جولة جديدة من محادثات الغاز بين موسكو وكييف برعاية بروكسل

توقيع الشق الاقتصادي من اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا قبل نهاية الشهر الحالي

TT

قبل ساعات من انطلاق جولة جديدة من المحادثات الثلاثية حول ضمان إمدادات الغاز الروسي إلى الاتحاد الأوروبي عبر أوكرانيا التي انعقدت في بروكسل مساء أمس الاثنين، جرى الإعلان عن موعد توقيع الاتحاد الأوروبي على الشق الاقتصادي من اتفاقية الشراكة مع أوكرانيا على هامش القمة الأوروبية المقررة في 26 و27 من الشهر الحالي ببروكسل، «وهي اتفاقية لا تضمن فقط التعاون الاقتصادي الأوسع نطاقا، وإنما أيضا تفتح الطريق أمام إصلاحات لتحديث أوكرانيا، بحسب ما ذكر ديديه رايندرس نائب رئيس الحكومة البلجيكية ووزير الخارجية، في بيان صدر ببروكسل بمناسبة تولى الرئيس الأوكراني الجديد بيترو بورشينكو لمهام منصبه، وقال رايندرس أيضا «نأمل أن يجد الرئيس الجديد حلا لأعمال العنف في شرق البلاد في أقرب وقت، وخصوصا أن للأمر تأثيرات خطيرة على الشعب الأوكراني»، وشدد رايندرس على أن «الحل الدائم لن يأتي إلا من خلال اتفاق سياسي يشمل الجميع في أوكرانيا». ويذكر أنه في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي وقعت كل «جورجيا» و«مولدوفا» على اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، على هامش قمة الشراكة الشرقية التي انعقدت في ليتوانيا، وانتهت مراسم التوقيع دون أن توقع أوكرانيا على اتفاقية مماثلة، وأعقب ذلك مباشرة انطلاق التظاهرات التي شهدتها كييف، وانتهت إلى فرار الرئيس الأوكراني السابق، ووقعت المفوضية الأوروبية في مارس (آذار) الماضي مع الحكومة المؤقتة في كييف على الشق السياسي لاتفاقية الشراكة. وفي مايو (أيار) الماضي جرى التوقيع على مذكرة لتفعيل برنامج قروض تصل إلى مليار يورو، وقالت المفوضية الأوروبية ببروكسل إنها جزء من خطة طويلة الأمد لمساعدة كييف، ويصل إجمالي قيمتها إلى 11 مليار يورو.. واستأنفت الاثنين في بروكسل الاجتماعات الوزارية الثلاثية بمشاركة كل من روسيا وأوكرانيا والاتحاد الأوروبي، التي تتناول ملف أمن الطاقة وضمان إمدادات الغاز من روسيا إلى الاتحاد الأوروبي عبر أوكرانيا. وحسب ما ذكرت المفوضية الأوروبية ببروكسل في بيان «شارك في الاجتماعات وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك، ونظيره الأوكراني يوري برودان، وأيضا المفوض الأوروبي المكلف بشؤون الطاقة غونتر أوتنغر، إلى جانب كل من أليكسي ميلر رئيس شركة الغاز الروسية (غاز بروم) وأندريه كوبوليف الرئيس التنفيذي لشركة الغاز في أوكرانيا (نفتو غاز)»، وسبق أن التقى ميلر وكوبوليف الأسبوع الماضي بهدف حل بعض القضايا العالقة. وجلسة أمس الاثنين هي الرابعة على هذا المستوى، وعقب الجولة الثالثة من الاجتماع الثلاثي بين بروكسل وكييف وموسكو، اكتفت المفوضية الأوروبية بالإعلان عن إحراز تقدم في المفاوضات دون الإعلان عن اتفاق محدد حول أمور لا تزال محل خلاف، ومنها مسالة أسعار الغاز، والدفع المسبق الذي تشترطه موسكو حتى تحصل كييف على الغاز، إلى جانب وجود دفعة جديدة مستحقة من الديون من المفترض أن تحصل موسكو عليها من أوكرانيا في النصف الأول من الشهر الحالي. ويسعى الاتحاد الأوروبي إلى إيجاد حلول لهذه الملفات في ظل مخاوف من توقف إمدادات الغاز، وكررت بروكسل موقفها الرافض لأي محاولة لتسييس ملف الطاقة، وأنه على الجميع الوفاء بالتزاماته حسب الاتفاقيات الموقعة في هذا الصدد. وقبل أيام قليلة، أكد قادة «جي 7» على التزامهم بمواصلة العمل مع أوكرانيا لتحقيق التنمية الاقتصادية في ظل التزام أوكرانيا بمتابعة إصلاحات صعبة، ولكن حاسمة، لدعم الاستقرار الاقتصادي، وإطلاق العنان للنمو الذي يقوده القطاع الخاص، كما رحب القادة في البيان الختامي للقمة التي استضافتها بروكسل بقرار صندوق النقد الدولي على برنامج مساعدة لأوكرانيا قيمته 17 مليار دولار، هذا إلى جانب مساعدات وقروض ثنائية ومتعددة الأطراف متوقعة من الشركاء في «جي 7»، وجرى الإعلان على هامش القمة أن هناك نية للاتحاد الأوروبي لعقد اجتماع تنسيقي رفيع المستوى في بروكسل للجهات المانحة الدولية لوضع آلية تضمن التنفيذ الفعال للمساعدات الاقتصادية، ورحب القادة بالجهود الحالية لتنويع مصادر أوكرانيا من الغاز في ظل تطلعات بإنجاح مفاوضات ترعاها المفوضية الأوروبية في بروكسل، لإنجاح عبور الغاز من روسيا إلى أوكرانيا. وتضم «جي 7» الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا وإيطاليا وألمانيا وفرنسا واليابان، وكانت تضم روسيا في إطار كان يعرف باسم «جي 8»، ولكن على خلفية الأزمة الأوكرانية جرى استبعاد موسكو في قرار اتخذه القادة خلال اجتماع لهم في لاهاي بهولندا مارس الماضي على هامش قمة الأمن النووي. وفي 20 مايو الماضي أكد الاتحاد الأوروبي على الالتزام الكامل بمساعدة أوكرانيا على معالجة التحديات الاقتصادية الرئيسة، وقال نائب رئيس المفوضية الأوروبية سيم كالاس خلال زيارة قام بها إلى كييف في ذلك الوقت، إنه «نقل رسالة إلى المسؤولين في أوكرانيا تؤكد على هذا الالتزام».

وأضاف من خلال بيان نشر في بروكسل أن «الاتحاد الأوروبي صرف 100 مليون يورو (وقت الزيارة)، كمساعدة مالية إلى أوكرانيا، في إطار حزمة مالية قيمتها مليار و600 مليون يورو على المدى القصير، وهناك قروض منخفضة الفائدة على المدى البعيد»، وقال المسؤول الأوروبي «هناك مساعدة مالية كبيرة أخرى ستصرف قريبا تقدر بـ500 مليون يورو، وتزامن ذلك مع تصديق البرلمان على مذكرة التفاهم بشأن اتفاقية القرض، وسيجري تنفيذ الإصلاحات المتفق عليها في الموعد المحدد»، وقال المسؤول الأوروبي «أتوقع أن يجري صرف المبلغ كاملا خلال العام الحالي (1.6 مليار يورو)». وقال البيان الأوروبي إن المساعدة المالية الكلية لمساعدة أوكرانيا تتضمن تغطية جزء من احتياجات التمويل الخارجي العاجل، وتحقيق التوازن في المدفوعات الاقتصادية، والحد من الضعف المالي، كما أشار إلى ترتيبات احتياطية جرى الاتفاق عليها مؤخرا مع صندوق النقد الدولي للمساعدة في دعم برنامج الاستقرار الاقتصادي. ونوه البيان إلى أن تحسين ممارسات الشفافية والحوكمة والتنفيذ الناجح للإصلاحات التي تدعمها برامج الاتحاد الأوروبي، وصندوق النقد الدولي، أمر ضروري لتحقيق الاستقرار في اقتصاد أوكرانيا على المدى القصير إلى جانب خلق بيئة مواتية للأعمال التجارية التي يمكن أن تغذي النمو المستدام والشامل على المدى البعيد.