أرباح البنوك السعودية تتجاوز أوضاع المنطقة الجيوسياسية وتحقق نموا جديدا

خلال الربع الثاني.. «الراجحي» يربح 517 مليون دولار.. و«سامبا» 333 مليون دولار و«الأهلي» 640 مليون دولار

البنوك السعودية أمامها فرصة التوسع الرأسمالي خلال الفترة المقبلة («الشرق الأوسط»)
TT

أعلنت ثلاثة من أكبر البنوك السعودية، يوم أمس، نتائجها المالية للربع الثاني من العام الحالي، يأتي ذلك وسط أرباح متنامية جرى تحقيقها في وقت يعاني فيه القطاع المصرفي بمنطقة الشرق الأوسط تراجعات ملحوظة في مستويات الأرباح، في ظل الأزمة الجيوسياسية الخانقة التي تشهدها بعض دول المنطقة.

ويأتي تحقيق البنوك التجارية السعودية أرباحا عالية خلال الربع الثاني من العام الحالي رغم تأزم الأوضاع الجيوسياسية في المنطقة، كدليل واضح على قوة ومتانة القطاع المالي في المملكة، وسط توقعات مختصين تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أمس، بأن تستمر البنوك المحلية بالبلاد في تحقيق معدلات أرباح متزايدة خلال النصف الثاني من العام الحالي.

ويأتي ارتفاع معدلات ربحية البنوك السعودية في وقت بدأت فيه مؤسسة النقد العربي السعودي «ساما» اتخاذ حزمة من الإجراءات الجديدة المتعلقة بأنظمة الإقراض والتمويل، في وقت تعد فيه البنوك التجارية في المملكة من أكثر بنوك المنطقة ربحية خلال السنوات القليلة الماضية.

وفي هذا السياق، أعلن سليمان الزبن، الرئيس التنفيذي لمصرف «الراجحي»، أن المصرف حقق أرباحا صافية خلال الربع الثاني من العام الحالي بلغت قيمتها نحو 1.94 مليار ريال (517 مليون دولار)، مقابل 1.7 مليار ريال (453 مليون دولار) للربع السابق، محققا بذلك نموا تبلغ نسبته نحو 14 في المائة في معدلات الأرباح.

وقال الزبن في تصريح صحافي أمس: «حقق مصرف الراجحي أرباحا صافية خلال الأشهر الستة من العام الحالي بلغت 3.6 مليار ريال (960 مليون دولار)، كما أن المصرف واصل نموه من خلال سياسته الاستثمارية والمصرفية الناجحة، حيث بلغ إجمالي حقوق المساهمين 41 مليار ريال (10.9 مليار دولار)، مقابل 38 مليار ريال (10.1 مليار دولار) في الفترة المماثلة من العام الماضي، بنسبة زيادة بلغت نسبتها ثمانية في المائة، كما ارتفع إجمالي الموجودات إلى 295 مليار ريال (78.6 مليار دولار)، مقابل 273 مليار ريال (72.8 مليار دولار)، بنسبة زيادة قدرها ثمانية في المائة».

وأضاف الرئيس التنفيذي لمصرف «الراجحي» قائلا: «المصرف نجح في تنويع مصادر الإيرادات وتنمية قطاعي الاستثمار والخدمات المصرفية، إضافة إلى دعم جميع قطاعات الحوكمة والمخاطر من خلال التنوع في مختلف القطاعات والشرائح، إضافة للارتفاع في نسبة التغطية بالمخصصات لتقوية المركز المالي جنبا إلى جنب، مع الاهتمام المتزايد بالعملاء وتلبية احتياجاتهم من خلال تطوير المنتجات وتوفيرها على جميع القنوات الإلكترونية».

وفي السياق ذاته، أعلن عيسى العيسى، رئيس مجلس إدارة مجموعة «سامبا» المالية، النتائج المالية للنصف الأول من العام الحالي، والتي تمكّنت المجموعة خلالها من تحقيق أرباح صافية بلغت قيمتها نحو 2.5 مليار ريال (666 مليون دولار)، بزيادة سبعة في المائة عن أرباح الفترة المماثلة من العام السابق، في الوقت الذي حققت فيه أرباحا صافية خلال الربع الثاني من العام الحالي بلغت 1.25 مليار ريال (333 مليون دولار)، بزيادة تبلغ نسبتها سبعة في المائة، مقارنة بأرباح الربع المقابل من العام الماضي، بينما سجلت ارتفاعا في دخل العمليات من الخدمات البنكية خلال الربع الثاني من العام الحالي بنسبة بلغت 12.4 في المائة عن الفترة المقابلة من العام الماضي.

من جهة أخرى، أعلن «البنك الأهلي التجاري» تحقيق أرباح صافية عائدة لمساهمي البنك خلال النصف الأول من العام الحالي بلغت قيمتها نحو 4.9 مليار ريال (1.3 مليار دولار)، مقابل 4.3 مليار ريال (1.14 مليار دولار) خلال الفترة المماثلة من العام السابق، وذلك بارتفاع قدره 14.7 في المائة، بينما بلغت الأرباح الصافية خلال الربع الثاني 2.4 مليار ريال (640 مليون دولار)، مقابل 1.99 مليار ريال (530 مليون دولار) للربع المماثل من العام السابق، وذلك بارتفاع قدره 21.7 في المائة.

وأكد منصور الميمان، رئيس مجلس إدارة «البنك الأهلي التجاري»، أن نمو وتنوع منتجات البنك التمويلية والاستثمارية أدى إلى ارتفاع صافي الدخل من العمولات الخاصة بنسبة 8.3 في المائة، كما أدى إلى زيادة الدخل من رسوم الخدمات البنكية بنسبة 3.9 في المائة، وزيادة في الدخل من تحويل العملات الأجنبية بنسبة 11.2 في المائة، مقارنة بالفترة المماثلة من العام السابق.

وتعليقا على هذه النتائج، أكد الدكتور خالد اليحيى، الخبير الاقتصادي والمالي، لـ«الشرق الأوسط»، أن ربحية البنوك السعودية المتزايدة تدل على قوة القطاع المالي السعودي وملاءته المالية، مشيرا إلى أن أرباح البنوك السعودية مجتمعة من المتوقع أن تحقق خلال النصف الثاني من العام الحالي نموا تبلغ نسبته اثنين في المائة، مقارنة بأرباح النصف الأول من العام ذاته.

ولفت اليحيى إلى أن البنوك التجارية في السعودية باتت تحقق مزيدا من الأرباح المالية في ظل ما تحظى به من دعم حكومي، وإجراءات واضحة تنظم القطاع، وفي ظل ما يشهده الاقتصاد السعودي من تطور ملحوظ، وارتفاع في حجم الإنفاق الحكومي على المشاريع، موضحا أن المنافسة على حصة السوق بين البنوك المحلية تعود إلى قدرتها على جمع أكبر قدر ممكن من ودائع العملاء، وتنويع قاعدة الاستثمار، والمنتجات.

بدوره، شدد فيصل العقاب، الخبير المالي والاقتصادي، لـ«الشرق الأوسط»، أمس، على أن البنوك السعودية أمامها فرصة رفع رؤوس أموالها، وتوزيع أرباح نقدية أكبر على المساهمين، وقال: «هذه الفرص المتنامية تأتي في ظل توسع قاعدة الاقتصاد السعودي، وارتفاع حجم الودائع المالية التي تحتضنها البنوك المحلية، وتسارع وتيرة التوظيف من قبل وزارة العمل في البلاد».

وتأتي هذه التطورات في الوقت الذي أصبحت فيه البنوك السعودية على عتبة جديدة من التوسع الرأسمالي خلال الفترة القريبة المقبلة، يأتي ذلك في الوقت الذي بات فيه لدى هذه البنوك احتياطيات نظامية كفيلة بزيادة رؤوس الأموال بمعدلات تصل إلى 100 في المائة، وهي الزيادة التي أعلنها في وقت سابق من العام الحالي بنك «الرياض».

وبحسب تقرير لمؤسسة النقد العربي السعودي «ساما» صدر في وقت سابق من العام الحالي، وهو التقرير 49، فإن الودائع المصرفية الموجودة لدى البنوك المحلية خلال الربع الأول من 2013، قفزت بنسبة 2.5 في المائة، وذلك بما قيمته 31.2 مليار ريال (8.3 مليار دولار)، ليبلغ بذلك مجموع الودائع المصرفية الموجودة لدى البنوك السعودية ما قيمته 1.29 تريليون ريال (344 مليار دولار).

ولفت تقرير مؤسسة النقد العربي السعودي إلى أن حجم الودائع بالعملة الأجنبية في البنوك السعودية، انخفض خلال الربع الأول من عام 2013 بنسبة 4.6 في المائة، وذلك بما قيمته 7.4 مليار ريال (1.9 مليار دولار)، على عكس الودائع المصرفية بحسب العملة المحلية للبلاد (الريال).