وزير المالية الكويتي يحذر من عدم إقرار قانون التخصيص

الإبراهيم: هيمنة الدولة على ثلاثة أرباع مؤسسات الاقتصاد وضع غير ملائم ولا يتماشى مع التطورات العالمية

TT

نبه وزير المالية ووزير التخطيط ووزير الدولة لشؤون التنمية الادارية الدكتور يوسف حمد الابراهيم الى خطورة ما سيؤول اليه الوضع الاقتصادي الكويتي في حال عدم اقرار مشروع قانون التخصيص الذي يناقشه مجلس الأمة حالياً . قائلاً «ان الوضع الاقتصادي الحالي يجب ألا يستمر وهناك خطورة من استمراريته. ولا يمكن لاقتصاد أن يعتمد كلياً على مورد متذبذب كالنفط الذي تدنت ايرادات الكويت منه خلال شهر نوفمبر فقط بنسبة 24% عن شهر أكتوبر».

وأكد الوزير في مؤتمر صحافي عقده أمس لتسليط الضوء على مشروع قانون التخصيص وجهود الحكومة في اعداد الأرضية اللازمة لتطبيقه أن مشروع القانون يصلح ثلاثة اختلالات في الاقتصاد الكويتي هي اعتماده على ايرادات النفط بشكل أساسي، واختلال قوة العمل التي يغلب عليها العمالة الوافدة، وهيمنة القطاع العام على النشاطات الاقتصادية. وقال ان قانون التخصيص قد ضمن حقوق ومصير العمالة الوطنية في حالة تخصيص القطاع العام . كما ضمن عدم الاحتكار لأية خدمة ستطرح للتخصيص. وهاتان النقطتان هما أهم النقاط التي يبدي أعضاء مجلس الأمة تخوفهم من بروزها في حال اقرار قانون التخصيص. وقال الوزير ان الشروع في سياسة التخصيص يعتبر بكل تأكيد مرحلة مفصلية في مسيرة الاقتصاد الكويتي وجهود تنميته، وتنعقد عليها الآمال الكبار في اعداد الكويت لمواجهة تحديات المستقبل المالية والاقتصادية. وأن التخصيص هو جوهر سياسة الاصلاح الاقتصادي، في حين يعتبر قانون التخصيص البداية لمسيرة الاصلاح وذكر أنه من المؤمنين بضرورة تواجد شبكة من الاجراءات والتشريعات التي تضمن تنفيذ مشاريع التخصيص وتحقق أهدافه بدون اضرار بحقوق الأموال العامة أو المساس بالعمالة الوطنية أو بمصلحة المستهلكين وبذوي الدخول المحدودة على وجه الخصوص، مشيراً الى ان اعداد تلك الشبكة من الاجراءات والضوابط تتطلب في أغلبها دراسة تفصيلية متخصصة لكل واحد من مشاريع التخصيص، والى أن المجلس الأعلى للتخصيص سيكون هو الجهة التي ستتفرغ ـ بما لديها من قدرات فنية وتحليلية متخصصة ـ لاعداد مختلف الاجراءات التي يجب أن ترافق تخصيص كل مشروع، وسيرفع المجلس تلك المقترحات التي تتطلب اجراءات تشريعية الى الحكومة ومن ثم الى مجلس الأمة.

وقال الوزير انه على الرغم من أن مشروع القانون المعروض على مجلس الأمة هو من اعداد اللجنة المالية والتي بذلت ولا تزال منذ عام 1992 جهوداً متصلة في دراسته واعداده ووضع الضوابط والشروط والأغراض الأساسية فيه، الا أن أجهزة الدولة المختصة واكبت تلك الجهود أولاً بأول وبدأت ومنذ فترة رسم بعض الخطوط العريضة لحزمة من البرامج الوطنية التنموية تأتي ضمن الاطار العام لمجموعة الاجراءات والتشريعات التي سيدرسها ويعدها مجلس التخصيص الأعلى لاعتماد المناسب منها والتي ستحقق الحماية المطلوبة، ومن تلك البرامج التي ستدعم وتسهل تنفيذ مشروعات التخصيص المتوقعة، ففي واحد من اهم مجالات شبكة الحماية الاجتماعية واعداد الارضية اللازمة لمشروعات التخصيص ـ وهو مجال العمالة الوطنية الحالية وحماية حقوقها وضمان خلق الوظائف للأجيال القادمة منها ــ ستكون هناك وعلى سبيل المثال وبالاضافة الى قانون دعم العمالة الوطنية ــ ضوابط وتشريعات جديدة ستزيد من تكلفة استخدام العامل الأجنبي الذي قد ينافس العامل الوطني، بل قد تتدرج تلك الحماية الى منع جلب العمالة الأجنبية في حال وجود عمالة وطنية مماثلة لها.

وأكد أن مشروع قانون التخصيص والاجراءات اللاحقة يؤكد ضمان الدولة للموظف الكويتي وظيفته الحالية أما في نفس المؤسسات التي سيتم تخصيصها وبالترتيب مع مجالس ادارات المشروعات المخصصة، أو من خلال النقل الى وظيفة أخرى في مؤسسات الدولة الأساسية أو من خلال اعادة التأهيل للعمل في مؤسسات أخرى عامة أو خاصة، أو من خلال تشجيع الموظفين على التقاعد المبكر بمنحهم مكافأت جزيلة تشجعهم على بدء نشاطات خاصة بهم من خلال التعاون مع شركة تطوير المشروعات الصغيرة والبنك الصناعي.

وفي مجال اعادة تأهيل العمالة الفائضة الحالية في بعض المؤسسات الحكومية الاقتصادية والتي قد لا تتناسب مع احتياجات تلك المؤسسات بعد تخصيصها قال الوزير الابراهيم «اننا ندرس الآن مشروعاً لتأسيس شركة وطنية جديدة (شركة تأهيل) بالتعاون مع عدد من مؤسسات القطاع الخاص ذات العلاقة وقد تطرح بعض أسهمها للاكتتاب العام، وسيكون غرضها الرئيسي تدبير الأعمال الجديدة المناسبة لمن قد يستغنى عنهم مع اعادة تأهيلهم للوظائف الجديدة المرتقبة. وستتعاون تلك الشركة مع مؤسسات التدريب والمعاهد الحكومية والأهلية في مجال اعداد وتنفيذ برامج التدريب اللازمة، كما ستقوم تلك الشركة عند انشائها بالاستعانة بواحدة من أكبر الشركات العالمية المتخصصة في هذا المجال الحيوي كي تؤسس أنشطتها وأنظمة العمل فيها على أرقى المستويات الفنية الممكنة وبما يمكن من تحقيق أغراضها بالفعالية اللازمة. وستكون هذه الشركة ركنا أساسيا من عملية اعادة التأهيل المطلوبة.

وعلى صعيد توزيع ملكية المؤسسات التي سيتم تخصيصها على أكبر عدد من المواطنين قال الوزير «اننا ندرس جدياً مقترحات تتضمن توزيع جزء ملموس. وقد يكون الجزء الأكبر من اسهم المؤسسات عند تخصيصها وبأثمان تقترب من الرمزية على كافة المواطنين مع فرض شروط على تداول تلك الأسهم بما يضمن بقاءها في أيدي المواطنين لعدة سنوات قادمة وبما يكفل تشجيعهم على الادخار والاستثمار في تلك المؤسسات». وذكر أن المجلس الأعلى للتخصيص سيهتم بشكل خاص بموضوع مكافحة الاحتكار وتشجيع المنافسة «ونحن الآن في طور اعداد الخطوط العريضة للمزيد من تلك اللوائح والقوانين الخاصة والتي ستعرض على المجلس الأعلى للتخصيص والمتعلقة بمنع الاحتكار وتشجيع المنافسة وذلك لمنع الاستغلال والتحكم بعد التخصيص، وستتضمن هذه الاجراءات تحديد أسعار المنتجات والخدمات بشكل خاص، كما سيكون هناك صندوق عادل لدعم اسعار الخدمات والمنتجات التي سيتم تخصيصها يضمن عدم الاضرار بأوضاع المستهلكين (ذوي الدخل المحدود).

وفيما يتعلق بالضرائب قال الوزيا أنه ستفرض ضرائب محددة على أرباح المؤسسات التي سيتم تخصيصها، وسيتفاوت مستوى الضريبة حسب طبيعة العمل ونوعية المؤسسة التي سيتم تخصيصها، وستحدد تلك المستويات عند اعداد دراسة التخصيص المتعلقة بكل مشروع، فالمؤسسات العاملة في قطاع الخدمات الأساسية مثلاً مثل الكهرباء ستتحمل مستويات ضريبية أقل كي تتمكن من تقديم خدماتها للمواطنين بسعر اقل.

وانهى الوزير مؤتمره بالقول ان الحكومة تدرك بأن قانون التخصيص هو أساس سياسة الاصلاح الاقتصادي، وهو الخطوة الأساسية في درب التنمية، حيث أن الاستمرار في الوضع الحالي من هيمنة الدولة على ثلاثة أرباع مؤسسات الاقتصاد الوطني هو وضع اقتصادي غير ملائم ولا يتماشى مع التطورات العالمية ويلحق أفدح الضرر بالمالية العامة وبمصالح الأجيال القادمة، وأنه من الضروري نقل ملكية وادارة تلك المؤسسات الى المواطنين مباشرة كما يقتضيه المنطق وتتطلبه المصلحة العامة فهم أصحابها الأصليون مع استمرار دور الدولة الأساسي في التنظيم والرقابة على الأنشطة الاقتصادية مع كفالة العدالة الاقتصادية والاجتماعية تكافؤ الفرص ومساعدة الشرائح الأدنى دخلاً وتوفير البيئة الاقتصادية الصالحة للنمو والتقدم.