«قمة دبي» تدعو لاعتماد الأطر التشريعية والمعايير الموحدة والابتكار لتطوير الاقتصاد الإسلامي

الشيراوي: الإمارة تمتلك منظومة شاملة وبنية تحتية حديثة لتطوير القطاع

طراد المحمود، الرئيس التنفيذي لمصرف أبوظبي الإسلامي خلال مشاركته في القمة («الشرق الأوسط»)
TT

دعت القمة العالمية للاقتصاد الإسلامي إلى اعتماد إطار تشريعي متكامل ينظم بيئة العمل ضمن منظومة الاقتصاد الإسلامي، في وقت طالب فيه هشام الشيراوي، النائب الثاني لرئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة دبي، بتوحيد مفهوم «الحلال» والمعايير الاقتصادية الإسلامية، مشددا على أهمية تبني الابتكار كأساس لتطوير الاقتصاد الإسلامي العالمي بما يواكب احتياجات العصر ومتطلبات المستهلك في العالم الإسلامي.

وجاءت مطالبات الشيراوي خلال الجلسة الختامية للقمة العالمية للاقتصاد الإسلامي 2013 التي نظمتها غرفة تجارة وصناعة دبي في إمارة دبي بالتعاون مع «تومسون رويترز».

وبين النائب الثاني لرئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة دبي، أن التحدي يكمن في خلق منظومة اقتصادية شاملة تدعم وتنظم صناعات وقطاعات الحلال العالمية، مؤكدا أن المشاركين في القمة العالمية للاقتصاد الإسلامي شددوا على ضرورة تطوير إطار تشريعي وتنظيمي موحد ينظم قطاعات الاقتصاد الإسلامي، وتوحيد المعايير الإسلامية واعتماد الابتكار وسيلة للنمو والتطور.

وأوضح: «النهوض بالاقتصاد الإسلامي هو مسؤولية تتطلب تكاملا تاما ما بين القطاعين الخاص والحكومي والمجتمع والمستهلك بحد ذاته»، عادا «المنظومة المتكاملة التي تشمل القوانين والتشريعات والمبادرات والتطبيقات وحتى الأذواق الاستهلاكية تتكامل لتساهم في تطوير قطاع الاقتصاد الإسلامي».

وزاد: «الابتكار يجب أن يواكب تطورات العصر ويستهدف الاحتياجات الحالية، خاصة أن 60% من سكان العالم الإسلامي من فئة الشباب ممن هم دون 35 سنة، ولذلك ما كان مطروحا ومطبقا خلال السنوات الماضية، لم يعد صالحا للفترة الحالية، ومن هنا يجب الابتكار والإبداع في منتجات وخدمات إسلامية تشكل إضافة للجيل الجديد، وتواكب تطلعاته واحتياجاته».

ولفت النائب الثاني لرئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة دبي، إلى أهمية أن ترتكز النظرة المستقبلية للاقتصاد الإسلامي إلى أبعد من مجرد الصيرفة الإسلامية، لأن الاقتصاد الإسلامي لا يقتصر على هذا المجال فقط، بل هو متنوع ويشمل جميع مجالات الاقتصاد، مشددا على ضرورة أن يدرك موفرو الخدمات الإسلامية احتياجات المستهلك المسلم، ويبتكروا خدمات ومنتجات تلبي حاجات الفئات غير المسلمة.

وأوضح الشيراوي أن التسويق الفعال للخدمات الإسلامية، وخاصة في العالم غير المسلم، يمكن أن يساهم في تعزيز انتشار الخدمات الإسلامية عالميا، وإبراز الفرص الهائلة التي تتمتع بها أسواق المنطقة، لا سيما أن العالم الإسلامي يتمتع بقاعدة استهلاكية واسعة وفرص نمو متميزة.

وعد دبي تمتلك منظومة شاملة وبنية تحتية تؤهلانها لتلعب دورا رئيسا في تطوير قطاع الاقتصاد الإسلامي، مؤكدا أن رؤية الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، بإطلاق مبادرة دبي عاصمة الاقتصاد الإسلامي شكلت الأساس الذي يبنى عليه للمستقبل، عادا القمة العالمية للاقتصاد الإسلامي، التي تنظم لأول مرة في المنطقة، حققت نجاحا منقطع النظير مع مشاركة أبرز الخبراء والمختصين وصناع القرار.

وشدد على أهمية المعايير الإسلامية والأخلاقية ضمن منظومة الاقتصاد الإسلامي، لكونها تضيف أبعادا جديدة للاقتصاد الإسلامي ليست متاحة في القطاعات الأخرى، وخاصة مع الإقبال العالمي على اعتماد ثقافة الأعمال المسؤولة والمستدامة التي تعزز من ثقة المستهلك وسمعة الشركات والمؤسسات التي تطبق هذه الممارسات المسؤولة والأخلاقية. وأكد الشيراوي أهمية التكامل ما بين دبي كعاصمة للاقتصاد الإسلامي والمراكز العالمية الأخرى كلندن وماليزيا وإندونيسيا، مشيرا إلى أن تضافر جهود هذه المراكز سيوفر أسس النجاح الضرورية للاقتصاد الإسلامي.

وشدد بالتأكيد على التزام غرفة تجارة وصناعة دبي رؤية دبي عاصمة الاقتصاد الإسلامي، وسعيها لتوطيد هذه المكانة من خلال جذب وتنظيم أهم الفعاليات العالمية ذات العلاقة بالاقتصاد الإسلامي، عادا نجاح القمة العالمية للاقتصاد الإسلامي سيشكل حافزا إضافيا لجهود الغرفة لتحقيق رؤية الإمارة المستقبلية.

وكانت القمة العالمية للاقتصاد الإسلامي قد اختتمت أعمالها في دبي أمس بعد جلسات نقاش لليوم الثاني من القمة تناولت مواضيع الصيرفة الإسلامية، والتمويل الأخلاقي، والتشابه والتنوع في معايير الحلال، والحلال في المنتجات الصيدلانية ومنتجات العناية الشخصية، بالإضافة إلى مواضيع السفر والضيافة الحلال وإدارة الأصول والاستثمارات الإسلامية والأوقاف والفرص والتحديات والمخاطر في سوق الصكوك، بالإضافة إلى الأمن الغذائي ومستقبل الاقتصاد الإسلامي.

وقال حمد بوعميم، المدير العام لغرفة تجارة وصناعة دبي، إن القمة جذبت أكثر من 3500 مشارك، حضروا 22 جلسة نقاشية حول مختلف المواضيع والقطاعات، مشيرا إلى أن القمة ساهمت في بلورة صورة أكثر وضوحا عن الفرص والتحديات والحلول المقترحة لتنمية هذا القطاع الحيوي بمختلف مجالاته.

ولفت إلى وجود الكثير من الفرص للشركات الإماراتية في قطاع الاقتصاد الإسلامي، مشيرا على سبيل المثال إلى أن مسألة الأغذية الحلال يمكن أن تشكل مجالا مهما للاستثمارات الإماراتية، نظرا لأهمية هذا المجال ضمن العالم الإسلامي.

من جهته، قال طراد المحمود، الرئيس التنفيذي لمصرف أبوظبي الإسلامي، إلى أنه يتوجب على المصارف الإسلامية أن تبدي نفسها كمؤسسات مهتمة بالقيم الأخلاقية وتمتع بجاذبية عالمية، لمواصلة وتيرة نموها السريع.

وقال المحمود في كلمة ألقاها خلال القمة العالمية للاقتصاد الإسلامي في دبي أمس: «بدأت صناعة الخدمات المصرفية الإسلامية التي تعود أصولها لفترة سبعينات القرن الماضي، بالوصول لمستويات طبيعية من النضج بعد طفرة من التوسعات المتسارعة، وخاصة منذ الأزمة الاقتصادية العالمية. فقد حققت أصول 20 مصرفا من أهم المؤسسات المالية الإسلامية زيادة سنوية بنسبة 16% على مدى السنوات الثلاث الماضية، ومع ذلك فقد بدأت وتيرة هذا النمو بالتباطؤ».

وأظهرت دراسة لمصرف أبوظبي الإسلامي هذا العام، أن 12 إلى 20% من الأشخاص الذين يعيشون في دول يشكل المسلمون أغلبية سكانها، كدولة الإمارات ومصر وتركيا وإندونيسيا، يرغبون في التعامل مع المصارف التي تتوافق معاملاتها مع الشريعة الإسلامية، ولكن نحو نصف سكان هذه الدول يرغبون في وجود معايير أخلاقية أعلى مما يختبرونه حاليا على أرض الواقع من خلال التعامل مع مصارفهم.

وأوضح: «أعتقد أننا على أعتاب النهاية الطبيعية لدورة الازدهار، والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هل بإمكاننا الارتقاء بالخدمات المصرفية الإسلامية إلى مستويات أعلى؟ فيجب علينا ألا نكتفي بما حققناه لمجرد أننا حظينا بفترة ازدهار قوية».

وزاد: «أنا متفائل، لأن المصارف الإسلامية تحظى بفرصة فريدة كونها وضعت القيم الأخلاقية في جوهر عملياتها المصرفية، كما أن المؤسسات التي تطبق القيم الأخلاقية في تعاملاتها تصبح أقوى وأكثر نجاحا على المدى الطويل. أما مسيرة ازدهارنا المستقبلية، فستأتي من جراء التركيز على المضمون بدلا من الظاهر، والحفاظ على بساطة ووضوح منتجاتنا وخدماتنا، فضلا عن شموليتها، وهو ما سيشعر المجتمعات كافة بالراحة والترحيب عند التعامل معنا».

وكشفت الدراسة التي أجراها مصرف أبوظبي الإسلامي تحت عنوان «الخدمات المصرفية كما يجب أن تكون»، وشملت 1000 شخص من المتعاملين مع مختلف أنواع المصارف، عن اتساع الفجوة ما بين التوقعات والواقع في مجالات القيم الأخلاقية، ولا سيما فيما يتعلق بالتساؤلات حول مدى التزام المصارف وعودها أمام العملاء، ومدى مصداقيتها بوضع مصلحة العميل دوما في عين الاعتبار.

ويأتي تنظيم غرفة دبي هذه القمة العالمية التزاما بإطلاق الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم مبادرة «دبي عاصمة للاقتصاد الإسلامي»، حيث أسهمت القمة في خلق حوار حقيقي حول تطوير القطاعات المتكاملة للاقتصاد الإسلامي، مغطية جوانب الاقتصاد الإسلامي كافة، من الخدمات المصرفية الإسلامية، إلى صناعة الأغذية الحلال، والسفر الحلال وأنماط وأساليب الحياة الحلال.

ويشكل تنظيم هذه القمة استكمالا لجهود غرفة تجارة وصناعة دبي في دعم رؤية الإمارة كعاصمة للاقتصاد الإسلامي، وذلك بعد مشاركة الغرفة الناجحة في المنتدى الاقتصادي الإسلامي العالمي 2013 في لندن الشهر الماضي والفوز بشرف تنظيمه للمرة الأولى في دبي في عام 2014.

وتبرز أهمية القمة خاصة مع وجود قاعدة استهلاكية عالمية كبيرة تصل إلى 1.6 مليار مسلم، حيث تحدث الكثيرون عن أهمية الاقتصاد الإسلامي ودوره في تحقيق الربحية والنمو الاقتصادي، إلا أن هذه الأفكار لم تترجم على أرض الواقع من خلال حوار يقود مرحلة التحول، ويقيم الفرص والتحديات ضمن منظومة الاقتصاد الإسلامي العالمي.