لهيب الصيف في السعودية يقلص إنتاجية قطاع المقاولات بنسبة 20 في المائة

تقليل ساعات العمل خلال فترة الذروة يجنب الأيدي العاملة ضربات الشمس

حجم المشروعات الإنشائية في منطقة الخليج مرشح لبلوغ 800 مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة («الشرق الأوسط»)
TT

تشكل ارتفاعات درجة الحرارة خلال موسم الصيف في بعض المدن الكبرى في السعودية، تحديا كبيرا أمام شركات المقاولات في البلاد، حيث تقوم هذه الشركات بتقليص ساعات العمل خلال فترة الذروة من النهار، مما يشكل في نهاية المطاف تأثيرا ملحوظا في معدلات الإنتاجية.

وتبلغ درجات الحرارة في العاصمة الرياض خلال أوقات الذروة مستويات 50 درجة مئوية، وهي مستويات عالية تعرض الأيدي العاملة لإمكانية الإصابة بضربات الشمس، وتأتي هذه التطورات في الوقت الذي دخل فيه قرار وزارة العمل السعودية بتحديد ساعات العمل خلال فترات الذروة في موسم الصيف حيز التطبيق يوم الأحد الماضي.

وأكد فهد الحمادي، رئيس لجنة المقاولين بغرفة الرياض التجارية والصناعية لـ«الشرق الأوسط»، أن شركات المقاولات تقلص ساعات عمل العاملين في الميدان خلال موسم الصيف في أوقات الذروة، وقال: «صحيح أن ذلك يؤثر في معدل الإنتاجية النهائي، ولكنه أمر بالغ الأهمية لتجنيب الأيدي العاملة الوقوع في معضلة ضربات الشمس في ظل تزايد درجات الحرارة».

بينما أوضح محمد السعيد، صاحب مؤسسة مقاولات سعودية، أن موسم الصيف يؤثر بنسبة 20 في المائة في معدلات الإنتاج النهائية، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن بعض شركات ومؤسسات المقاولات أصبحت تبدأ أعمالها الساعة الثالثة فجرا بدلا من الساعة الخامسة، لتعويض ساعات العمل التي يجري إلغاؤها بسبب لهيب الصيف.

وتأتي هذه التطورات، بعد أن دخل قرار وزارة العمل السعودية، الأحد الماضي، مرحلة تطبيق نظام منع العمل تحت أشعة الشمس، على جميع المنشآت من الساعة الـ12 ظهرا إلى الساعة الـ3 مساء خلال الفترة الواقعة بين 15 يونيو (حزيران) إلى نهاية يوم الـ15 من أيلول (سبتمبر) من كل عام ميلادي، ويستثني التنظيم العمال الذين يعملون في شركات النفط والغاز، وكذلك عمال الصيانة للحالات الطارئة، على أن تتخذ الإجراءات اللازمة لحمايتهم من أضرار أشعة الشمس.

وحسب وزارة العمل السعودية، فإن هذا التنظيم يأتي حرصا على سلامة وصحة العاملين، وما تقتضيه مصلحة العمل، نظرا لتغير الظروف المناخية، التي قد تُعرض سلامة العمالة لأخطار جسيمة، حيث تعمل وزارة العمل جاهدة على توفير بيئة عمل آمنة من مخاطر العمل المختلفة، ورفع مستوى كفاءة ووسائل الوقاية للحد من الإصابات والأمراض المهنية، وحماية العاملين من الحوادث، مما سينعكس على تحسين وزيادة مستوى الإنتاج.

من جهة أخرى، توقع تقرير صدر حديثا عن الأمانة العامة لاتحاد غرف مجلس التعاون الخليجي، أن يسجل قطاع المقاولات في الدول الأعضاء نموا خلال الأعوام المقبلة، مما يتيح فرصا استثمارية واعدة للقطاع الخاص، خاصة في المشاريع الحكومية التي رصدت ميزانيات ضخمة، ولفت التقرير الذي صدر مساء أول من أمس، إلى عدد من التحديات التي تواجه قطاع المقاولات بدول المجلس ويجب معالجتها من خلال التشاور بين القطاعين العام والخاص.

واستند التقرير في توقعاته الإيجابية لسوق الإنشاءات في دول مجلس التعاون إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي في دول مجلس التعاون الخليجي بنسب تتراوح بين 5 و6 في المائة، إذ سيصل حجم الناتج المحلي الإجمالي لدول الخليج إلى 3.6 تريليون دولار بحلول 2016، في مقابل 2.4 تريليون خلال عام 2012، بالإضافة إلى النمو السكاني السريع لدول المنطقة وتطور البنية التحتية والحاجة الملحة لزيادة المساكن وتطوير الخدمات.

وتوقع التقرير أن يصل حجم المشاريع الإنشائية في المنطقة خلال الخمس سنوات المقبلة إلى نحو 800 مليار دولار، تتنوع في مشاريع البنى التحتية والخدمات، مما يسهم في نمو القطاعات المساندة لها مثل قطاع التجهيزات والمعدات.

وأكد التقرير أن القطاع الحكومي الخليجي سيظل المحرك الأول للمقاولات والإنشاءات الجديدة في دول الخليج لاستئثاره بما يزيد على 50 في المائة من المشاريع، خصوصا مشاريع البنية التحتية والمرافق الخدمية الحكومية، موضحا أن دول مجلس التعاون تخصص ميزانيات ضخمة للاستثمار في مختلف قطاعات البنية التحتية لتلبية الطلب المتزايد للتركيبة السكانية؛ لذا فإن هناك عدة شركات عالمية وخليجية تتنافس على هذه المشاريع، مما يحسن التنافسية في بيئة الأعمال.

وتشمل المشاريع التي تنفذها دول الخليج مشاريع الطرق، والموانئ، والسكك الحديدية، والمطارات، مما يحقق نموا في قطاع الإنشاءات والمقاولات يصل إلى 35 في المائة حتى عام 2015، بدعم من الإنفاق الحكومي المتوقع لاستكمال المشاريع التنموية، إلى جانب دخول الاستثمارات الأجنبية، مما ينعكس بشكل إيجابي على دخل قطاع الإنشاءات والمقاولات، في حال تمكن القطاع من تجاوز التحديات المقبلة والمتعلقة بارتفاع أجور الأيدي العاملة.

وأشار التقرير إلى تحديات حقيقية تواجه سوق المقاولات الخليجي، في مقدمتها المنافسة الشرسة من كبرى شركات المقاولات الأجنبية؛ الأمر الذي يتطلب منح قطاع المقاولين الخليجيين الأولوية لتنفيذ المشاريع أو الدخول في شراكات في المشاريع التي تحتاج الخبرة والتقنية الدولية، وإشراكه مع الشركات العالمية للمشاريع ذات القيمة المضافة كالسكك الحديدية وغيرها، والتي تحتاج إلى الخبرة والتكنولوجيا العالمية غير المتوافرة خليجيا، إلا أن جذب الاستثمارات الأجنبية يمثل تحديا آخر بسبب عدم توافر المعلومات إلى جانب ضعف إنفاذ العقود، وعدم توافر الحماية لمصالح المستثمرين، كما أن ضعف توافر الأيدي العاملة المحلية الماهرة يزيد الاعتماد على العمالة الأجنبية بصورة كبيرة وحادة؛ مما يستنزف جزءا كبيرا من القيمة المضافة إلى هذا القطاع ويحولها إلى الخارج.

وجاء في التقرير أن التمويل يبقى من أهم التحديات التي تواجه شركات الإنشاءات والمقاولات في المنطقة، وذلك لضعف التدفقات النقدية، ولمواجهة هذه التحديات فإن المطلوب اندماج الشركات العاملة في المقاولات، والتشييد لإيجاد كيانات أكبر قادرة على المنافسة، خصوصا مع احتدام المنافسة مع الائتلافات العالمية، كما أن شركات المقاولات في دول مجلس التعاون مطالبة بالإسراع في مواءمة استراتيجياتها العامة ونماذجها التشغيلية مع متطلبات البيئة الجديدة التي تتسم بإدخال وسائل التكنولوجيا المتقدمة وفي الوقت نفسه الصديقة للبيئة، بالإضافة إلى وجود برامج حكومية لتحفيز شركات المقاولات الخليجية، عبر توجيه البنوك الوطنية بدول المجلس لتشجيع طرح الأدوات المالية.

ورأى التقرير أهمية تأسيس اتحاد خليجي للمقاولين يعمل على تطوير قطاع المقاولات الخليجي، ومواجهة التحديات، ومتابعة المصالح المشتركة لمنشآت المقاولات في دول المجلس، ودراسة ومراجعة الأنظمة والقرارات ذات العلاقة بالقطاع، والصادرة عن دول مجلس التعاون الخليجي المختلفة، ورصد آثار تطبيقها على منشآت القطاع.