نورة الشعبان: استثمار الذات هو الأفضل.. وعلى المرأة السعودية الخروج من «التجارة التقليدية»

قالت في حوار مع «الشرق الأوسط» إن برامج التدريب في السوق المحلية تتسم بالعشوائية

بائعات سعوديات و في الاطار نورة الشعبان
TT

* كيف كانت بداية نورة الشعبان؟

- حصلت على دبلوم التربية، ثم عملت مدرسة، ثم مشرفة، وتدرجت حتى أصبحت مديرة، وبعد أن شغلت هذا المنصب لمدة ثماني سنوات، قررت أن أغير مسار حياتي، فتركت العمل في التعليم، حيث شعرت أنه شديد الروتينية، ولا يتناسب مع شخصيتي، فكنت أشعر أن هذا الروتين في العمل يقتل الإبداع بداخلي، فقررت أن أكمل دراستي، وفعلا حصلت على درجة البكالوريوس في العلاقات العامة والإعلام، ثم عملت منسقة إعلامية في مدينة الجبيل الصناعية لكثير من الأنشطة والفعاليات، وبعدها عملت في قسمي إدارة المشاريع والبحوث والتطوير في شركة أرامكو، حيث اكتسبت الكثير من الخبرات التي أهلتني لنيل شهادات متخصصة في مجال التدريب وأسس الإشراف.

* لماذا تبنيت فكرة تأسيس ملتقيات إبداع؟

- قبل الخوض في التجربة ركزت على بناء شخصيتي واكتشاف مهاراتي، وبدأت بالدراسة وتوثيق خبراتي داخل المملكة وخارجها، فتعلمت خارج المملكة والتحقت بالعديد من الدورات المتقدمة التي حرصت من خلالها على تطوير ذاتي واكتساب مهارات التأثير على الآخرين وبناء القيادات الشابة، فوجدت أن الاستثمار الحقيقي يتركز في بناء الذات، واستثمار الأموال في بناء العقول، حيث جاءت فكرة هذه الملتقيات بعد أن قررت امتلاك مؤسسة توفر البيئة المناسبة للمرأة لتكتشف فرص إبداعها، وأن تأخذ المؤسسة على عاتقها تطوير إمكانات المرأة السعودية وفتح آفاق تفكيرها ومجالات العمل والتدريب لها، وتهيئتها لسوق العمل وصقل مهاراتها من خلال تأمين تقنيات تواصل وبرامج تأهيلية متنوعة تساعدها على تحقيق هذه الأهداف، لذلك جاءت المؤسسة لتنمية المهارات وبناء الشخصية والارتقاء بالقدرات.

* ما طبيعة البرامج والتقنيات التي طرحتها لتأهيل المرأة؟ وكيف تقيمين مدى النجاح أو الإخفاق في البرامج التي تقدمينها؟

- لقد أدركت منذ البداية أن المرأة السعودية بحاجة إلى رحلة تنقلها للتفاعل مع العالم الخارجي، رحلة تساعدها على الغوص في مكنوناتها الداخلية لكي تكتشف نفسها أولا، فقدمت لها برامج «اكتشفي ذاتك وأطلقي إبداعاتك»، وبرامج «فن الإلقاء وقوة التأثير»، وبرامج «صناعة الذات قبل إدارة الذات»، وبرامج «رؤى استراتيجية وحلول لرائدات الأعمال»، إلى جانب برامج «تقنيات التواصل وفن بناء الجسور»، و«الثقة بالنفس»، و«خطوات استراتيجية لبناء الشخصية القيادية»، و«مبدعة قيادية.. بأفكاري وإنجازاتي»، وبرامج متنوعة عن العمل التطوعي بوجود نخبة من المختصات في مجالات متعددة من داخل وخارج المملكة.

وأحرص في آخر كل عمل أو تدريب على أن تملأ الفتاة استمارة تقييم لورش العمل والدورات التي تشارك فيها معنا، لنتعرف من خلالها عما إذا كانت الدورة حققت أهدافها، ومدى استفادة المشاركين منها، ومن خلال الاستمارة أيضا نقوم بالربط بين المتدربة والأقسام التي تحتاج إليها، كمجالات الفن التشكيلي، أو الحاسب الآلي والتصميم، فنعرفها على سيدات لديهن أعمال في ذات المجال، فنكون بمنزلة حلقة الوصل بين الفتاة ومجال العمل داخل المملكة وخارجها بحكم علاقاتنا الشاسعة.

* كيف تقيمين إبداعات المرأة السعودية؟ وما المجالات التي يمكن للمرأة السعودية الإبداع فيها؟

- المرأة السعودية مليئة بالطاقات الإبداعية، لكن يجب أن تتعرف على نفسها، وأن تفهم نفسها أولا حتى يفهمها الآخرون، والناس مختلفون بشخصياتهم وتفكيرهم وحياتهم، وبالتالي عندما نتعرف على خصائص هذه الفئات المستهدفة بالنسبة لنا، وهن الطالبات، وسيدات المجتمع، نعطيهن احتياجاتهن باكتشاف الطاقات الكامنة لديهن، أيضا هناك من تحتاج إلى تحديد أهدافها أو الإمساك بيدها وتوجيهها لأول الطريق. وبشكل عام يمكن القول إن بعض النساء يعانين الخوف من مواجهة الجمهور وعدم الثقة بالذات، على الرغم من أن بعضهن يمتلك العديد من المهارات والإنجازات والطاقات الكامنة، ولذلك نركز في برامجنا على بناء ثقتها بنفسها وتعليمها الاعتماد على الذات وتدريبها على مهارات الإلقاء والحوار وتوصيل المعلومة. وتنجح المرأة في جميع المجالات التي لا تتعارض مع أنوثتها، من صحافة، وإعلام، وعلاقات عامة، واستثمار، وعقار، وتسويق، وجمارك، وأمن عام، وعلوم صحية، وصيدلة، وهندسة، وبرمجة، وبحوث وتطوير. فالمرأة كائن معطاء، وقادرة بذكائها وقدراتها العقلية وما تتميز به على أن تعمل وتبدع وتنجح، لكنها تحتاج إلى من يساعدها على تثقيف وتطوير ذاتها، فهي تنجح في كل مجال تحبه، ولا يشترط أن نحصرها في أمور التجميل والماكياج والعطور والأزياء والطبخ، فقد سبقتنا السيدة عائشة - رضي الله عنها - عندما كانت تعلم الناس أمور دينهم، أيضا هناك سيدة الأعمال الأولى في التاريخ الإسلامي، السيدة خديجة بنت خويلد - رضي الله عنها. أيضا بلقيس ملكة سبأ، وهناك إمكانية لنجاح المرأة في تولي المناصب العليا الوزارية القيادية، فالمرأة موجودة وناجحة منذ زمن بعيد.

* من أين جاءتك فكرة هذه الملتقيات؟

- انطلقت بداية الإبداعات من خلال أمسية في الدمام، وحضر هذه الأمسية 350 سيدة، ثم بدأت من خلالهن مناقشة فقرة كاملة أعددتها عن «المبدعات»، وهو الاسم الذي حملته الفقرة، ومن هنا انطلقنا في الإعداد لكثير من الحوارات بيننا، وبدأنا نتواصل مع المجتمع، ووجدنا تجاوبا كبيرا وتفاعلا قويا من كافة المستفيدين والمستفيدات من هذه الدورات، وأحببت اسم «إبداع»، وشعرت أنه جزء كبير مني ومن شخصيتي التي تسعى إلى الإبداع والتطوير باستمرار، وكنت أشعر بالسعادة عندما أنجز أعمالي وأسمع كلمة مبدعة. والحمد لله، أقمت تسعة ملتقيات إبداع، آخرها «الريادة الاجتماعية.. إبداع ومسؤولية»، برعاية الأميرة جواهر بنت نايف بن عبد العزيز، وتشريف حرم وزير العمل مها فتيحي، بالتعاون مع جمعية العمل التطوعي بقيادة عضو مجلس الشورى نجيب الزامل.

* كيف يمكن للمستثمرة السعودية أن تستفيد من طاقاتها الإبداعية؟

- أن تحدد أهدافها بدقة في معظم جوانب حياتها، وإلا فإنها لن تستطيع أن تصيب هدفا لا تراه. إن أصحاب العقول العظيمة يجب أن يكونوا مستعدين دائما، ليس لاغتنام الفرص فحسب، لكن لصنعها أيضا.

* ما أبرز مبادئ التفكير الإبداعي التي تنصحين بها سيدات الأعمال؟

- حددي العقبة الرئيسة التي تقف بينك وبين هدفك، وابدئي بإزالتها، وذلك من خلال رفع مستوى الإدراك الذاتي، وبناء العادات الفعالية في سلوكك، والبحث عن مصادر للاستمتاع بمهمتك، ومكافأة نفسك على النجاح، وعدم ترك أي مجال للمحبطين، والعمل على تجديد القدرات بشكل دائم ومستمر، والعمل مع شخص يتحدى قدراتك.

* ماذا عن سوق التدريب في السعودية؟

- سوق التدريب في السعودية لها مسيرة عشوائية، وأنا أرى أن العشوائية مدمرة وقاتلة ولا يتوقع منها نتائج مثمرة، فالسوق التدريبية ينقصها التخطيط ووضع الاستراتيجية الاحترافية في التنفيذ، وقد دعوت المستثمرات السعوديات للدخول في هذه السوق مع الأخذ بعين الاعتبار الاهتمام بالتدريب الواعي والمنظم والبعد عن التدريب التجاري، كما أدعو إلى تعزيز التدريب التطبيقي التفاعلي الذي يعتمد على قصص النجاح وعرض التجارب العملية للنجاح للوصول إلى الأبواب المغلقة وفتحها والنظر إلى خارج الحدود والاستفادة من وسائل الإعلام والاتصال الحديثة وتبادل الخبرات والتواصل مع البرامج التدريبية خارج المملكة والنظر إلى كل البرامج التدريبية المتنوعة والمختلفة والثرية والتواصل مع الشباب والشابات من دون تحديد أو تحجيم، وأن نأخذ ما ينفعنا من البرامج العالمية من دون الذوبان معها، وأن نأخذ ما ينفعنا من هذه العلوم بمعايير اجتماعية ونفسية.

* ما الطموحات المستقبلية التي تتطلعين إليها؟

- إننا بحاجة إلى خلق احتياجات جديدة لسوق التدريب والخروج من الاستثمارات التقليدية في التجميل والأزياء والدخول إلى قطاعات جديدة واحتياجات جديدة في سوق العمل، مثل الدخول في عالم الصناعة بعملية تأنيث المصانع، بما يؤدي إلى تشغيل العديد من السيدات والأرامل والمطلقات اللاتي يعانين من البطالة، ولا سيما أن ملك الإنسانية قد فتح كافة الأبواب أمام تمكين المرأة السعودية من الاستثمار في كافة القطاعات، بما يحقق لها النجاح في مسيرتها بالتنمية الاجتماعية والاقتصادية.

* هل صادفتك صعاب خلال أعمالك المتنوعة؟

- أحب أن أسميها مطبات، أحبها كثيرا لأنها تصقلني لأكون أكثر تميزا، لكنني كإنسانة أضع أمامي الاستعانة بالله، وأفكر بشكل صحيح، وأستشير أصحاب الخبرة، ثم أخطط لما أريد تحقيقه، بعدها أبدأ في التنفيذ، تليه مرحلة التقييم التي لا تقل أهمية عن باقي الخطوات؛ لأنها تحافظ على الأداء وتطوره إلى الأفضل، حيث أرى أخطائي، وبالتالي أتجنبها، ومنها أيضا أعرف نقاط الضعف والقوة في أدائي، وبالتالي أتغلب على العقبات التي قد تصادف أي إنسان في حياته، فالمستقبل ينحاز للمتميزين والمغامرين، وليس لطالبي الراحة.

* ما طموحاتك وأنت ما زلت في مقتبل العمر؟

- أتمنى أن أكون سفيرة حقيقية لديني ووطني. أحب الاهتمام بالارتقاء الفكري لبنات وطني، وأحب أن يكتسبن مميزات السرعة في الأداء والإتقان في العمل، وأتمنى أن أترك بصمة في مجتمعي، لأن الإنسان هو من يترك أثرا طيبا لدى المحيطين به عن طريق العلم النافع، وفي سبيل ذلك ما زلت حتى الآن أحب الالتحاق بالدورات لمزيد من المعرفة، فالدين يدعو إلى العلم، ومجتمع بلا دين وعلم هو مجتمع بلا هوية، فكل امرأة سعودية هي نجمة في سماء هذا الوطن، وكل نجمة لها عطاء وبريق يبهر الأنظار، وبالعمل ستتألق كل امرأة سعودية بعملها وجديتها.

* نورة الشعبان في سطور

* مثلت الشعبان المرأة السعودية في مؤتمرات محلية ودولية وبرنامج وزارة الخارجية الأميركية «تعزيز دور المرأة القيادية 2012»، كما مثلت المرأة السعودية في منظمة العمل الدولي في بيروت بترشيح من مجلس الغرف السعودية لبرنامج «المرأة والإدارة»، وترأست ملتقى النساء القياديات في الرياض، إلى جانب كثير من المشاركات في فعاليات مختلفة حققت فيها تغيير حياة الكثيرين في اتجاه الأفضل لتضع بصمة مميزة من خلال تجربتها الدولية التي قدمت للمرأة إضاءات قوية ومؤثرة.