بروكسل: الفساد يكبد الاقتصاد الأوروبي 160 مليار دولار سنويا

المفوضية الأوروبية طلبت من ألمانيا تشديد قواعد تولي الساسة السابقين مناصب اقتصادية

TT

نشرت المفوضية الأوروبية ببروكسل تقريرا الاثنين، حول الفساد في دول الاتحاد الأوروبي، وقالت: إن الفساد لا يزال يشكل تحديا لأوروبا ويؤثر على جميع الدول الأعضاء، ويكلف الاقتصاد الأوروبي 120 مليار يورو سنويا (160 مليار دولار)، وجاء في التقرير، أن الدول الأعضاء اتخذت الكثير من المبادرات في السنوات الأخيرة ولكن جاءت النتائج غير متساوية وينبغي عمل المزيد لمنع الفساد ومعاقبة من يقف وراءه.

والتقرير الذي يعتبر الأول من نوعه الذي يصدر عن الجهاز التنفيذي للاتحاد الأوروبي، تضمن محاولات مكافحة الفساد في الدول الأعضاء ويبين التقرير أن طبيعة ومستوى الفساد وفعالية التدابير المتخذة لمحاربته، تختلف من دولة إلى أخرى داخل التكتل الموحد وفي نفس الوقت يظهر التقرير أن الفساد يستحق اهتماما أكبر لمواجهته في كل الدول الأعضاء وأظهر استطلاع للرأي، أجراه المكتب الأوروبي المتخصص في هذا الصدد «يوروباروميتر»، أن 76 في المائة من الأوروبيين يعتقدون أن الفساد منتشر وأكثر من نصف من شملهم الاستطلاع 56 في المائة، يعتقدون أن مستوى الفساد في بلدانهم زاد على مدى السنوات الثلاث الأخيرة وذكر 8 في المائة فقط من الأوروبيين أنهم شاهدوا حالات الفساد في العام الماضي، وقالت سيسليا مالمستروم المفوضة المكلفة بالشؤون الداخلية، بأن الفساد يقوض ثقة المواطنين في المؤسسات الديمقراطية وسيادة القانون، كما أنه يضر بالاقتصاد الأوروبي ويحرم الدول من عائدات الضرائب التي هي في أشد الحاجة إليها «وأضافت أن التقرير يتضمن ما يجب القيام به لمواجهة الفساد، وأنها تتطلع إلى العمل مع الدول الأعضاء لمتابعة هذا الأمر». وذكرت تقارير إعلامية أن المفوضية الأوروبية طلبت من ألمانيا تشديد قواعد تولي الساسة السابقين مناصب في الأوساط الاقتصادية، مشيرة إلى أن المفوضية انتقدت في تقريرها عن الفساد نقص قواعد تجنب تضارب المصالح.

وكانت قد أثيرت انتقادات في ألمانيا مؤخرا بسبب تقارير عن تولي وزير شؤون المستشارية السابق، رونالد بوفالا، منصبا في شركة السكك الحديدية الألمانية (دويتشه بان). تجدر الإشارة إلى أنه لا يجوز لمفوض أوروبي أن يتولى منصبا في الأوساط الاقتصادية قبل مرور 18 شهرا على تركه منصبه في المفوضية. كما انتقدت المفوضية في تقريرها عدم حماية تمويل الحملات الانتخابية بالقدر الكافي من نفوذ الشركات.

وتناول التقرير الإشارة إلى تأثيرات الفساد وبعض الاتجاهات المرتبطة بالفساد وفي ما يتعلق بآليات الرقابة نوه التقرير إلى استخدام السياسات الوقائية مثل القواعد الأخلاقية واتخاذ التدابير لزيادة الوعي بها وسهولة الوصول إلى المعلومات المتعلقة بالمصلحة العامة، وأشار إلى أن هناك اختلافات كبيرة بين الدول الأعضاء بشأن منع الفساد وقد ساهم قيام البعض بسياسات فعالة بنتائج قوية ونفذ البعض الآخر سياسات وقائية بطرق متفاوتة وكانت النتائج محدودة وأشار البيان أيضا إلى آليات الرقابة الداخلية وقال: إن الضوابط الداخلية على الإجراءات داخل السلطات العامة في الدول الأعضاء ضعيفة وغير منسقة هذا بالإضافة إلى أن قواعد تضارب المصالح تختلف في جميع دول الاتحاد الأوروبي وأن آليات التحقق غالبا ما تكون غير كافية ونادرا ما يتم تطبيق العقوبات ضد انتهاكات ضد هذه القواعد وتناول التقرير قواعد القانون الجنائي الذي جعل الفساد جريمة وتمشيا مع معايير مجلس أوروبا وتشريعات الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي فإن مكافحة الفساد في القوانين الوطنية يتم التعامل معها بطرق متفاوتة وفي نفس الوقت فإن إنفاذ القانون والملاحقة القضائية في قضايا تتعلق بالفساد تختلف على نطاق واسع في دول الاتحاد ويمكن أن ترى نتائج باهرة وفي دول أخرى تكون الملاحقات القضائية الناجحة ضد الفساد نادرة والتحقيقات تستغرق وقتا طويلا ولمح التقرير إلى أن إحصاءات جرائم الفساد الشامل تعتبر مفقودة في معظم دول الاتحاد، مما يجعل من الصعب عقد مقارنة أو تقييم للقواعد الإجرائية بما في ذلك قواعد تتعلق برفع الحصانة عن السياسيين وهي أمور تعيق قضايا تتعلق بالفساد في بعض الدول الأعضاء.

وفيما يتعلق بالبعد السياسي لملف الفساد قال التقرير بأن النزاهة في السياسة تظل قضية مهمة بالنسبة للكثير من الدول الأعضاء التي اعتمدت قواعد أقوى في ملف تمويل الأحزاب السياسية ولكن تبقى أوجه القصور كبيرة ونادرا ما يوجد في الاتحاد الأوروبي عقوبات رادعة ضد تمويل غير مشروع وعن أهم المناطق المعرضة لخطر الفساد في الاتحاد الأوروبي يشير التقرير إلى أن المخاطر عالية على المستويين الإقليمي والمحلي حيث تكون الضوابط الداخلية أضعف مما هي عليه على الصعيد المركزي هذا إلى جانب قطاعات محددة أكثر عرضة للفساد ومنها التنمية الحضرية والبناء والصحة، كما أن هناك بعض القصور فيما يتعلق بالإشراف على الشركات المملوكة للدولة وزيادة تعرضها للخسائر وبعد أن لمح إلى أن المشتريات العامة منطقة عرضة للفساد، انتهى التقرير إلى أن آفة الفساد، بمثابة مشكلة واسعة الانتشار إلا في عدد قليل من الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي.