بنك الإمارات دبي الوطني يسعى لأن يكون من أكبر ثلاثة بنوك في مصر

نائبة العضو المنتدب: سنتبنى سياسات إقراض توسعية بحلول عام 2014

شاهيناز فودة نائبة العضو المنتدب لبنك الإمارات دبي الوطني - مصر («الشرق الأوسط»)
TT

قالت شاهيناز فودة، نائب العضو المنتدب لبنك الإمارات دبي الوطني - مصر، إن البنك الإماراتي يسعى إلى التوسع في السوق المصرفية المصرية، والتي ترى بها فرصا كثيرة للنمو خلال الفترة المقبلة، مشيرة إلى أن البنك يعد حاليا استراتيجية عمله في مصر التي تتبنى سياسة انفتاحية.

واستحوذ بنك الإمارات دبي الوطني الذي ينتمي لمجموعة الإمارات دبي الوطني رسميا منتصف العام الحالي على أسهم بنك «بي إن بي باريبا مصر»، في صفقة بلغت قيمتها نصف مليار دولار، وسيجري تغيير العلامة التجارية الفرنسية إلى البنك الإماراتي دبي الوطني - مصر خلال الربع الأول من العام المقبل.

وقالت فودة في حوار مع «الشرق الأوسط»، إن خروج البنك الفرنسي من مصر جاء بسبب الوضع الاقتصادي الصعب في فرنسا، مع وجود حكومة في البلد الأوروبي أصبحت تشدد بشكل أكبر مع القطاع المصرفي والقطاع المالي بشكل عام. وتابعت: «فكروا في أن يخرجوا من الأسواق التي تكون حصتهم السوقية فيها أقل من خمسة في المائة، لأن هذا لا يخدم استراتيجيتهم على المدى الطويل، كما كان هناك أكثر من مشتر عرض عليهم الاستحواذ على وحدتهم في مصر، فلم يكن هناك تأثير للوضع السياسي والاقتصادي في مصر على قرار خروجهم».

فودة التي عملت منذ عام 2004 في بنك «بي إن بي باريبا» حتى وصلت إلى منصب نائب العضو المنتدب، وكان دخول السوق المصرية خلال تلك الفترة يعد فرصة، فالبنك محفظته الائتمانية نظيفة، والإدارة الفرنسية كانت متحوطة جدا ومتحفظة في عمليات الإقراض ولم تكن لديه حالات تعثر تذكر، كما أن الملاءة المالية للبنك ورأس المال كبير مقارنة بحجم القروض.

«الفرصة الحقيقية في دخول السوق هو الوقت، البنك جرى بيعه في وقت أزمة، وبالتالي سعره خلال تلك الفترة أقل من السعر الذي كان من الممكن أن يباع به في عام 2010، كما أن السوق المصرفية في مصر تعد جاذبا، فحجم المتعاملين مع البنوك بمصر 10 في المائة فقط، وهذا يعطي فرصا للنمو، والبنك الإماراتي يرى أن ما يحدث في مصر أزمة لكنها مؤقتة، ولديه رؤية إيجابية للمستقبل، وأعتقد أن معه حقا»، كما تقول فودة.

وأضافت شاهيناز، أن البنك الإماراتي دخل السوق لكي يتوسع، فالبنك الفرنسي بنى قاعدة قوية على مدار الخمسة أعوام الماضية، وسينطلق البنك الإماراتي من تلك القاعدة، فهم لا يريدون الحفاظ على حصة سوقية تصل إلى اثنين في المائة حاليا.. والآن البنك من أفضل 10 بنوك في مصر، والبنك الإماراتي يخطط لأن يكون من أفضل ثلاثة بنوك في مصر.

وأشارت إلى أن البنك الإماراتي يسعى أنه يخدم كل الأطراف في المجتمع، بشكل أساسي، حيث يركز على قطاع التجزئة المصرفية، والمشروعات الصغيرة والمتوسطة لأن به فرصا كبيرة للنمو، بجانب تمويل المشاريع كبرى، وسيكون من ضمن أولوياته خدمة وتمويل الشركات الإماراتية العملاقة التي تعمل في مصر.

وبعد الاستحواذ على بنك «بي إن بي باريبا»، ارتفع عدد البنوك الإماراتية إلى خمسة بنوك تعمل في السوق المصرفية المصرية التي يبلغ عدد البنوك فيها نحو 39 بنكا. ودعمت البنوك الخليجية كثيرا من أداء البنوك التي قامت بالاستحواذ عليها في مصر، وساعدتها في تقوية مراكزها المالية، سواء عبر زيادة رأسمالها أو من خلال تحديث نظم العمل المصرفي.

تقول شاهيناز: «لا أعتقد أنه سيكون هناك زيادة في رأس المال، لأن رأسمال البنك كبير، لكن طبعا إذا احتجنا ضمن خططنا زيادته فلن تكون هناك مشكلة لرفعه».

وتقدم مجموعة الإمارات دبي الوطني خدمات مصرفية متنوعة، ولدى وحداته التابعة خبرات في التمويل الإسلامي، ومجال الاستثمارات وإدارة الأصول، والعقارات.

تقول فودة: «بالتأكيد سنرى الخدمات التي تقدمها المجموعة الإماراتية في مصر، اليوم نحن في مرحلة التحول (integration) من نظام بنك (بي إن باريبا) الفرنسي إلى نظام بنك الإمارات دبي الوطني، هذا التحول قد يأخذ عام ونصف العام تقريبا.. وخاصة أن البنك الإماراتي لديه أفضل نظم العمل المصرفي في العالم، ونحن متعاقدون مع كل الشركات العالمية المتطورة في خدمات التكنولوجيا. المرحلة الحالية هي مرحلة تدشين البنية التحتية للبنك بالنظم المعلوماتية لبنك الإمارات دبي الوطني، وهو الأمر الذي سيتبعه تقديم خدمات مصرفية جديدة في مصر».

وحقق البنك نموا في صافي أرباحه خلال التسعة أشهر الأولى من العام المالي الحالي بنسبة 66 في المائة لتصل إلى 289.657 مليون جنيه (42.1 مليون دولار)، ونمت محفظة القروض لتصل إلى 6.9 مليار جنيه (مليار دولار).

وتابعت: «السياسة التي كان يتبعها البنك الفرنسي التحفظية كانت بعيدة عن إقراض مجالين رئيسين، هما قطاع السياحة والعقارات، وهما المجالان اللذان حدثت بهما حالات تعثر، وبالتالي لم تحدث لدينا حالات تعثر. في وقت الأزمات تكون سعيدا أنك لم تقرض تلك القطاعات، لكن في وقت النشاط الاقتصادي تكون غير مواكب لأرباح البنوك الأخرى».

وأشارت إلى أن مصرفها لم يكن يتوسع في إعطاء القروض، فمحفظة القروض ارتفعت بمقدار أقل من البنوك الأخرى، أسهم في ذلك أيضا خروج بنك «بي إن بي باريبا» ودخول بنك الإمارات دبي الوطني والمرحلة الانتقالية التي نشهدها الآن، لم تزد إجمالي قروض العملاء بنسبة كبيرة.

وتشير ميزانية البنك إلى نمو محفظة قروض البنك بنسبة 11 في المائة فقط خلال التسعة أشهر الأولى من العام الحالي، وتصل نسبة القروض إلى الودائع نحو 43 في المائة خلال تلك الفترة أيضا.

وعن سؤالها بمدى رغبة البنك الإماراتي بالاستمرار في تبني نفس السياسة التحفظية، قالت شاهيناز: «بالطبع لا، البنك الإماراتي سيتوسع في نشاط الإقراض، فالبنك يريد حصة سوقية أكبر وله تطلعات كبيرة في السوق المصرية، لا يمكن أن أرفع معدلات الودائع لدي دون استثمارها، وهذه هي الخطة التي سنطبقها بداية عام 2014».

وتحمل شاهيناز فودة ورقة تقارن فيها بين أداء بنكها وبنوك القطاع الخاص في مصر، وتشير وهي تنظر على تلك الورقة إلى مدى تحوط البنك وأدائه مقارنة بالبنوك الأخرى، فعلى سبيل المثال يصل حجم استثمارات البنك في أدوات الدين الحكومية التي تعتمد عليها البنوك المصرية بشكل كبير في تحقيق الربحية، إلى 19.4 في المائة من إجمالي أصول البنك، وذلك مقارنة بباقي البنوك التي تتراوح نسبه استثماراتهم في تلك الأدوات بين 30 و40 في المائة، كما لا يستثمر البنك في البورصة المصرية التي تعرضت لتراجعات عنيفة بعد ثورة 25 يناير (كانون الثاني) .

وتراجع العائد على أدوات الدين الحكومية بعد 30 يونيو (حزيران) بنحو 4 في المائة، الأمر الذي سيؤثر على ربحية أغلب البنوك التي تتعامل بشكل كبير في أذون وسندات الخزانة.

وتسعى الحكومة المصرية إلى دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وأشار مسؤولون إلى أن الحكومة ستتخذ إجراءات تحفيزية لتقنين أوضاع القطاع غير الرسمي الذي يعد أغلبه من نوعية المشاريع الصغيرة والمتوسطة.

تقول شاهيناز، إن من أولويات البنك إقراض هذا القطاع الحيوي، فالبنك الإماراتي لديه وحدة لتمويل تلك المشاريع تتبع قطاع التجزئة المصرفية، فهو قطاع مهم جدا له.

وتابعت: «نحتاج إلى إعادة تشريع لقوانين تخدم تلك المشروعات الصغيرة والمتوسطة، فلديك مشاريع متناهية الصغير تعمل بنظام (الجمعية)، وهي وفقا للقانون غير هادفة للربح، وهذا يقوض من قدرة تلك المشروعات على النمو».

ولفتت إلى أن البنك المركزي يسعى إلى تقديم تحفيز لإقراض تلك المشاريع، ويتشاور مع البنوك حاليا للحصول على مقترحات لدعمها، وأضافت: «نعمل مع البنك المركزي والبنوك الأخرى الآن لنتوصل إلى تعريف محدد للشركات المتوسطة والشركات الصغيرة، ونسعى أيضا إلى الاتفاق على الحوافز والتنشيط الممكن تقديمه من قبل القطاع المصرفي لهذه القطاع لكي تنمو».

واتخذ البنك المركزي سياسات تحفيزية للبنوك لتشجيعها على اقتراض تلك الشركات، وأعفى عام 2009 البنوك التي تمول المشروعات الصغيرة والمتوسطة من الاحتياطي القانوني، والذي يقدر بـ14 في المائة من إجمالي قيمة الودائع لديها لتحفيزها على إقراض تلك الشركات، وبعد ثورة يناير 2011، فكرت الحكومة بتحويل أحد البنوك الحكومية إلى بنك متخصص في تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، إلا أنها عدلت عن فكرتها.

وتابعت: «هناك في مصر بعض البنوك تقرض تلك المشروعات تبعا لنظام التجزئة المصرفية، والبعض الآخر يقرضها وفقا لنظام الشركات، كل بنك لديه نظام مختلف، وهناك بنوك أنشأت وحدة لتمويل تلك المشروعات. فلا يوجد إطار موحد بين البنوك للتعامل مع تلك المشروعات، وهذا يحد من عملية إقراضها».

وأضافت شاهيناز، أن تقنين أوضاع القطاع غير الرسمي سيسهم بشكل كبير في زيادة معدلات الإقراض من البنوك في مصر، وتابعت: «نسبة القروض إلى الودائع في مصر تقل عن 60 في المائة، وفي الإمارات مثلا تصل إلى 100 في المائة وفي فرنسا 120 في المائة».

وأضافت أن السبب في تدني النسبة في مصر هو أن القطاع غير الرسمي كبير وهو لا يتعامل بدوره مع البنوك لأن أوضاعه غير قانونية، هذا بالإضافة إلى عدم تفضيل كثير من المصريين التعامل مع البنوك.

وعن أزمة السيولة الدولار ومدى تأثر البنك بها، قالت فودة: «أعترض على تلك التسمية، لم يكن لدينا أزمة سيولة دولارية.. البنوك لديها دولارات وودائع كبيرة جدا ولا تقوم بإقراضها. السيولة موجودة بكميات كبيرة، فالمودعون بالعملة الأجنبية لم تكن لديهم أزمة في الحصول على أموالهم، بالعكس لم توجد قروض تتماشى مع حجم الودائع، فحجم القروض إلى الودائع بالعملة الأجنبية لم تتعد 30 في المائة».

«الأزمة حدثت مع تغير نظام توفير السيولة الدولارية بشكل عام للمواطنين، فاتخذ البنك المركزي سياسة تحفظية وقيود لتوفير العملة الصعبة، وهو ما خلق فارقا بين السعر الرسمي وغير الرسمي، كانت مهمتنا توفير الأموال لاستيراد السلع الاستراتيجية والمهمة فقط»، كما تقول فودة.

وتابعت: «لم يكن لدينا أي مشكلات في عمليات الإقراض بالدولار، أزمتنا الحقيقية أن نجد عملاء لإقراضهم وفقا لقوانين البنك المركزي الذي يشترط أن يكون للمقترض موارد دولارية».

وعن مدى قدرة البلاد على جذب مستثمرين، تقول شاهيناز، إن «المهمة الآن ثقيلة أمام الحكومة، يجب أن تتخذ البلاد حزمة قرارات لتحفيز الاستثمار». وتابعت: «المستثمر المصري لو وضع أمواله وضخها في مشاريع جديدة ثق أن المستثمر الأجنبي سيأتي».

وترى أن جذب المستثمرين الأجانب خلال الفترة الحالية يعتمد على شهية المخاطر لدى المستثمر نفسه، فإذا كان يحب المخاطرة سيحب أن يأتي وسيجد الفرصة سانحة له، فتكلفة الاستثمار أرخص والحكومة تفتح ذراعيها له، وهناك نوعية ثانية متحوطة وستفضل أن تنتظر لحين استقرار الوضع السياسي والاقتصادي.

وعن القطاعات الجاذبة، تقول شاهيناز، إن «هناك الكثير من القطاعات الجاذبة في السوق المصرية، خاصة في قطاع البنية التحتية». وأشارت إلى أن البنك يدرس تمويل الكثير من القطاعات خلال الفترة الحالية مثل الاتصالات والعقارات والبنية التحتية.