«الدلة العربية» تصارع شبح الانحسار مع تراجع المبيعات

أسعارها صعدت ثلاثة أضعاف مع الأزمة السورية.. والتصنيع الآلي يهيمن على الأسواق السعودية

شكلت الدلال واحدة من أهم رموز الثقافة العربية على مدى عقود («الشرق الأوسط»)
TT

رغم تقدم السنين، وتطور المنتجات والصناعات، خصوصا في الأواني المنزلية، إلا أن هناك نوعا من هذه الأواني ما زال يصارع الماضي والحاضر ومتمسكة بأصالتها، ولها شكلها الثابت، بعضها مصنوعة يدويا رغم تضائل وانحسار متاجرها المتخصصة.

محال بيع وتسويق «الدلة العربية»، تواجه بعض المعوقات التي تعرقل نموها، إذ وفقا لبعض العاملين، هناك انحسار في تلك المحال مع تراجع المبيعات وسط التطورات الصناعية الحديثة لبدائل وسائل حفظ السوائل الساخنة (الحافظات).

وكشف عاملون بأن المحال المتخصصة تواجه تقلص في أعدادها مع الزمن نتيجة تراجع مبيعاتها وسط توسع نشاط الأواني المنزلية الحديثة، فيما أفصحوا عن أن «الدلة العربية» ذات التصنيع اليدوي مرشحة لتضاعف سعرها ثلاثة أضعاف مع الأزمة السورية الحالية.

يؤكد عبد الله الهويشان صاحب معرض عبد الله علي خليف الهويشان المختص بالأواني التراثية في السعودية، أن السوق المحلية تشهد انحسارا في أعداد المحال والمعارض المتخصصة في بيع «الدلة العربية» مما جعل بعض المحال تحوي بضائع نادرة لأنواع معينة من الدلال وفقا لنوعها وأشكال النقش اليدوي عليها.

وبين الهوشان أن أسعار الدلال الموجودة تبدأ من 70 ريالا وهو نوع يصنع في الهند وتصل إلى 350 ريالا (93 دولارا) للقطعة الواحدة، مشيرا إلى أن هذه الأسعار مهددة بالارتفاع إلى أكثر من ثلاثة أضعاف سعرها الحالي المرحلة المقبلة.

وأرجع الهوشان ذلك للمصاعب التي تواجه المصانع اليدوية في سوريا جراء الأزمة السياسة القائمة، موضحا أن الأسعار تسجل نموا تدريجيا نتيجة ذلك سينتج عنه تضاعف سعرها ثلاث مرات عما كانت عليه في عام 2011. وأشار الهويشان إلى أن السوق المحلية لبيع «الدلة العربية» تحتوي على جملة من الأصناف واسعة الانتشار بين السعوديين، موضحا أن أبرز المبيعات تتركز على أربعة أنواع هي «الدلة البغدادية» و«الرسلان» و«الحساوية» و«القطرية».

وميز الهويشان «الدلة البغدادية» بالنقش الذي عليها أولا ويظهر في هذا النقش كلمة «البغدادية» بشكل واضح، وأيضا بالعمود البارز أعلاها يكون قصيرا ومدبب الشكل، ويعود تسميتها بهذا الاسم نسبة إلى شكل «الدلة العراقية» قديما. يذكر الهويشان أن أسعار الأنواع ذات الجودة العالية من حيث المعدن المصقول الذي تتضمنه تبلغ للطقم المكون من ثلاث دلات (صغيرة، متوسطة وكبيرة) أربعمائة ريال (106 دولارات). وبحسب الهويشان، يعود تسمية «دلة رسلان» نسبة لاسم الخامة المصنوعة منه وهي مادة الرسلان، ويذكر بأنها سوريا المصدر والشكل، فيما تعد إحدى أعلى الدلال المتوافرة في السوق بقيمة ثلاث مائة ريال للقطعة الواحدة منها.

وأما ما يميز الدلة «القطرية» أو «الحساوية» ذكر عبد الله الهويشان بأن تكون الدلة مخصرة الشكل وطويلة بعض الشيء، موضحا بأن المنطقة الجغرافية هي سبب تسميتها.

وبرر الهويشان اختلاف أسعار الدلال عن غيرها وارتفاعها هو أنها مصنوعة يدويا وبأنها تتحمل النار ودرجات الحرارة دون ذهاب لونها أو تغيره.

وهناك دلال أخرى موجودة في السوق السعودية تصنع من مادة «ستاينلس ستيل» حيث تهيمن على معظم الأصناف التي تسوق في الأسواق المحلية، فيما يتم تصنيعها آليا وعبر مصانع ومعامل حديثة في بعض الدول الآسيوية كالهند والصين.

وذكر علي جاسم وهو بائع بمتجر للأواني المنزلية بأن الدلال المباعة في الأسواق ليست بأهداف الزينة بل للاستعمال المنزلي اليومي، مستثنيا بعض القطع النادرة التي تتوافر بين الحين والآخر لدى بعض المهتمين من باعة القطع الأثرية حيث تتم المتاجرة بها باعتبارها قطعة أثرية ثمينة أو نادرة أو ذات مرجعية مناطقية أو تصنيعية مميزة. ويؤكد جاسم بأن تلك الدلال المستهدفة لهذه الأغراض قليلة ولا يتم تداولها في المحال المتخصصة بشكل تجاري يومي كالمعتاد إلا بشكل محدود.

في المقابل، يوضح جاسم أن الدلة المصنعة آليا وعبر المصانع الحديثة هي الطاغية في الأسواق المحلية مؤكدا على أنها ذات جودة عالية بحيث تنافس الدلة يدوية الصنع.

وأبان أنه وعبر متابعة دقيقة لما هو مصنع ومنذ سنوات طويلة، تعد الصناعة الآلية متقنة من حيث الجودة وتحمل الحرارة العالية عند تسخينها بالنار، إضافة إلى تنوع أشكالها وجمالياتها وألوانها، مشيرا إلى أنها مصنوعة من مادة الـ«ستاينلس ستيل» وهي المادة مقاومة للصدأ.