بعد سداد غرامة بالمليارات.. «جيه بي مورغان» يرفع راتب الرئيس التنفيذي ديمون

مجلس الإدارة قرر زيادة راتبه مكافأة لإشرافه على البنك خلال الفترة الصعبة

جيمي ديمون الرئيس التنفيذي لبنك «جي بي مورغان تشيس» (أ.ب)
TT

يحصل جيمي ديمون، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لبنك «جيه بي مورغان تشيس»، على زيادة في راتبه بعد مرور عام على الأزمة التجارية المخزية التي أدت إلى تقليل الرواتب التي يتقاضها والتي تصل إلى ملايين الدولارات.

وطبقا لما ذكره كثير من المسؤولين التنفيذيين، صوت مجلس إدارة بنك «جيه بي مورغان» هذا الأسبوع على زيادة قيمة مكافأة الرواتب السنوية التي يتقاضها ديمون في عام 2013 خلال المناقشة الدقيقة لإجمالي الرواتب، وذلك بعد انعقاد سلسلة من الاجتماعات التي اتسمت بسخونة المناقشات في بعض الأوقات. وتأتي هذه الزيادة - التي لم يكشف عن تفاصليها يوم الخميس - عقب الإجراء الذي اتخذه مجلس الإدارة في العام الماضي لتقليص قيمة رواتب ديمون بمقدار النصف لتصل إلى 11.5 مليون دولار.

وعندما جرى تقليل هذا الراتب، كان مجلس الإدارة يوجه توبيخا شديدا بسبب التأثير العكسي للخطأ التجاري الفادح المعروف باسم «حوت لندن». وفي هذا الأسبوع، اجتمع المديرون في غرفة المؤتمرات في المقر الرئيس للبنك في بارك أفينيو. وناقش المجتمعون ماهية الرسالة التي ستصدر عن قرارهم المقبل بشأن رواتب رئيس البنك.

وكان هذا الجدال بمثابة اختبار لقدرة أقلية صريحة من المديرين الذين أردوا بقاء راتبه ثابتا بشكل كبير - مشيرين إلى الغرامات التي سددها جيه بي مورغان في العام الماضي للسلطات الفيدرالية والتي وصلت تقريبا إلى 20 مليار دولار - في مواجهة المديرين الذين قرروا وجوب زيادة راتب ديمون لمكافأته على إشرافه على البنك خلال تلك الفترة الصعبة. وخلال الاجتماعات، غادر بعض أعضاء مجلس الإدارة غرفة المؤتمرات، حيث تحركوا في رواق الطابق الخمسين ذهابا ومجيئا نظرا لسخونة المناقشات.

يذكر أنه سيجري كشف النقاب عن تفاصيل هذه الزيادة في الأيام المقبلة، ومن المحتمل أن يكون ذلك في يوم الجمعة.

ومن جانبه رفض المتحدث الرسمي باسم البنك التعليق على هذا الأمر.

ويشير المدافعون عن ديمون إلى دوره الفاعل في التفاوض خلال سلسلة من التسويات الحكومية التي ساعدت بنك «جيه بي مورغان» على التحرك بعد معاناته أكبر المشكلات القانونية التي واجهته. وعلاوة على ذلك، يرى هؤلاء المؤيدون لديمون أنه عزز موقفه بين أعضاء مجلس الإدارة - وفقا لما ذكره بعض الأشخاص بشأن هذا الأمر - من خلال أداء مهامه بوصفه مفاوضا رئيسا لبنك «جيه بي مورغان»، مما ساعد في التخطيط الجيد للتوصل إلى مجموعة من التسويات مع الحكومة هذا العام.

وبالإضافة إلى ذلك، ففي خلال فترة توليه لمنصبه، حقق البنك أرباحا عالية وارتفعت أسعار الأسهم بنسبة تزيد على 22 في المائة على مدار الـ12 شهرا الماضية. وانتقد بعض أعضاء مجلس الإدارة ما اعتبروه تحمسا بشكل أكثر من اللازم من جانب أعضاء النيابة الفيدراليين فيما يخص الضرائب الكبيرة أكثر من ديمون أو البنك، قائلين إن جيه بي مورغان يتعرض للمعاقبة بسبب أخطاء مؤسسات، مثل بير ستيرنز، من خلال المسارعة بالشراء أثناء الأزمة المالية.

بيد أن كثيرا من هذه المشكلات ظهرت أثناء فترة إشراف ديمون، بما في ذلك سداد غرامة قدرها مليار دولار إلى المشرعين بسبب الأزمة التجارية. ومن خلال بقاء راتبه من دون تغيير، يمكن إرسال رسالة رمزية إلى السلطات لإبداء الأسف.

وعوضا عن ذلك، فقد يؤدي قرار مجلس الإدارة بزيادة الراتب إلى إثارة حفيظة النقاد الذين تساءلوا ما إذا كان بإمكان المديرين تقديم مراجعة فاعلة فيما يخص ديمون، الذي يشغل منصبي رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي ويتمتع بشخصية قوية، أم لا. ودعا بعض المساهمين إلى تقسيم هذه المهام بهدف تقييد سلطته، غير أن مقترح التقسيم رفض بسهولة خلال الاجتماع السنوي للبنك في الربيع الماضي.

ومن غير المحتمل أن يتلقى ديمون أي مبالغ تقترب مما حصل عليه في عام 2011، عندما أخذ 23.1 مليون دولار، وكان راتبه هو الأعلى بين المديرين التنفيذيين في البنوك الكبيرة. وحتى الآن، لم تقم أي شركة من أكبر شركات وول ستريت بمنح مكافأة الراتب لعام 2013 لكبار التنفيذيين التابعين لها. وفي العام الماضي، حصل ليود بلانكفين، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لبنك «غولدمان ساكس»، على راتب صافي قدره 21 مليون دولار لعام 2012، وهو ما يصل إلى نحو ضعف الراتب الذي تقاضاه ديمون في وقت من الأوقات، حينما خفض مجلس الإدارة راتبه. وفي مؤسسة ولز فارجو، تلقى جون ستامبف، الرئيس التنفيذي للبنك، راتبا قدره 19.3 مليون دولار نظرا لإسهامه في وضع البنك على رأس أكبر المقرضين في مجال الرهن العقاري على مستوى البلاد.

وتشير الدلائل المبدئية، مثل التعويضات المالية للأسهم، إلى احتمالية زيادة رواتب الرؤساء التنفيذيين المصرفيين هذا العام. فعلى سبيل المثال، قامت مؤسسة مورغان ستانلي بمنح رئيسها التنفيذي جيمس غورمان أسهما مصدرة على سبيل المكافأة بقيمة نحو خمسة ملايين دولار كجزء من مكافأته الإجمالية لعام 2013. وتعادل هذه المكافأة ما يقارب ضعف ما حصل عليه قبل عام.

وقد يكون مديرو جيه بي مورجان قرروا وجوب حصول ديمون، ربما مثل أقرانه، على زيادة، ولكن قد يبدو قرار الزيادة هذا بالنسبة للمواطنين الأميركيين العاديين – ومن الممكن أن يكون بالنسبة للمشرعين أيضا - أمرا غريبا ومثيرا للفضول مع الوضع في الاعتبار الغرامات غير العادية التي حصلت عليها السلطات الفيدرالية من البنك. وليس من المألوف للمديرين التنفيذيين فقدان وظائفهم عندما تتعرض شركاتهم للضرر من قبل المشرعين.

بيد أنه هناك اختلاف مهم يتمثل في أن الموقف القانوني الصعب الذي تعرض له بنك «جيه بي مورجان» لم يهدد البنك ماليا. وعلى الرغم من ذلك، ذكر جيه بي مورغان أن الأرباح السنوية بلغت 17.9 مليار دولار في عام 2013، في حين أن الرسوم القانونية الباهظة تسبب القلق بالنسبة للمحصلة النهائية للبنك. وفي الوقت الذي تعثر فيه الرؤساء التنفيذيون الآخرون أثناء الأزمة المالية، لم يحدث ذلك لديمون الذي خرج من الأزمة قويا بشكل أكثر من ذي قبل.

سطع نجم ديمون في الفترة الأخيرة، حيث لعب دورا مهما في عملية التفاوض بين البنك والسلطات الحكومية من خلال الاتفاق على سداد 13 مليار دولار لتسوية بيع البنك لأوراق مالية مدعومة بالرهن العقاري في العام الذي سبق الأزمة المالية. وبالإضافة إلى ذلك، شارك ديمون في مفاوضات أخرى لسداد ملياري دولار لتسوية اتهامات بتقاعس البنك وتغاضيه عن عملية الاحتيال التي أحاطت ببرنارد مادوف.

وقبل ساعات من قيام وزارة العدل بالإعلان عن التهم المدنية ضد جيه بي مورغان بسبب مبيعاتها من استثمارات الرهن العقاري المحفوفة بالمخالفات في شهر سبتمبر (أيلول)، تواصل ديمون شخصيا مع النائب العام أريك هولدر. وبناء على ذلك، أدى هذا التواصل إلى تجنب الدعوة القضائية والتوصل في النهاية إلى الاتفاق الذي جرى التفاوض بشأنه. وبعد ذلك بأشهر قليلة، كان ديمون يؤدي مهام المبعوث المفوض مرة أخرى، حيث اجتمع في هذه المرة مع المدعي العام في مانهاتن بريت بهرارا، الذي كان يقود التحقيقات في «مخطط بونزي» الخاص بمادوف.

وطبقا لما ذكره البعض بشأن هذا الأمر، بذل مجلس إدارة جيه بي مورجان جهودا كبيرة لتوجيه الاهتمام بشكل متوازن فيما يخص تحديد مكافأة ديمون. وقد تؤدي زيادة الراتب بشكل كبير إلى بعث رسالة خاطئة إلى المساهمين والمشرعين. ومع ذلك، فإن تقليل راتب ديمون سيؤدي إلى إثارة نفور الرئيس التنفيذي، وهو ما يخشاه بعض أعضاء مجلس الإدارة.

وفي النهاية، يوضح أعضاء مجلس الإدارة أنهم يسعون للحفاظ على الوضع الحالي وعدم فقدان زيادة الراتب، معترفين بأنه على الرغم من أن طريقة استيعاب مسألة الزيادة قد تكون غير محبذة، فإن تأثير التخفيض أو السيطرة الدقيقة على راتب ديمون يمكن أن يكون لها تأثيرات أكثر عمقا داخل البنك.

ووفقا لما ذكره البعض، يستفيد ديمون من وجهة النظر التي يتبناها بعض أعضاء مجلس الإدارة بأن هجوم الحكومة على بنك «جيه بي مورغان» يرجع بشكل ضئيل إلى التجاوزات الفعلية للبنك، في حين يتمثل الدافع الأكبر وراء ذلك الهجوم في الرغبة، المدعومة بالشعور المعادي للبنك، للظهور بمظهر قوي ضد وول ستريت.

وفي ضوء التأكيد على هذا الشعور، قال ديمون، أثناء مقابلة تلفزيونية أجريت معه يوم الخميس في دافوس بسويسرا: «أعتقد أن جانبا كبيرا من هذا الشعور غير صحيح».