خبيران دوليان لـ «الشرق الأوسط»: السعودية تحقق أعلى مستوى من الشفافية في «غسل الأموال»

«إرنست ويونغ»: قيمة المكافآت بين 10 و30 في المائة من قيمة العقوبة المفروضة على المخالفين بأميركا

TT

وصف خبيران دوليان الخطوة التي أقدمت عليها السعودية، فيما يتعلق بإقرار نظام يقضي بمنح مكافأة مالية بنسبة خمسة في المائة، من قيمة الأموال المصادرة للأشخاص الذين يقومون بالإبلاغ عن عمليات غسل الأموال، بالخطوة الجريئة والجادة لتحقيق أعلى مستوى من الشفافية في المنطقة.

وعدّ الخبيران الدوليان ستيوارت جونز وروبرت شاندلر، هذا القرار، خطوة مهمة لفتح آفاق جديدة في مجال تعزيز الشفافية بالنسبة للسعودية بشكل خاص، وأيضا لـ الشرق الأوسط ككل، مما يجعلها إحدى الدول القليلة في العالم والأولى في المنطقة التي تطبق مثل هذا النظام.

وكانت السعودية أقرت نظام المكافأة المالية المتعلقة بغسل الأموال، في الرابع من نوفمبر (تشرين الثاني) 2013، واستثنت من ذلك أولئك الذين يعملون لحساب المؤسسات المالية، أو الأعمال والمهن غير المالية المحددة، أو المنظمات غير الربحية، وذلك في حال تقديم أدلة تصلح للاستناد إليها، وصدور حكم نهائي بثبوت الجريمة بإدانة الفاعلين جنائيا.

ونوه الخبيران بأن العالم تغير بصورة جذرية في أعقاب الأزمة المالية العالمية، مما دفع الحكومات في شتى أنحاء المعمورة للعمل من أجل إعادة الثقة في سلامة ونزاهة النظام المالي، وكذلك تحصينه وحمايته من خلال إنشاء جهات تنظيمية ووضع قوانين أكثر صرامة.

وقالا: «الواقع أن الأنظمة اليوم بلغت حدا تقوم معه البنوك والمؤسسات المالية وبشكل صارم باختبار وتقييم أنظمتها بشكل مستمر، وفي كثير من الحالات، تسعى تلك البنوك والمؤسسات إلى الخروج من الأقاليم أو الأعمال التي تخفق في اجتياز جملة الاختبارات المتبعة في تلك البيئات الجديدة».

ووفق ستيوارت جونز وروبرت شاندلر، فبما أن تقليص التمويل المتاح هو نتيجة غير مقصودة للأنظمة الجديدة الأكثر صرامة، فإن الفائدة من ذلك أنه قد أصبح من الصعوبة على المجرمين إخفاء أرباحهم غير المشروعة، وتحقيق الأرباح لجماعات التجارة غير المشروعة، وللمتعاملين بغسل الأموال لإخفاء أموالهم المشبوهة ضمن الأموال المتحققة بشكل شرعي.

علاوة على ذلك، فإن كلمة شفافية بحد ذاتها أصبحت جزءا لا يتجزأ - إن لم يكن شرطا - من مكونات التعاملات المالية العالمية والتجارة الدولية الحديثة، على حد زعم الخبيرين.

وقالا: «إن دول الخليج، التي تصنف ضمن أغنى دول العالم، بفضل إنتاجها النفطي الكبير، حيث تجاوز سعر برميل النفط الـ100 دولار، أدركت، من خلال ذكاء قياداتها، المسؤولية المترتبة على تلك الأوضاع الجديدة».

وأضافا أن أي حدث سياسي في المنطقة، يمكن أن يحد وبشدة من قدرة تلك الدول على إيصال النفط إلى الأسواق العالمية، كما أن صناعة الزيت الصخري في أميركا الشمالية، يمكن أن تكبح أسعار النفط على المدى البعيد، على حد تعبيرهما. ووفق الخبيرين، فإنه في سبيل تجنب هذه المخاطر، فقد طبقت دول الخليج سلسلة من الخطط التي ترتكز على تنمية وتطوير القطاعات غير النفطية، ومساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي الوطني، وسارت أيضا باتجاه وضع وتطبيق قوانين وضوابط لمكافحة الكسب غير المشروع والهدر والفساد.

وبالمقارنة مع ذلك، لفت الخبيران إلى أن أميركا كانت من أولى الدول في العالم في تنفيذ فكرة منح مثل تلك المكافآت المجزية للأفراد الذين يرصدون تجاوزات مالية، حيث بلغت قيمة المكافآت بين 10 و30 في المائة من قيمة العقوبة المفروضة على المخالفين. وزادا أنها، أي أميركا، ونتيجة لمعاناتها من الأزمة الاقتصادية، استحدثت برنامجا يقضي بمنح المكافآت المالية لتحفيز الحصول على المعلومات، وذلك كجزء من تشريع «دود فرانك». وعلى الرغم من أن لهذا التشريع نقاده، فإن النتائج الأولية له تبدو إيجابية، حيث إنه في السنة الأولى بعد إعلان تطبيق هذا التشريع، تسلمت هيئة الأوراق المالية الأميركية أكثر من 3000 إخبارية من أشخاص أبلغوا عن مخالفات، مما أدى وبشكل كبير إلى زيادة نوعية وحجم المعلومات المستخدمة في تحديد مواطن الخلل والأنشطة غير المشروعة، بما في ذلك الشركات العاملة في الشرق الأوسط. ومع تبني المزيد من الشركات للأنظمة التي تتيح للموظفين الإبلاغ عن المخالفات والتجاوزات المالية وغيرها، فإنه، وفق الخبيرين، من الضروري أن يصاحب هذه البرامج تدريب إضافي ورسالة مهنية نفسية إلى موظفي الشركة بأن إدارتها تأخذ هذه القضايا على محمل الجد.

وفي استطلاع للرأي قامت به شركة «إرنست ويونغ»، في الشرق الأوسط حول الرشوة والفساد والاحتيال، أجاب 61 في المائة من المشاركين فيه، بأن الترويج لثقافة الشركة حول نظام الإبلاغ عن المخالفات والتجاوزات كان فعالا، مما يثبت أن هذه الأنظمة تعمل بشكل فعّال، إذا جرى إعدادها وتنفيذها بشكل جيد وجديّ. وقالت إن التعاون والتواصل الحثيث بين المشرعين، وصل إلى حد غير مسبوق من تتبع الجريمة المنظمة والتهرب الضريبي، إلى تتبع غسل الأموال والرشوة والفساد.

وأكدت أن التقدم الذي تحرزه السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي الأخرى في مجال الحوكمة والشفافية واتباع أحدث الإجراءات المتخذة بهذا الخصوص، يعد تطورا مهما ومشجعا في هذا المجال.

يشار إلى أن بوب تشاندلر يشغل منصب الشريك المسؤول عن خدمات التحقيقات في عمليات الاحتيال وحل المنازعات في «إرنست ويونغ» الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

ويشغل ستيوارت جونز منصب المدير التنفيذي المسؤول عن خدمات التحقيقات في عمليات الاحتيال وحل المنازعات في «إرنست ويونغ» الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ويتولى كذلك مسؤولية تخطيط وتنفيذ برامج تطوير الأعمال والتواصل الاستراتيجي للعملاء في المنطقة.