تحذيرات من العواقب العالمية للأزمة الأوكرانية

مديرة صندوق النقد قالت إن البلد في حاجة إلى أكثر من 17 مليار دولار

TT

حذرت رئيسة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد من أن الأزمة الأوكرانية قد تكون لها «عواقب اقتصادية وخيمة»، وذلك في مقابلة نشرتها صحيفة «هاندلسبلات» الاقتصادية الألمانية أمس الاثنين.

وقالت لاغارد، التي ستستقبلها المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل اليوم الثلاثاء في برلين إلى جانب مسؤولي أربع هيئات دولية كبرى (منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية ومكتب العمل الدولي) لبحث وضع الاقتصاد العالمي أثناء لقاء سنوي يعقد منذ 2007، إن «الأزمة الأوكرانية تشكل خطرا لا يزال يصعب علينا جدا قياس حجمه، ولا يمكن على الإطلاق توقع خطر انتقالها إلى دول أخرى. لكن قد تكون لها مع ذلك عواقب اقتصادية وخيمة».

وأضافت لاغارد أن «الأزمة الجيوسياسية في أوكرانيا لها تأثيرات على الاقتصاد الدولي وعلى الاستثمارات الأجنبية المباشرة، ولها عواقب على تدفق الرساميل الدولية وعلى إمدادات الطاقة في أوروبا، لأن أوكرانيا دولة تمر عبر أراضيها شحنات الطاقة».

من جهة أخرى، رأت لاغارد أن برنامج المساعدة البالغة قيمته 17 مليار دولار (12.3 مليار يورو) الذي وافق صندوق النقد الدولي على منحه لأوكرانيا لن يكون كافيا. وأوضحت أن «أوكرانيا بحاجة لأكثر من 17 مليار دولار بكثير. على شكل مساعدات ثنائية مثلا تأتي من الخارج أو مساعدات مالية من جانب منظمات مالية دولية»، معتبرة أن «المجتمع الدولي لا خيار له». وأضافت «لا يمكننا أن نكتفي بالقول إن الوضع حساس جدا لنتمكن من تقديم الأموال الآن».

والأحد، صوت الانفصاليون الموالون لروسيا في حوض دونباس (شرق أوكرانيا) بـ«نعم» كثيفة للاستقلال، في استفتاء وصفته كييف والغرب بأنه «مهزلة». وتكمن خشية السلطات الأوكرانية والغربيين من هذا الاستفتاء في تكرار سيناريو مماثل لذلك الذي أدى في مارس (آذار) إلى ضم القرم إلى روسيا، مما أغرق الغرب وروسيا في أسوأ أزمة منذ نهاية الحرب الباردة.

وكانت كريستين لاغارد أعلنت الجمعة الماضي أنها تأمل «بشدة» في أن تفي أوكرانيا بـ«التزاماتها» لجهة خطة المساعدة التي يمكن إعادة النظر فيها في حال حصل انقسام شرق البلاد. وقالت لاغارد في مؤتمر صحافي خلال وجودها في الرباط «نحن بالطبع متيقظون جدا للوضع، ونأمل بشدة أن تحترم السلطات الأوكرانية التزامات البرنامج»، مضيفة أن صندوق النقد يأمل لهذا الغرض «في بيئة دولية (...) تساعد على توفير الاستقرار وتقليص الغموض».

وأعلن الصندوق في تقرير أخير أنه «سيعيد النظر» في المساعدة المقدمة إلى أوكرانيا في حال حصول انقسام شرق البلاد حيث يستعد الانفصاليون الموالون لروسيا الجمعة لتنظيم «استفتاء» حول الاستقلال الأحد. ووفق التقرير، فإن المناطق الشرقية الأوكرانية (دونيتسك، لوغانسك، خاركيف) تمثل أكثر من 21 في المائة من إجمالي الناتج المحلي للبلاد و30 في المائة من الإنتاج الصناعي. ويتوقع الصندوق خلال 2014 انكماشا بنسبة 5 في المائة في الاقتصاد الأوكراني، وارتفاعا للدين العام إلى 56.5 في المائة من إجمالي الناتج المحلي مقابل 40.9 في المائة العام الماضي.

وأكدت لاغارد الموجودة حاليا في العاصمة المغربية، أول محطة من جولة تقودها إلى عدد من البلدان العربية، أن صندوق النقد «دفع بالفعل خلال هذا الأسبوع 3.19 مليار دولار من برنامج مساعدة بقيمة 17.1 مليار دولار».

والـ17 مليار دولار من القروض التي وعد بها الصندوق أوكرانيا على مدى عامين وربطها بإجراءات توفير صارمة، تندرج في إطار خطة دعم أكثر شمولية بقيمة 27 مليار دولار وعدت بتقديمها الأسرة الدولية (أوروبا والبنك الدولي). وجاء في التقرير الذي يورد بالتفصيل برنامج المساعدة المالية لأوكرانيا «إذا فقدت الحكومة المركزية السيطرة الفعلية على شرق (البلاد)، فإن البرنامج سيخضع للتعديل».

وفي حال التصعيد في المنطقة، اعتبر الصندوق أن مساعدة مالية إضافية لأوكرانيا ستصبح «ضرورية»، موضحا أن إجراءات «تصحيحية» لبرنامج الإصلاحات التي يطالب بها الصندوق قد تطرح أيضا للمناقشة.

وأوكرانيا التي فقدت في مارس منطقة القرم على أثر ضمها إلى روسيا، حشدت قواتها في مواجهة تحركات انفصالية في شرق البلاد خصوصا في دونيتسك التي تشكل الرئة الصناعية للبلاد. وأضاف تقرير الصندوق أن «النزاع (في المنطقة) قد يضعف العائدات المالية ويضر بشكل كبير بآفاق الاستثمار»، مضيفا أن الوضع الاقتصادي والمالي في البلد قد يتفاقم عندئذ أكثر مما هو متوقع.