترات قبل بيل غيتس وستيف جوبز، وما هي المصرفية الإسلامية قبل روادها سعيد لوتاه والمطوع وكامل والراجحي وغيرهم، وما هو الإنترنت بلا «غوغل»، ففي أميركا وفي الهند والكثير من الدول المتقدمة والآسيوية «صناديق رأس المال الجريء» أو ما يسمى «venture capital» التي تطلقها الحكومات وبعض البنوك والمؤسسات المالية بحيث تبحث عن الشباب المبدعين المغامرين أصحاب الأفكار الإبداعية المتميزة والخارجة عن المألوف، والتي تتسم بالصفات القابلة للتطبيق والنجاح وفقا للمؤشرات الأولية، وبعدها تتم الدراسة التفصيلية والإقدام في تمويل هذه المشاريع التي تقول الدراسات بأن 15% فقط من هذه المشاريع الممولة تحقق النجاح والربحية بينما 85% منها تفشل وتخسر في الثلاث سنوات الأولى، ولكن التي تنجح تحقق أضعاف رأسمال الصندوق نفسه وتضيف للاقتصاد والمجتمع الشيء الكبير مثلما حدث مع «غوغل» وغيرها.

يقول الملياردير المغامر الشهير «ريتشارد برانسون» بأن موظفي شركته «فيرجن» ينادونه مستر «yes» لكثرة ما يقول نعم موافق لأي فكرة يطرحها موظفوه حيث يقول في كتابه «قوة الاقتحام»: إن جميع العاملين في شركة «فيرجن» أو المشاريع التي أمولها ينادونني السيد «موافق» لأنهم يعلمون أنني أوافق فورا على أي فكرة جديدة رغم أن أغلب الأفكار التي ينفذونها تفشل! ولكن عددا قليلا منها ينجح ويحقق لي أرباحا بأضعاف ما أخسره من هذه المشاريع التي أهز رأسي بقولي «نعم» موافق تستطيع تنفيذ فكرتك.

اليوم وفي ظل موجة دعم رواد الأعمال في العالم العربي أتمنى أن نجد الكثير من صناديق «رأس المال الجريء» في السعودية والعالم العربي تنتشر وتمول المشاريع الريادية للشباب المميز والطموح والتي بلا شك ستنتج مشاريع إبداعية عربية خلاقة لا تقل عن «غوغل» و«ستاربكس» وغيرهما، وكلي أمل أيضا أن مخاطرة قراءة مقالي هذا لا تكون كمباراة يلعب فيها بيليه بعد كل هذا الاعتزال رغم أني لا زلت في بداية شبابي مثل «ميسي».

* كاتب ورجل أعمال [email protected]