موجة هبوط عملات الأسواق الناشئة تضطر البنوك المركزية للتدخل

تقليص التحفيز الأميركي وهبوط نمو الصين أثارا مخاوف من انهيار واسع الآفاق

البيسو الأرجنتيني تضرر لمستويات أزمة عام 2002 في أسوأ هبوط يومي له (أ.ف.ب)
TT

تحرَّك كبار المسؤولين في الأسواق الناشئة لتبديد المخاوف بشأن اقتصادياتها، أمس (الجمعة)، بعد أن أقبل المستثمرون على بيع عملات هذه البلدان، الأمر الذي أثار المخاوف من انهيار واسع للأسواق.

وكانت خطة مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) لتقليص إجراءاته للتحفيز النقدي تدريجيا قد أثارت توقعات بأنها ستؤدي إلى التخارج من الأسواق الناشئة، لكن احتمال تباطؤ النمو الاقتصادي في الصين عزز المخاوف الجمعة من أن الأسواق الناشئة، ولا سيما تلك التي تعاني عجز في موازين معاملاتها الجارية، قد تلقى صعوبة في دعم عملاتها هذا العام.

وقالت الأرجنتين، أول من أمس (الجمعة)، إنها ستخفف قيود العملة التي تدافع عنها منذ وقت طويل بوصفها ضرورية، وذلك في تغيير للسياسة دفع إليه ارتفاع معدلات التضخم وهبوط العملة (البيزو).

وهوت الليرة التركية إلى مستويات قياسية على الرغم من تدخل في سوق الصرف أنفق فيه ثلاثة مليارات دولار خلال الجلسة السابقة. وراوح الروبل والراند حول مستويات لم تُشهد منذ الأزمة المالية في عامي 2008 و2009.

وهون علي باباجان نائب رئيس الوزراء التركي من شأن هبوط الليرة، ووصفه بأنه «مجرد إعادة تسعير» للعملة يرجع في جانب منه إلى خطط مجلس الاحتياطي الاتحادي الأميركي، وفي جانب آخر إلى الفوضى السياسية التي عصفت بالبلاد في الآونة الأخيرة.

وقال إن البنك المركزي يتخذ الإجراءات اللازمة لمعالجة الموقف، وأضاف أن تركيا محمية من تقلبات الأسواق بفضل سلامة أوضاعها المالية.

وقال وزير المالية المكسيكي لويس فيديجاراي لتلفزيون «رويترز» في مقابلة في دافوس إن التقلبات الحالية لن تسبب مشكلة كبيرة في بلاده.

وقال: «المكسيك من بلدان الأسواق الناشئة، ومن ثم فإن كل تقلب سيكون له بعض الأثر، لكن المكسيك في وضع جيد للتغلب على عاصفة العملات».

وقال واضعو السياسات والمحللون في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس إنه ليست كل الأسواق الناشئة متساوية، وإن اضطراب الأسواق سيبعد المستثمرين عن الاقتصاديات الضعيفة، لكن لن يبعدها عن الاقتصاديات القوية.

وتدخّلت البنوك المركزية في العالم النامي في أسواق العملات، أول من أمس (الجمعة)، في محاولة لتحقيق استقرار العملات التي تتراجع قيمتها بوتيرة سريعة في موجة هبوط تعصف بالأسواق الناشئة.

وفي تركيا، رفض البنك المركزي رفع أسعار الفائدة مع أن الليرة هبطت قيمتها نحو تسعة في المائة هذا الشهر، الأمر الذي أذكى المخاوف من ارتفاع معدلات التضخم ونزوح المستثمرين. واعتمد البنك بدلا من ذلك على إقامة عطاءات لبيع الدولار، ولجأ يوم الخميس إلى ما يرى المحللون أنه أول تدخل مباشر له منذ أوائل عام 2012.

وعلى الرغم من تلك المبيعات التي يقدر أنها بلغت إجمالا نحو عشر احتياطياته، فإن الليرة هبطت قيمتها نحو اثنين في المائة لتنزل دون المستوى المهم 2.30 مقابل الدولار.

وقالت مؤسسة «آر بي إس» في مذكرة لعملائها: «البنك المركزي التركي لا يملك قوة النيران الكافية لمكافحة الضغوط على الليرة»، وأضاف: «إنه استنفد أدوات الامتناع عن رفع الفائدة وسيكون الإجراء الرئيس التالي هو إحداث زيادة مباشرة في أسعار الإقراض».

والليرة ليست سوى واحدة من عملات كثيرة هوت تحت ضغط مخاوف المستثمرين بشأن الصين، واحتمالات تقليص إجراءات التحفيز النقدي الأميركية والمتوقع أن يجري هذا الشهر، وقد يؤثر على التدفقات الاستثمارية إلى الاقتصاديات الناشئة.

ويعتقد أنه كان بين البنوك المركزية التي تدخلت للدفاع عن عملاتها الجمعة الهند وتايوان وماليزيا. وقامت روسيا مرة أخرى بخطوة تعديل نطاق تحرك الروبل بعد أن قامت ببيع 350 مليون دولار من العملات الصعبة.

وعلى الرغم من ذلك كله لم يكن هناك هدوء لالتقاط الأنفاس فقد هوت الروبية والريال البرازيلي والروبل والراند جميعا أكثر من واحد في المائة مقابل الدولار. وسجلت العملة الروسية أيضا مستوى قياسيا متدنيا مقابل اليورو.

وقال لارس كريستنسن كبير محللي الأسواق الناشئة في بنك دانسكي في كوبنهاغن: «أعتقد أننا قد نشهد بعض الإجراءات من جانب البنوك المركزية، فهم سيحاولون الحد من موجة الهبوط، ومن غير المحتمل أن يتمكنوا من تحقيق استقرار العملات».

وقال كريستنسن إن ضعف العملات سيكون في نهاية المطاف في صالح النمو ولكن الألم سيكون شديدا.

وأظهرت بيانات لمؤسسة «إي بي إف آر غلوبال» أرسلت إلى عملائها في وقت متأخر يوم الخميس أن الأسواق الناشئة شهدت نزوح المستثمرين، فقد خرج نحو أربعة مليارات دولار من صناديق أسهم الأسواق الناشئة حتى الآن هذا العام. وشهد الأسبوع المنتهي في 22 من يناير (كانون الثاني) هبوطا بمقدار 2.4 مليار دولار، وذلك للأسبوع الـ13 على التوالي من الخسائر. وكانت صناديق السندات أكثر مرونة، إذ إنها شهدت خروج 0.4 مليار دولار، ولكنها خسرت أيضا مليار دولار حتى الآن في عام 2014.