الاستثمارات اللبنانية في كردستان العراق يتوقع أن تفوق الـ3 مليارات دولار

مصارف وشركات طيران وبناء وسياحة وتجميل جاءت من بيروت إلى أربيل

استنادا إلى ما ذكرته هيئة الاستثمار في إقليم كردستان العراق حول حجم الاستثمارات العربية بشكل عام تشكل نسبة 10% من الاستثمارات العامة فيها
TT

باتت الاستثمارات اللبنانية تشكل رقما صعبا للمنافسة بين الدول العربية التي لها استثمارات في مجالات مختلفة في إقليم كردستان، فلبنان بطبعه يقطع الأميال لإيصال استثماراته لأبعد بقاع العالم حتى لو لم تتكافأ معه من حيث الثقافة والتوافق الفكري والموقع الجغرافي بدليل وجود استثمارات لبنانية بمليارات الدولارات في أكثر دول أميركا الجنوبية وبالأخص في فنزويلا والبرازيل.

ويشكل إقليم كردستان العراق اليوم بيئة ملائمة للاستثمارات اللبنانية مستفيدة من القانون الذي أصدره الإقليم في عام 2006 والذي يعفي الشركات من الضرائب على الاستيراد والاستثمار على مدى العشر سنوات الأولى من العمل داخله.

عبد الرحيم علي أديب رئيس جمعية الصداقة اللبنانية - الكردستانية وفي لقاء مع «الشرق الأوسط» أكد أن لبنان سبق غيره من الدول في مجال الاستثمارات بالإقليم منذ سقوط النظام السابق، مشيرا إلى «إننا كنا دوما متفائلين ومتحمسين حول مستقبل الإقليم».

وبين أديب أن الاستثمار اللبناني لم يركز على مجال واحد لكن شركاتهم ابتدأت بالعمل في مجال الإعمار حيث كان الهاجس الأول لحكومة الإقليم التي تركزت سياساتها آنذاك حول هذه المشاريع فكانت شركات المقاولات في مقدمة المستثمرين أعقبتها البنوك ثم شركات الإنترنت والكومبيوتر وقطاعات المطاعم والفنادق والسياحة والطيران، حيث كانت شركة «طيران الشرق الأوسط» الناقل الرسمي للخطوط الجوية اللبنانية أولى الشركات اللبنانية التي عملت في هذا المجال في الإقليم واليوم لديها على الأقل 7 رحلات نظامية بين بيروت وأربيل بالإضافة إلى رحلات إضافية في مواسم معينة.

كما أكد أن هناك 8 بنوك لبنانية تعمل في الإقليم هي من أفضل 10 بنوك في لبنان، أما في مجال السياحة فقد كشف رئيس جمعية الصداقة اللبنانية - الكردستانية أن جمعيتهم ستشترك في بدايات فعاليات أربيل عاصمة للسياحة العربية لعام 2014 بإهداء المدينة نصبا تذكاريا يمثل الصداقة بين الشعبين وسيخصص لها مكان في أحد الميادين الكبيرة في أربيل.

واستنادا إلى ما ذكرته هيئة الاستثمار في إقليم كردستان العراق حول حجم الاستثمارات العربية بشكل عام فإنها تشكل نسبة 10% من الاستثمارات العامة فيها. وتشير إحصائيات وزارة التجارة والصناعة في حكومة الإقليم إلى وجود 2250 شركة أجنبية تعمل في الإقليم بينها 98 شركة للإمارات العربية المتحدة و97 شركة لبنانية و12 شركة مصرية مع شركات أردنية وسعودية وكويتية ودول أخرى خليجية.

وحسب إحصائيات أعلنت في يناير (كانون الثاني) من هذا العام من قبل هيئة الاستثمار في أربيل أن حجم الاستثمارات المحلية والأجنبية في المحافظة خلال الستة أعوام المنصرمة وصل إلى أكثر من 14 مليار دولار أميركي، مشيرا إلى أن الاستثمارات اللبنانية احتلت المرتبة الأولى تليها الاستثمارات التركية.

عبد الرحيم أديب بين أن آخر الإحصائيات حول حجم الاستثمارات اللبنانية خلال شهري يونيو (حزيران) ويوليو (تموز) الماضيين كان بحدود 2.5 مليار دولار وهي مرشحة لتجاوز الـ3 مليار دولارات في نهاية هذا العام. منبها إلى أن افتتاح القنصلية اللبنانية في الإقليم سيسهل الكثير من أعمالهم التجارية والاستثمارات اللبنانية كونها ستأخذ طابعا رسميا ذا انضباط أكثر، وأكد أن الجالية اللبنانية في الإقليم ألحت وما زالت على الحكومة في لبنان لافتتاح هذه القنصلية حيث إن الجالية اللبنانية في الإقليم اليوم تجاوز عددها الـ15 ألف شخص بعدما كان يبلغ نحو 7 آلاف شخص في السنوات الماضية.

ويعد مشروع القرية اللبنانية من أحدث المشاريع المنفذة لحد الآن في الإقليم وتحديدا في أربيل من قبل شركة هاركو (الحريري للبناء والمقاولات) بقيمة 230 مليون دولار، وحول المشروع وبقية مشاريع الشركة في الإقليم بين مصطفى الحريري رئيس مجلس الإدارة والمدير العام للشركة أنه يسكن أربيل منذ 6 أعوام وقد بدأت شركته العمل في أربيل بالمقاولات وحفر الركائز أعقبه بناء فندق جهينة في أربيل على شارع الـ100 متر حيث يحتوي أيضا على مكاتب وقد تقدموا في عام 2010 بمشروع القرية اللبنانية لحكومة إقليم كردستان، وقد بدأ العمل فيه عام 2012 وتم لحد الآن تنفيذ 60% منه وهو عبارة عن 3384 وحدة سكنية (شقق) بمختلف المساحات بالإضافة لاحتواء القرية على استوديو ومول ومكاتب بالإضافة إلى فلل وقصور من الدرجة الأولى وقال إن العمل يسير بشكل ممتاز ومبيعاتنا ممتازة وأعتقد أن العنصر الأمني المتوفر في الإقليم ساعدنا وساعد الكثير من الشركات اللبنانية للعمل بجد أكثر في مجالات مختلفة في الإقليم.

وبين الحريري أن سعر المتر المربع الواحد للوحدة السكنية في هذا المشروع 100 دولار وتتراوح إجمالي الأسعار للوحدات من 60 ألفا وحتى نصف مليون دولار أميركي.

كما أوضح أن المشروع ينفذ بوجود شركاء من خارج الإقليم كونه استثمارا أجنبيا مؤكدا على أن مواصفات الوحدات السكنية عالية جدا وأكد التزامه بقوانين هيئة الاستثمار بتحقيق أرباح لغاية 25%.

الحريري أكد أن شركتهم أسست مكتبها في الإقليم وهناك مشاريع أخرى سيتم تنفيذها بعد انتهاء مشروع القرية اللبنانية في أربيل، مشددا على أن شركته تشجع على إيصال أنشطتها لأبعد الحدود حيث ستنفذ مشروع مول تجاري وعمارة في السماوة ومشاريع أخرى في الناصرية.

وأبدى الحريري استعداد شركتهم لتنفيذ مشاريع في مدن كردستان العراق الأخرى لكنه أكد أن تركيزهم الحالي هو بأربيل وأنهم يقومون الآن دراسات مكثفة حول تنفيذ المشاريع.

فادي درويش المدير العام للشركة الدولية للمعارض الدولية في إقليم كردستان، وهو لبناني الجنسية، بين لـ«الشرق الأوسط» أن «عملهم في الإقليم خلال السنوات السبع الماضية أوضح أن استثمارات شركات العقارات والمقاولات اللبنانية تأتي بالدرجة الأولى»، كما أكد أن «هناك 18 شركة لبنانية شاركت في المعرض الغذائي والزراعي وخصوصا فيما يتعلق بمسائل التغليف وتعليب التفاح وحتى تصديره إلى الخارج عن طريق شركات لبنانية مختلفة».

ويؤكد مدير المشاريع في الشركة العامة للمعارض الدولية جورج غريب، لبناني الجنسية، لـ«الشرق الأوسط» أن «الإقليم يشهد سنويا الكثير من الفعاليات الاقتصادية وهناك نشاط يومي استثماري فعال ونحن دوما نشجع المستثمرين اللبنانيين بالمجيء إلى الإقليم وفعلا هناك شركات لبنانية كثيرة وجدت فرصا جيدة للاستثمار في الإقليم وبالأخص في مجال الزراعة، وفي كل معرض يكون لدينا على الأقل 25 شركة لبنانية في قطاعات مختلفة وفيما يخص المجال الغذائي في كل معرض نسجل ما لا يقل عن 18 شركة و5 شركات في المجال الزراعي».

أحد أهم القطاعات التي تساهم فيها لبنان في سوق الاستثمارات في إقليم كردستان هو قطاع التجميل سواء فيما يتعلق بمستحضرات التجميل أو الجراحة التجميلية والتي يقبل عليها الرجال والنساء.

إبراهيم سرحال مدير البرامج في شركة المعارض الدولية (لبناني الجنسية) أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «سر الاهتمام اللبناني بالتجميل ومستحضرات التجميل يعود إلى طبيعة الفرد اللبناني امرأة كان أم رجلا، حيث تهتم المرأة كثيرا بأناقتها وجمال شعرها وبشرتها حيث تنفق المرأة اللبنانية أكثر من 70% من راتبها على الأناقة والتجميل وهذا ما جعل الشركات العالمية لصناعة مستحضرات التجميل تتخذ من لبنان مركزا مهما لتسويق بضائعها ومن لبنان لكل العالم بحيث أصبحت للبنان ميزة خاصة في هذا المجال».

وقال سرحال «نشهد أسبوعيا في فندق روتانا أربيل إقامة أكثر من ورشة عمل حول مسألة التجميل واستعمال مستحضرات التجميل وستقام في مارس (آذار) المقبل ورشة عمل موسعة يشترك فيها أطباء لبنانيون متخصصون في مسائل الاعتناء بالبشرة بالإضافة لمشاركة بعض الشركات المشهورة كـ(لوريال واي بروشيه) وغيرها».