السعودية: لجنة وكلاء السيارات تتهم «التجارة» بالتشهير بالشركات الوطنية

عضو المجلس الاستشاري للمحاماة في وزارة العدل: الاستبيان وسيلة لحماية حقوق المستهلكين

تعد السوق السعودية واحدة من كبرى أسواق السيارات في منطقة الشرق الأوسط بنحو ثمانية ملايين مركبة («الشرق الأوسط»)
TT

وجهت اللجنة الوطنية لوكلاء السيارات في السعودية انتقادات حادة لوزارة التجارة، متهمة إياها بالتشهير بالشركات الوطنية، على خلفية نشر بيانات استبيان أعدته الوزارة بغرض قياس مستوى رضا المستهلكين في السوق المحلية عن خدمات وكلاء السيارات في المملكة.

وشجب فيصل أبو شوشة رئيس اللجنة الوطنية لوكلاء السيارات في مجلس الغرف التجارية والصناعية السعودية للدورة الماضية، حرب الاستبيانات التعسفي الذي تمارسه وزارة التجارة والصناعة ضد الاستثمارات الوطنية في مجال تجارة السيارات وبالتحديد وكلاء شركات السيارات في السعودية.

وحول ما إذا كانت اللجنة الوطنية تعتزم تقديم شكوى ضد وزارة التجارة قال أبو شوشة لـ«الشرق الأوسط» إن لجنة وكلاء السيارات تسعى لدراسة كل الخيارات النظامية والقانونية المطروحة للتعامل مع الوزارة، ومن ذلك القيام بعدد من ورش العمل مع وكالة الوزارة لشؤون المستهلك، مشيرا إلى أن اللجنة أبدت عدة ملاحظات على الكثير من الأنظمة المقترحة وكذلك منهجية الاستبيان المقدمة، غير أن الوزارة للأسف لم تأخذ بها.

وأكد أبو شوشة أن الوزارة خالفت عددا من الأنظمة والقوانين ومنها ما ورد في المادة الأولى من نظام الوكالات التجارية والمادة الثانية من اللائحة التنفيذية للنظام نفسه التي تنص على أنه «لا يجوز لغير السعوديين سواء بصفة أشخاص طبيعيين أو معنويين أن يكونوا وكلاء تجاريين في المملكة العربية السعودية، على أن الشركات السعودية التي تقوم بأعمال الوكالات التجارية يجب أن يكون رأسمالها بالكامل سعوديا، وأن يكون أعضاء مجالس إدارتها ومن لهم حق التوقيع باسمها سعوديين»، والوزارة اليوم تقوم بمخالفة جسيمة وكبيرة للغاية بسماحها للشركات الأجنبية بالعمل بديلا للوكيل التجاري وعدم تطبيق الأنظمة والقوانين الخاصة بلائحة الوكالات التجارية.

وأضاف: «عمل تلك الشركات الأجنبية - غير النظامي - جاء تحت غطاء الاستثمار الأجنبي وبصفة غير شرعية وسمحت لهم الوزارة بلعب دور الوكيل السعودي وممارسة عمله والقيام بفتح مكاتب لهم وبموظفين تابعين لهم ليلتقوا الزبائن مباشرة، وذلك يعد مخالفة واضحة وصريحة لنص المادة الأولى المشار إليه أعلاه نظرا لأنه يؤدي إلى إلحاق الأذى والضرر البالغ وتعطيل رأس المال الوطني».

كما خالفت الوزارة، وفق أبو شوشة، المادة الثالثة في نظام الوكالات التجارية التي تنص على أنه «لا يجوز أن يقوم بعمل الوكيل التجاري إلا من كان مقيدا في السجل المعد لهذا الغرض في وزارة التجارة ويصدر وزير التجارة والصناعة قرارا بإنشاء هذا السجل...». والمعنى نفسه قد ورد في المادة السادسة من اللائحة التنفيذية للنظام. وبقراءة النصوص المشار إليها إضافة إلى نصوص المواد 1، 2، 3 من نظام الوكالات التجارية يتأكد للجميع وبوضوح تام مخالفة هذه الدعوة لنظام قانوني قائم وساري المفعول ومعمول به.

وتابع: «وحيث إن مثل تلك التصرفات والدعوات تعد من السوابق الخطيرة، وللمحافظة على استقرار الأوضاع التجارية والمالية للوكلاء والموزعين والمصارف المالية وكل من يتعامل معهم، وللعمل على استقرار نظام الوكالات التجارية ولائحته التنفيذية وعدم مخالفتهما، والمأمول أن تحث وزارة التجارة والصناعة الجميع على عدم تجاوز النظام ومخالفته بهذا الشكل أو بغيره من أشكال المخالفات».

وأكد رئيس اللجنة الوطنية لوكلاء السيارات أن الوزارة خالفت أيضا المادة الثالثة من نظام الجرائم المعلوماتية التابع لهيئة الاتصالات وتقنية المعلومات التي تنص على أنه «يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تزيد على 500 ألف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل شخص يرتكب أيا من الجرائم المعلوماتية ومنها التشهير بالآخرين، وإلحاق الضرر بهم، عبر وسائل تقنيات المعلومات المختلفة»، مشيرا إلى أن قيام الوزارة بنفسها بإعداد الاستبيان ومن ثم التشهير بنتائجه هو مخالف لنظام الجرائم، ورغم تحفظنا على منهجية الاستبيان وما جرى ادعاؤه من نسب رضا الزبائن التي نتجت عنه، فإن فيه تشهيرا بالآخرين وإلحاق الضرر بهم دون سند من الشرع أو النظام، ومن دون حكم قضائي، ويتعارض مع ما ورد في المادة المشار إليها أعلاه.

وأكد أبو شوشة أن ما تقوم به الوزارة اليوم من خلال هذا الاستبيان ونشر ما تدعيه من نتائج أسفرت عنه هو ترويج وتشهير بعيد كل البعد عن المساواة بين التجار في المعاملة، سواء كانت المساواة بين وكلاء السيارات وغيرهم من تجار السيارات والمستوردين أو وكلاء السيارات وغيرهم من التجار العاملين في مجالات أخرى، مثل الأدوية، مواد البناء، الأجهزة الكهربائية، المفروشات، المطاعم، الفندقة، المستشفيات، الأجهزة الطبية، الذهب والجواهر، الأدوات المكتبية، الملابس والأقمشة، ولم نسمع أن الوزارة قامت بأي استبيان آخر يشمل تلك القطاعات، وفي هذا ظلم وتعسف وعدم مساواة وتركيز فقط على قطاع واحد وهو وكلاء السيارات.

وأضاف: «نحن اليوم نرى أن الوزارة تسيء بهذا الأسلوب إلى كرامة قطاع كبير من رجال الأعمال ومن يعمل معهم من خلال التشهير بما تدعيه من نتائج لهذا الاستبيان وذلك على عدة مستويات سواء كان مع زبائننا أو الشركات الصانعة التي تربطنا بها عقود وعلاقات تاريخية تمتد لعشرات السنوات أو مع المجتمع السعودي أو حتى مع الجهات التجارية التي نتعامل معها أو الجهات المصرفية التي بنت علاقتها معنا من خلال مصداقية سمعتنا وكرامتنا».

وبخصوص رد وزارة التجارة على الملاحظات وعلى البيان بين أبو شوشة أن الوزارة لم تأخذ بالملاحظات التي جرى تقديمها ولم ترد على البيان، كما أنها أشارت في خبرها إلى أنها شاركت نتائج الاستبيان الوكالات وهو ما لم يحدث حيث إنه بصفته رئيسا للدورة السابقة للجنة الوطنية لوكلاء السيارات يؤكد أن الوزارة لم تقم بذلك ولم تعرض النتائج على أي وكالة.

وكان أبو شوشة قال في تعليق له عقب إصدار الوزارة استبيانها الثاني عن رضا العملاء لخدمات وكلاء السيارات في المملكة، إن هذا الاستبيان يفتقد الشرعية القانونية وإنه مخالف لأنظمة المملكة ويفتقد المنهجية العلمية والعملية.

وأضاف: «يبدو أن وزارة التجارة والصناعة تستهدف من خلال هذا الأسلوب محاربة الاستثمارات الوطنية والكوادر والكفاءات الوطنية القائمة على هذه الشركات.. وقد اعتقدنا في اللجنة أن الوزارة أحجمت عن نشر نتائج الاستبيان الذي انتهت منه قبل أربعة أشهر رغم أنها شاركت بعض الشركات الصانعة تلك النتائج ولم تشارك الوكلاء تلك البيانات، حرصا منها على عدم ارتكاب جريمة التشهير التي قامت بها في الاستبيان الأول، غير أن نشر النتائج اليوم (أمس) يؤكد أن الوزارة ماضية في أسلوبها المرتبط بمحاربة وكلاء السيارات خصيصا دون غيرهم من التجار من مستوردي السيارات أو التجار الآخرين».

وفي المقابل أكد لـ«الشرق الأوسط» الدكتور ماجد قاروب عضو المجلس الاستشاري للمحاماة في وزارة العدل والرئيس السابق للجنة الوطنية للمحامين في مجلس الغرف السعودية، أن الإجراءات التي تتخذها وزارة التجارة السعودية هي إجراءات قانونية ونظامية، بل إنها من الإجراءات التي كانت معطلة لعشرات السنوات.

وقال قاروب: «وزارة التجارة وعبر تاريخها لم يكن المستهلك ضمن أولوياتها، حتى عندما جرى تأسيس وكالة لحماية المستهلك، إذ لم يكن لها دور فعال في حماية المستهلكين وتتبع شكواهم ضد التجار ورجال الأعمال.. إلا أن وزير التجارة الدكتور توفيق الربيعة، ومن خلال القوانين التجارية المنصوص عليها ويأتي في مقدمتها نظام الوكالات التجارية، التي ينسحب عليها عقود التوزيع و(الفرنشايز)، وبطبيعة الحالة أضخم تلك القطاعات هو قطاع السيارات والمحركات».

وبين قاروب أن الاستبيان الذي أجرته الوزارة وإدراج أسماء وكلاء السيارات قانوني، على اعتبار أن تلك الأسماء هي علامات تجارية يستخدمها الوكلاء للإعلان عن سياراتهم، كما أنه كان استبيانا شفافا عرض على موقع الوزارة لقياس مدى رضا المستهلكين عن قطاع معين، إلا أن النتائج التي جاءت غير مرضية للوكلاء جعلتهم رافضين لهذا النوع من الاستبيان.

وأضاف: «أنا على يقين أن وزارة التجارة نفذت هذا الاستبيان وبهذا الأسلوب انطلاقا من الحجم الكبير من الشكاوى التي وردت للوزارة بخصوص وكلاء السيارات، والتي تركزت على أربع نقاط أساسية، وهي عدم توفر قطع الغيار بشكل مناسب، ضعف برامج الصيانة وعدم ملاءمتها والمبالغة في أسعار الصيانة وعدم التعويض عن العيوب المصنعية كبقية دول العالم».

وأكد عضو المجلس الاستشاري للمحاماة في وزارة العدل أن الإجراءات التي تقوم بها وزارة التجارة حاليا هي محل تقدير لما ستحدثه من أثر على صعيد منع الاحتكار في السوق والحفاظ على حقوق العملاء والمستهلكين دون المساس بحرية السوق، مشيرا إلى أن ذلك سينعكس على أداء الاقتصاد السعودي وعلى البيئة التجارية في المملكة.

وحول إمكانية مقاضاة وكلاء السيارات لوزارة التجارة يعود الدكتور ماجد قاروب للتأكيد على أن من حق وكلاء السيارات التقدم بشكوى إلى القضاء الإداري في ديوان المظالم وهي الجهة المختصة بالنظر في أي شكوى ضد أي جهة حكومية أو قرار حكومي، مشيرا إلى أن ثقافة التقاضي مطلب وحق مشروع في حال كان الوكلاء يعتقدون أن ظلما وقع عليهم.