السعودية تدرس الترخيص لإنشاء ثلاثة مصانع إسمنت جديدة خلال العامين المقبلين

توفير الوقود اللازم لخطوط الإنتاج الحديثة أهم الصعاب التي تواجه القطاع

وزارة التجارة والصناعة السعودية تسعى لكفاية المعروض في سوق الإسمنت المحلية («الشرق الأوسط»)
TT

تدرس وزارة البترول والثروة المعدنية، بالتنسيق مع وزارة التجارة والصناعة في السعودية، الترخيص لشركات جديدة للاستثمار في قطاع الإسمنت؛ حيث من المتوقع أن ينتج عن هذه الرخص إنشاء ثلاثة مصانع جديدة خلال العامين المقبلين. يأتي ذلك في الوقت الذي يشهد فيه الطلب على الإسمنت في السوق المحلية ارتفاعا ملحوظا خلال الفترة الحالية.

ويشكل توفير الوقود لخطوط الإنتاج الجديدة في مصانع الإسمنت السعودية أهم الصعاب التي تواجه هذه المصانع، وهو الأمر الذي دفع شركات الإسمنت إلى أخذ الإجراءات اللازمة لتوفير الوقود لخطوط إنتاجها الجديدة قبيل الإعلان عن إنشائها، في خطوة احترازية تستهدف عدم التأثير في أسعار الأسهم المدرجة بالسوق المالية المحلية.

وتحتاج السوق السعودية إلى إنشاء مزيد من مصانع الإسمنت، خصوصا أن وزارة التجارة والصناعة في البلاد أعلنت مطلع العام الجاري عزمها التنسيق مع الشركات المحلية لاستيراد نحو ستة ملايين طن من الخارج؛ بهدف حماية السوق المحلية من نقص المعروض، وهو النقص الذي سيقود - في حال حدوثه - إلى ارتفاع كبير في الأسعار النهائية، بالإضافة إلى توقف بعض المشروعات عن الإنشاء.

وتأتي هذه التطورات في الوقت الذي باتت فيه شركات الإسمنت في السوق السعودية مرشحة بشكل كبير لتحقيق أرباح إضافية خلال الربع الأخير من العام الجاري. يأتي ذلك في الوقت الذي بدأت فيه وتيرة تنفيذ المشروعات الحكومية في التسارع الملحوظ خلال الأسابيع القليلة الماضية، وسط تحركات كبرى تقوم بها الشركات المحلية لزيادة قدراتها التنافسية، من خلال توسيع دائرة خطوط الإنتاج.

في هذا السياق، أكد فيصل العقاب، الخبير الاقتصادي والمالي، لـ«الشرق الأوسط» أمس، أن شركات ومصانع الإسمنت السعودية ما زالت تواجه تحديات كبرى في كيفية توفير الوقود لخطوط إنتاجها الجديدة، حيث قال: «يجب أن تكون بين شركات الإسمنت والشركة المزودة للوقود اتفاقيات بينية وخطة عمل مجدولة قبل التفكير في إنشاء أي خط إنتاج جديد». ولفت العقاب خلال حديثه إلى أن السنوات القليلة الماضية شهدت توقف بعض خطوط الإنتاج؛ بسبب عدم توافر الوقود من قبل الشركة المزودة، مضيفا: «السوق المحلية بحاجة إلى مزيد من خطوط الإنتاج والمصانع، وهذا الأمر لن يجري إلا في حال توفير الوقود اللازم».

من جهة أخرى، أكد فهد الحمادي، رئيس اللجنة الوطنية للمقاولين في السعودية، خلال تصريح سابق لـ«الشرق الأوسط»، أن معدلات تنفيذ المشروعات خلال الربع الأخير من كل عام، عادة ما تكون أعلى من الأرباع الثلاثة الأولى، حيث قال: «الوزارات والجهات الحكومية تسارع في دفع الالتزامات التي عليها للمقاولين، الذين يرفعون وتيرة تنفيذ المشروعات خلال هذا الربع، خصوصا أن هذه الجهات الحكومية تستهدف الحصول على ميزانيتها دون نقص من العام المالي الجديد».

وحسب معلومات توافرت لـ«الشرق الأوسط» أمس، فإن مصانع الإسمنت السعودية كشفت لوزارة البترول والثروة المعدنية في البلاد عن قدرتها على ضخ مزيد من خطوط الإنتاج، في حال تعهد الوزارة مع شركة أرامكو بتوفير الوقود اللازم لخطوط الإنتاج الجديدة، وهو الأمر الذي سيضمن استمرار الإنتاج، وزيادة المعروض بالسوق. في هذا الإطار، من المتوقع أن تستمر الحكومة السعودية في ضخ مليارات الريالات خلال السنوات القليلة المقبلة في مشروعات البنية التحتية، خصوصا أنها بدأت فعليا خلال الأيام القليلة الماضية إطلاق المشروعات التنموية لوزارة الإسكان، التي تهدف لتقديم 500 ألف وحدة سكنية للمواطنين بالبلاد. وقد حققت شركات الإسمنت المدرجة في سوق الأسهم السعودية نموا في أرباحها بالربع الثاني من العام الجاري بلغت نسبته 21 في المائة، ونموا في النصف الأول ككل بنسبة 13 في المائة، رغم تحقيقها نموا في أرباحها التشغيلية في الربع الثاني بنسبة 17 في المائة، وفي النصف الأول بنسبة 7 في المائة.

يأتي هذا النمو رغم تراجع متوسط سعر الطن في الربع الثاني بنسبة 4.9 في المائة، وفي النصف الأول بنسبة 5.1 في المائة، وهو ما يشير إلى أن هناك سببا آخر غير المبيعات والأسعار ساعد على ارتفاع الأرباح الصافية للقطاع بهذه النسبة، وهو ما يظهر جليا فيما ذكرته الشركات في إعلانات أرباحها من أسباب للارتفاع، كثير منها غير تشغيلية وغير متكررة.

وبلغت أرباح شركات الإسمنت في النصف الأول من العام الجاري نحو 3.6 مليار ريال (960 مليون دولار)، بنسبة ارتفاع بلغت 12.79 في المائة، مقارنة بالفترة المقابلة التي بلغت 3.2 مليار ريال (853 مليون دولار)، وجاءت تلك الارتفاعات رغم تراجع متوسط سعر الطن للقطاع إلى 265.2 ريال (70.6 دولار) في الربع الثاني من 2013 مقارنة بـ278.9 ريال (74.4 دولار) للطن في الربع المقابل.

يذكر أن وزارة التجارة والصناعة السعودية قالت في وقت سابق: «نسقت الوزارة مع شركات الإسمنت في المملكة لتوفير نحو ستة ملايين طن من الإسمنت المستورد قبل نهاية العام الجاري؛ لإمداد السوق باحتياجاتها من السلعة، وضمان توافرها بالأسعار المحددة للمستهلكين في جميع المناطق».

وحسب وزارة التجارة والصناعة السعودية، فإن حجم كميات الإسمنت السائب والمكيس التي وصلت الموانئ والمنافذ الحدودية للمملكة خلال الفترة الماضية، إلى جانب الكميات المتعاقد عليها فعليا حتى شهر مايو (أيار) الماضي، بلغ أكثر من 1.2 مليون طن، وهو الأمر الذي أسهم بشكل كبير في استقرار السوق، وسد الاحتياج المتزايد لإقامة المشروعات.