المغرب: توقع نمو بـ4.8 في المائة في 2015

دعوة للحكومة إلى إعادة النظر في أجور الموظفين

بنك المغرب المركزي («الشرق الأوسط»)
TT

توقعت مندوبية التخطيط في المغرب أن يعرف الاقتصاد المغربي نموا بنسبة 4.8 في المائة خلال العام الحالي، بعد 2.6 في المائة في العام الماضي. وعزا أحمد لحليمي علمي، المندوب السامي للتخطيط، هذا الارتفاع في وتيرة النمو إلى الأثر الإيجابي للأمطار الأخيرة على الإنتاج الزراعي، إضافة إلى تحسن الطلب الخارجي على المنتجات المغربية، وانخفاض أسعار النفط.

وتوقع لحليمي أن تعرف تحويلات المهاجرين المغاربة والمداخيل السياحية والاستثمارات الخارجية بدورها تحسنا ملحوظا خلال العام الحالي، غير أنه حذر من الركون لانخفاض أسعار النفط، مشيرا إلى أن هبوطها كان بسبب اعتبارات سياسية دولية، على رأسها الضغوط الأميركية والغربية على روسيا. وقال لحليمي إن الوضع العالمي غير موثوق، إذ يمكن لهذه التوجهات أن تتغير، إضافة إلى ارتفاع المخاطر الأمنية في المنطقة، خصوصا انفلات الوضع في ليبيا، وإمكانيات تأثير ذلك على الاقتصاد العالمي.

وأضاف لحليمي قائلا إن الحكومة المغربية استفادت خلال العام الماضي من عوامل استثنائية مكنتها من التحكم في عجز الميزانية، منها منحة دول الخليج ونتائج عملية استعادة الرساميل المهربة للخارج عبر الإعفاء من الضرائب والمتابعات، ونتائج رفع الدعم عن المحروقات. وقال: «هذه العوامل استثنائية وستبقى كذلك. لذلك علينا أن نكون منتبهين وحذرين». وأشار لحليمي إلى أن معدل المديونية الحكومية أصبح جد مرتفع. وقال: «حسب دراسة أنجزناها فإن استقرار معدل المديونية الحكومية يتطلب تحقيق فائض في الميزانية لا يقل عن 0.8 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي. وهذا يتطلب من الحكومة بذل مجهود كبير في ضبط وترشيد وتقليص النفقات». وأضاف لحليمي أن الخيارين المطروحين على الحكومة لمواصلة التحكم في العجز والمديونية هما تقليص النفقات أو تخفيض الاستثمارات.

وقال لحليمي إن على الحكومة، بعد النجاح الذي حققته في مجال رفع الدعم عن المحروقات والذي كان قرارا شجاعا، أن تفكر في سياسات أخرى من قبيل مراجعة تركيبة أجور الموظفين التي تمثل 11 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي. وأضاف: «الأمر هنا لا يتعلق بحجم كتلة أجور الموظفين، ولكن بمردوديتها وحسن توزيعها». وأشار لحليمي إلى وجود اختلال كبير في توزيع الموظفين جغرافيا وقطاعيا، وكذلك في توزيع الأجور والامتيازات، مشيرا إلى أن الجميع يهربون من القطاعات الاجتماعية ومن المناطق، ويتكدسون في الإدارات المركزية في الرباط والدار البيضاء. وقال: «في الإدارات المركزية توزع الأجور بسخاء، وكذلك المنح، إذ هناك من يتلقى معادل 3 أو 4 أشهر من الأجر في شكل منح. بينما في المناطق وفي القطاعات الاجتماعية عمل كثير وأجر قليل من دون منح ولا امتيازات. ففي المناطق والقطاعات الاجتماعية لدينا في الواقع مناضلون وليس موظفين». ويرى لحليمي أن على الحكومة إعادة النظر في هذا الوضع.

وأوضح لحليمي أن المغرب حقق إنجازات جيدة، خصوصا من خلال تطوير قطاعات اقتصادية جديدة موجهة للتصدير، كصناعة السيارات. غير أنه أشار إلى أن هذه القطاعات لا يزال وقعها ضعيف على مستوى المساهمة في الإنتاج الداخلي الخام. وقال لحليمي: «صناعة السيارات مثلا أصبح لها وزن كبير في التجارة الخارجية وفي تعديل كفتها لصالح المغرب، غير أن القيمة المضافة لهذه الصناعة لا تزال ضعيفة، لذلك يجب تطوير صناعات موازية ومرتبطة بها محليا من أجل الرفع من القيمة المضافة التي تنتج في المغرب وبالتالي الرفع من مساهمة القطاع في النمو الاقتصادي».

ودعا لحليمي أيضا إلى مراجعة النموذج المتبع لتمويل الاقتصاد. وقال: «خلال العقد الماضي جرى تمويل مجموعة من القطاعات الأساسية عبر القروض البنكية. اليوم بلغ هذا التوجه أقصى ما يمكن أن يصل إليه. فالشركات والمؤسسات المستهدفة أصبحت مديونيتها مرتفعة واستنزفت قدراتها على الاقتراض». لهذا السبب، يضيف لحليمي، أصبحت تحفيزات البنك المركزي عبر تخفيض سعر الفائدة المرجعي غير ذات جدوى. وقال لحليمي: «المغرب ليست لديه موارد مالية لتمويل التنمية، فلا يمكننا الاعتماد على الاقتراض ولا على عجز الميزانية. لذلك عليها التفكير في تشجيع القطاعات المنتجة للثروة. ومحاولة إعطاء كل فرد في المجتمع ما يحتاجه ليصبح منتجا من خلال التركيز على التكوين والتدريب، كما أوصى بالتركيز على الاستثمار في قطاع الزراعة، ودعم الاستثمار في الصناعة وغيرها من القطاعات المصدرة أو القابلة للتصدير، عوض بعض القطاعات التي تكتسي قيمتها محلية كالعقارات، وقال: «مهما رفعنا من قيمة العقار فسيظل ذلك محليا، أما عندما ننتج منتجات لها قيمة على المستوى الدولي وقابلة للتبادل والتصدير، فتلك تعتبر قيمة حقيقية».