تراجع قيمة الدينار التونسي مقابل اليورو والدولار

نتيجة لتفاقم العجز التجاري وارتفاع الأسعار

TT

سجل الدينار التونسي تراجعا قياسيا مقابل العملات الأساسية التي يعتمد عليها الاقتصاد التونسي في مجمل معاملاته التجارية، ووصل أدنى مستوياته التاريخية مقابل اليورو الأوروبي والدولار الأميركي. وبلغ اليورو الواحد مستوى 2.3129 دينار تونسي في حين سجل الدولار الأميركي مستوى 1.693 دينار تونسي وذلك مقارنة مع الأيام الماضية حيث بلغ اليورو 2.305 والدولار 1.688 دينار تونسي.

ونبهت أكثر من جهة مصرفية واقتصادية من بينها البنك المركزي التونسي والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة (منظمة رجال الأعمال) إلى خطورة وضع العملة التونسية التي تخسر من قيمتها يوما بعد يوم وهو مستوى لم تعهده العملة التونسية خلال الأشهر الماضية لتسجل بذلك أدنى مستوياتها على الإطلاق خلال الثلاث سنوات الماضية.

وعلى الرغم من ارتفاع قيمة الدينار التونسي خلال الأشهر الأولى من السنة الحالية نتيجة انفراج الوضع السياسي وتشكيل حكومة كفاءات محايدة والتوصل إلى التصديق على الدستور التونسي الجديد، فإن تدهور قيمة الدينار سيكون مؤثرا للغاية على الميزان التجاري وذلك بالنظر لارتفاع الواردات من الأسواق الخارجية وخاصة منها دول الاتحاد الأوروبي التي تستحوذ على نصيب الأسد من المبادلات التجارية مع تونس سواء من حيث الصادرات أو الواردات وذلك بنسبة تقارب 80 في المائة.

وفي تفسيره لتراجع العملة التونسية أمام الدولار واليورو، قال سعد بومخلة أستاذ العلوم الاقتصادية بالجامعة التونسية لـ«الشرق الأوسط» إن تدهور قيمة الدينار التونسي تعود إلى عاملين أساسيين الأول يتعلق بمستوى العجز التجاري والثاني له علاقة مباشرة بتضخم الأسعار في تونس بالمقارنة مع الدول التي تتعامل معها تونس.

وأضاف أن العجز التجاري سجل مستويات قياسية بعد تعطل منظومتي الإنتاج المحلي ونسق التصدير إلى دول الاتحاد الأوروبي التي تشهد بدورها انكماشا اقتصاديا مما يؤثر على نسق الاستهلاك وطلب المنتجات التونسية. وفي مقابل ضعف الإنتاج والتصدير، فإن مستوى الواردات خاصة من السلع الكمالية قد تفاقم خلال الأشهر الماضية وذلك في ظل صعوبات اقتصادية متنوعة تعرفها تونس من بينها نقص الموارد الذاتية وتفاقم التهرب من الضرائب، كما أن القطاع السياحي الذي يعد قاطرة الإنعاش الاقتصادي بتوفيره قسطا هاما من العملة الصعبة، لم يعرف الانطلاقة المرجوة وهو ما أثر على الوضع الاقتصادي ككل.

وفي مجال تضخم الأسعار، أشار بومخلة في حديثه إلى ارتفاع التضخم ليبلغ مستوى 6 في المائة وهو مستوى يقف بعيدا عما تسجله معظم دول الاتحاد الأوروبي التي تتعامل معها تونس، فنسبة تضخم الأسعار لديها تتأرجح في حدود 1 في المائة. ولكل هذه الاعتبارات، يؤكد سعد بومخلة أن فارق التضخم في الأسعار بين تونس وبقية الدول الأوروبية هو الذي انعكس آليا على مستوى العملة الأوروبية والأميركية.

وعلى مستوى الحلول المقدمة لرأب الصدع في قيمة العملة التونسية وإعادة الاقتصاد التونسي إلى سالف توازنه وتلافي مزيد تدهور الدينار التونسي، قال بومخلة إن هذا الانزلاق لا يعد مفاجئا بالنسبة للكثير من خبراء الاقتصاد، فإنتاج الثروة والحصول على قيمة اقتصادية مضافة أصبحت عزيزة المنال في ظل تراجع ثقافة الإنتاج والهجوم الجماعي على موارد الدولة من خلال المطالبة بالزيادات في الأجور مقابل تنامي مظاهر التهريب والتهرب من الجباية وحصول معظم المعاملات التجارية والاقتصادية بعيدا عن أنظار مؤسسات الدولة.

ولتجاوز هذا الوضع الصعب، قال بومخلة إن العودة إلى الإنتاج وترشيد الواردات بالاستغناء عن الكماليات ومقاومة المهربين وكافة أشكال التجارة الموازية قد تمثل حلولا مستقبلية لإيقاف المزيد من انزلاق الدينار التونسي والحد من تدهور أحواله أمام العملة الأجنبية. على صعيد متصل، سجلت الصادرات التونسي خلال الستة أشهر الأولى من السنة الحالية تراجعا بنسبة 2,5 في المائة. وفي المقابل، سجلت الصادرات التونسية من التمور ارتفاعا بنسبة 4,7 في المائة وقدرت الصادرات خلال الفترة الممتدة من أكتوبر (تشرين الأول) 2013 إلى بداية شهر يوليو (تموز) 2014 نحو 78,3 ألف طن بقيمة مالية قدرت بنحو 342,4 مليون دينار تونسي (نحو 214 مليون دولار).