منتدى باريس يوصي بتعزيز التعاون الدولي في مجال الإصلاح الاقتصادي

وزير المالية المغربي: سياسة تدبير التوازنات المالية والنقدية ساعدت البلاد على تجاوز الأزمات

TT

أوصى المشاركون في «المنتدى الاقتصادي لباريس في الدار البيضاء» بتعزيز الاندماجات الجهوية في مواجهة الأزمات والتحولات التي يعرفها العالم، مشددين على أن أي بلد لن يكون قادرا بمفرده على مواجهة تحديات المستقبل. وقال صلاح الدين مزوار، وزير الخارجية المغربي، في الجلسة الافتتاحية للمنتدى «اخترنا في المغرب أن نكون فاعلين وليس مجرد متفرجين على التحولات الجارية في العالم، مع الاحتفاظ بأقدامنا على الأرض».

وأشار مزوار إلى أنه على النخبة السياسية في العالم أن تعي التوجهات المستقبلية العميقة للعالم وتسايرها، وأن تأخذ بالاعتبار مطالب الأجيال الجديدة وتطلعاتها، بدل تركيز كل جهدها على التدبير اليومي والاكتفاء بمعالجة الإكراهات التي تواجهها على المدى القصير.

وأوضح مزوار أن على رأس هذه التوجهات الجديدة السير نحو عالم أقل تراتبية يقوده جيل جديد من الشباب ترعرع في أحضان الشبكات الاجتماعية والتواصل المباشر، ولديه مطالب ملحة في مجال الديمقراطية والشفافية والحوكمة، مشيرا إلى أن المجتمع المدني والشركات المتعددة الجنسية أصبحت أقوى من الدول، كما أصبحت شبكات التواصل الاجتماعي مؤثرة في توجيه القرارات حتى في دول عظمى، مثلما حدث في أميركا بخصوص أنظمة التقاعد، وفي الصين بخصوص البيئة.

وقال مزوار إن العالم يجتاز مرحلة انتقالية صعبة، حيث لا تزال القوى القديمة متمسكة بزمام الأمور فيما تبحث القوى الجديدة عن مكانتها في مجلس الأمن والمؤسسات المالية الدولية. ويرى مزوار أن الأوضاع الجديدة للعالم أصبحت تحتم على الدول أن تتطور في إطار تكتلات جهوية، مشيرا إلى أن المغرب عازم على الاضطلاع بدوره الاستراتيجي الذي يفرضه عليه موقع الجغرافي في الطرف الشمالي من الجنوب وفي الطرف الغربي من المشرق، كحلقة وصل بين أفريقيا وأوروبا والعالم العربي وغرب الأطلسي.

وبخصوص مسار اتحاد المغرب العربي، قال مزوار لـ«الشرق الأوسط» إنه يعد استراتيجيا بالنسبة للمغرب، غير أنه ما زال يعاني من الجمود والتوقف. وأضاف مزوار «اتحاد المغرب العربي متوقف تماما، ورغم كل المحاولات التي بدلناها في السنوات الأخيرة فما زلنا لم نحقق أي تقدم». وأضاف: «نتمنى أن تتغير الأمور إلى الأحسن لمصلحة الأجيال الجديدة وشعوب المنطقة».

ومن جهته، قال محمد بوسعيد، وزير المالية والاقتصاد المغربي، إن المغرب تمكن من مواجهة تداعيات الأزمة العالمية التي استمرت زهاء سبع سنوات بفضل اعتماد سياسة لتدبير التوازنات المالية والنقدية هادفة إلى تشجيع الطلب الداخلي، إضافة إلى وضع مخططات دعم ومساعدة لفائدة القطاعات المتضررة من الأزمة، الشيء الذي مكنه من المحافظة على النمو الاقتصادي وجاذبيته للاستثمارات الخارجية. إلا أن استمرار الركود في الاتحاد الأوروبي الشريك التجاري الرئيسي للمغرب، وارتفاع أسعار المواد الأولية والطاقة، يضيف بوسعيد، قلص من هامش الحركة لدى الحكومة المغربية ما أدى إلى تفاقم عجز الميزانية وعجز الميزان التجاري بشكل مقلق.

وأضاف بوسعيد قائلا: «للحد من هذا التفاقم ليس لدينا من خيار سوى تسريع الإصلاحات التي كانت مقررة في البرنامج الحكومي والتي تحظى بدعم المؤسسات المالية الدولية، خاصة صندوق النقد الدولي الذي وضع رهن إشارة المغرب خطا ائتمانيا وقائيا». وأوضح بوسعيد أن هذه الإصلاحات تهدف إلى الرفع من تنافسية الاقتصاد المغربي وتنويع منتجاته ومنافذه مع الحفاظ على التوازنات الاقتصادية الأساسية. وقال: إن المغرب نجح في ذلك إذ تمكن من تخفيض عجز الميزانية والعجز التجاري بنقطتين من الناتج المحلي الإجمالي خلال سنة 2013. ويرى خوسي بيكي، وزير الخارجية الإسباني الأسبق، أن المستقبل سيكون لصالح البلدان ذات الكثافة السكانية المرتفعة، مشيرا إلى أن الخلاص بالنسبة لأوروبا يحتم عليها أن تتجه صوب تحقيق الوحدة السياسية والمزيد من الاندماج والتكامل مع المنطقة المتوسطية وأفريقيا. وقال بيكي «لم تهيمن أوروبا على العالم سوى خلال قرنين من الزمن فقط، وذلك بفضل الثورة الصناعية التي مكنت من تحقيق كميات إنتاج أكبر باستعمال عدد قليل من الأشخاص. أما اليوم فبفضل انتشار التكنولوجيا الحديثة أصبح معدل الإنتاجية متقاربا بين الدول. لذلك فثقل الإنتاج في العالم سيتحول إلى التجمعات السكنية الكبرى».

وأشار بيكي إلى أن أوروبا بدأت تتعافى من الأزمة الاقتصادية، وأن المؤشرات في إسبانيا تعكس تحسنا في مستوى ميزان المبادلات الخارجية واحتياطي العملات والبطالة. غير أنه أشار إلى أن استعادة النمو وسلامة التوازنات الكبرى ستتطلب وقتا.