الاستثمار الريفي

علي المزيد

TT

يتحدث زعماء العالم العربي ليل نهار عن أهمية تنمية القرى والمناطق الريفية، وتنشط وزارات التخطيط في هذا العالم، وعبر خططها التنموية، لوضع المدن الثانوية والقرى في أولوية اهتماماتها التنموية، ولكن مع الأسف كل هذا تنظير كتابي، إذ إن الواقع التطبيقي يقول إنه لا شيء من ذلك يحدث. ولن يجد المواطن العربي كثير جهد لاكتشاف هذه الحقيقة؛ فهو يرى الريف يخلو من السكان، ويتكدس البشر في العواصم العربية، فالقاهرة يسكنها ثلث سكان مصر، والرياض يسكنها ثلث سكان السعودية، وأيضا بيروت.

في العالم الغربي، نرى مدنا قامت على الجامعات، حيث تنشئ الحكومة جامعة تكون مصدرا لدخل هذه القرية. ريفنا العربي غني بموارده وأفراده، ما نحتاجه شيء من التخطيط ليبقى سكانه داخله، بدلا من أن يهاجروا إلى العواصم فيضغطوا على خدمات هذه العواصم، ويجعلوا المعيشة داخل عواصمنا العربية لا تطاق بسبب تكدس البشر وزحمة المرور وسوء التخطيط في كل شيء.

لو قامت الجهات المسؤولة في الريف العربي بمنح المستثمرين أراضي ليجري إقامة مشاريع عليها، ولا نقول أن تُمنح هذه الأراضي مجانا حتى لا يتذمر منا أي مسؤول، ولكن يمكن أن تعطى هذه الأراضي من دون إيجار للمستثمرين لمدة عشر سنوات، ثم يُبدأ بتأجيرها بإيجار رمزي حتى لا يرهق المستثمر ويتمسك بالاستثمار في هذه المناطق الريفية، وإذا كانت الحكومات لم تستفد من الأراضي، فإن سكان المناطق الريفية استفادوا بشكل كبير؛ فمن هذه الفوائد أن مثل هذه الاستثمارات توفر فرصا وظيفية أيا كانت هذه الاستثمارات، سواء كانت مصنعا يوظف بشرا ويعلم تقنية أو مطعما صغيرا يوظف عددا محدودا، وإلى جانب هذا التوظيف هناك من يقوم بدور المقاول لتأمين احتياجات هذه المصانع أو هذه المنشآت الاستثمارية، وهذه وظائف غير منظورة يستفيد منها سكان المنطقة، ولو حاول المخططون في عالمنا العربي اختيار بعض المدن لجعلها رمزا لشيء ما، فمثلا نقول مدينة التقنية، فنوطن فيها صناعة التقنية، وفي السعودية يمكن أن تكون في تبوك مثلا وفي مصر في الإسماعيلية مثلا، وقس على ذلك بقية ريفنا العربي ومدينة شهرتها صناعة البلاستك وأخرى للبتروكيماويات، والأمثلة في هذا الشأن لا تعد ولا تحصى، لو فعلنا ذلك فهل ستنتعش مناطق ريفنا العربي بدلا من أن نتكدس في منطقة واحدة؟

ودمتم