المغرب يسعى لإنشاء سبع مدن سياحية حول بحيرة مارشيكا البيئية

السفينة الشمسية «بلانيت سولار» ترسو فيها

السفينة الشمسية «بلانيت سولار» عند وصولها لبحيرة مارشيكا ويبدو باسكار غولبيي صاحب المبادرة على سطح السفينة
TT

وجه المغرب للمستثمرين الدوليين والمحليين طلبا لإبداء الاهتمام بإنشاء «مدينة الشاطئين» السياحية البيئية على الحزام الفاصل بين بحيرة مارشيكا (شمال البلاد) والبحر الأبيض المتوسط، والذي يمتد على طول 25 كيلومترا ومساحة 130 هكتارا.

وقال سعيد زارو، مدير عام وكالة تهيئة وتطوير بحيرة مارشيكا، إن مدينة الشاطئين السياحية البيئية، التي تطل شمالا على البحر الأبيض المتوسط وجنوبا على بحيرة مارشيكا، ستمتاز بضعف كثافتها واعتمادها الكامل على الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، في انسجام تام لنوعية المنشآت وطبيعة المواد المستعملة مع متطلبات الحفاظ على بيئتها الخاصة.

وأوضح زارو أن المشروع الضخم لتطوير بحيرة مارشيكا يتضمن إنشاء سبع مدن سياحية حول البحيرة، من بينها مدينة الشاطئين موضوع طلب إبداء الاهتمام من طرف المستثمرين. ومدينة أطاليون التي ستضم أكبر أكاديمية للغولف في حوض البحر الأبيض المتوسط وحولها 289 فيلا ونحو ألف شقة سكنية فاخرة و235 إقامة سياحية وفندقين خمس نجوم. ومدينة الطيور التي ستضم أكبر حديقة للطيور في المنطقة.

وأشار زارو إلى أن كل هذه سيجري فيها الاعتماد بشكل رئيس على الطاقة المتجددة وطاقة الرياح. وقال «نتوقع لهذه المشاريع مستقبلا زاهرا، خصوصا مع التوجهات الجديدة للسياحة التي تتمحور حول السياحة البيئية. وتكفي الإشارة إلى أن نحو مليونين من الأوروبيين مولعون بالطيور وتتبعها في هجراتها وزيارة مواقع وجودها. وهنا لدينا أنواع لا تحصى من الطيور وبعضها نادر جدا».

وأكد زارو أن أشغال تطوير بحيرة مارشيكا، التي أطلقها العاهل المغربي الملك محمد السادس في 2009، ستعرف تسريعا قويا خلال الأشهر المقبلة، بعد الانتهاء من أشغال تنظيف البحيرة من التلوث، التي احتفل بها أول من أمس عبر رسو السفينة الشمسية «بلانيت سولار» في البحيرة.

وأوضح زارو أن البحيرة، التي تبلغ مساحتها 115 كيلومترا مربعا، والتي كانت عبارة عن بحيرة آسنة وراكدة تقذف فيها مختلف أنواع النفايات والمياه العادمة لمدينة الناظور التي تقع على الضفة الداخلية للبحيرة، تحولت الآن إلى بحيرة زرقاء نظيفة، وعادت إليها الحياة بعودة الطيور والأسماك.

وأضاف زارو «قمنا بتطهير الجانب الذي كان يشغله مصنع الحديد وموقع طرح نفايات المصنع، وغطيناه بتربة خصبة وبدأنا فيه بإنشاء أكاديمية الغولف التي ستشكل المحور الأساسي لمدينة أطاليون. أما محطة المعالجة السابقة لمياه الصرف، التي كانت تعتمد على أحواض كبيرة لترشيح المياه العادمة، فقمنا أيضا بدفنها وأنشأنا عليها مدينة الطيور، والتي استعنا فيها بخبراء في هذا المجال قصد تهيئة المنطقة لجعلها جذابة للطيور وتوفير احتياجات إقامتها من أشجار وغير ذلك».

وبخصوص الشاطئ المحاذي لمدينة الناظور وضواحيها، فيقول زارو «أشركنا السكان في تنظيف هذا الشريط الذي يمتد على طول 65 كيلومترا. وشارك في الأشغال سبعمائة شخص من سكان الأحياء المجاورة. وبذلك أصبحت الناظور اليوم تتوفر على كورنيش جميل وأصبح السكان أكثر اهتماما بنظافة شاطئهم». كما جرى شق معبر بحري بين البحر الأبيض المتوسط وبحيرة مارشيكا على الحزام اليابس الفاصل بينهما، والذي جرى اختيار موقع بشكل يجعله يلعب دورا أساسيا في دوران المياه في البحيرة وتنظيفها. وأشار زارو إلى أن أشغال تنظيف البحيرة كلفت 1.5 مليار درهم (180 مليون دولار).

وقال زارو «تدخلات وكالة تهيئة وتطوير البحيرة لم تقتصر فقط على المجال المحدد للبحيرة، بل امتدت إلى الخلفية الحضرية المجاورة لها، خاصة سكان الأحياء الهامشية لمدينة الناظور. أولينا في المرحلة الماضية اهتماما خاصا لتجهيز هذه الأحياء بالبنيات التحتية وفك العزلة عنها عبر بناء الطرق. ولدينا مخطط لإعادة هيكلة هذه الإيحاء بشكل كامل وإدماجها في إطار البيئة العامة للمشروع. كما ركزنا على إشراك السكان وإعطائهم الأولوية في التوظيف». وفي هذا الإطار خصصت الوكالة ضمن برنامج عملها للفترة 2014 - 2020 مبلغ 1.2 مليار درهم (140 مليون دولار) لإعادة هيكلة أحياء تريقع والشعلة وبوعرورو وسيدي موسى في ضواحي الناظور على ضفاف البحيرة.

إضافة إلى ذلك هيأت وكالة تطوير مارشيكا مجموعة من قرى الصيادين على طول ضفافها. ويقول زارو «الهدف من هذه القرى هو تنظيم قطاع الصيد التقليدي في ضفاف البحيرة وتثمينه وتحسين مردوديته، من خلال توفير تجهيزات التبريد والنقل وتحسين ولوجية المنتوج للأسواق. ونخطط لإحداث سوق للسمك لفائدة الصيادين».

الميزانية الكلية للمشروع، بما فيها إنشاء المدن السياحية السبعة، تقدر بنحو 49 مليار درهم في أفق 2025، وتغطي تصاميم تهيئة وتطوير بحيرة مارشيكا مساحة تناهز 19 ألف هكتار.

واحتفاء بانتهاء أشغال تطهير البحيرة حلت بها أول من أمس السفينة الشمسية السويسرية «بلانيت سولار» التي تعد أكبر سفينة شمسية في العالم. وقال باسكال غولبيي، رئيس بلانيت سولار، لـ«الشرق الأوسط» عند رسوها أول من أمس في مرفأ قرب موقع إنشاء مدينة أطاليون على ضفاف البحيرة، «قمنا بأول رحلة للعالم بسفينة تعمل كليا بالطاقة الشمسية، وزرنا الكثير من المدن والموانئ، لكن هذه أول مرة نرسو فيها في إطار مشروع بيئي من هذا النوع وبهذه القيمة». وأضاف غولبيي «لم نأت هنا صدفة. فنحن قررنا أن نبدأ حملتنا لسنة 2014 من بحيرة مارشيكا احتفاء بانتهاء أشغال تنظيفها للتعبير عن سعادتنا الكبيرة بما حققه المغرب». السفينة ستبقى في البحيرة لمدة أسبوعين تفتح خلالها أبوابها للزوار. وخلال هذه المدة ستوقع السفينة عدة اتفاقيات مع جامعات ومراكز بحث مغربية وهيئات مغربية متخصصة في تنمية الطاقات المتجددة.

وبعد مغادرة البحيرة ستواصل السفينة مهمتها حول الأرض لسفير للطاقة الشمسية.