وزارة العدل الأميركية تفتح تحقيقا جنائيا حول إفلاس «إنرون» وعلاقتها مع بوش

اتهامات لمسؤولين في الشركة بإخفاء معلومات حول أزمتها المالية إضافة لعمليات تزوير واحتيال

TT

فتحت وزارة العدل الاميركية تحقيقا واسعا حول افلاس مجموعة الوساطة والسمسرة في قطاع الطاقة «انرون»، وهي اكبر حالة افلاس في التاريخ الاميركي، والمتهمة ايضا بالتورط في شؤون سياسية بسبب علاقات لها مع الجمهوريين وخصوصا مع الرئيس جورج بوش. وقال مسؤولون أمس ان تحقيق وزارة العدل الذي يجريه المدعون العامون في هيوستن ونيويورك وسان فرانسيسكو وغيرها من مناطق البلاد، ينبغي ان يحدد ما اذا كان المسؤولون في «انرون» ارتكبوا عمليات تزوير واحتيال قبل افلاس الشركة في كانون الاول (ديسمبر). وسيتم وضع المجموعة تحت السلطة المركزية للدائرة الجنائية في وزارة العدل في واشنطن.

وقالت مصادر وزارة العدل تعليقا على سرية التحقيقات انها عادة لا تكشف عن سير أو طبيعة التحقيق غير أن قضية «انرون» ذات طبيعة وطنية، وهي في هذا البعد تشبه قضية «مايكروسوفت». واضاف المتحدث باسم وزارة العدل أمس أن تعدد مكاتب وأنشطة ومصالح «انرون» فرض مركزية التحقيق لمتابعة مجرياته وتنسيق مسارته.

وكان الكونغرس الاميركي قد فتح حتى الان تحقيقات عدة حول افلاس شركة «انرون» بعد اكتشاف مخالفات في محاسبتها. وقد وضعت الشركة منذ الثاني من ديسمبر (كانون الاول) تحت حماية قانون الافلاس لتكون بذلك اكبر حالة افلاس في التاريخ ألاميركي.

وعلق محامي «انرون»، روبرت بينيت، على ذلك بالقول «انني سعيد من جعلهم التحقيق مركزيا لانه سيكون بامكاني التعامل مع طرف واحد وليس مع اطراف متعددة». واضاف «يتعلق الامر بشركة يمكن ان تخرج من الافلاس وتعود ببعض القيمة الى مساهميها في ما لو تم منحها فرصة لذلك».

وتخص التحقيقات الكثير من الملفات المتعلقة بادارة الشركة واذا ما كان القائمون عليها استشعروا الأزمة المالية التي تمر بها «انرون» لكنهم أخفوا هذه المعلومات، يضاف الى هذا ايضا تورط سياسي للشركة وخصوصا بسبب ملايين الدولارات التي انفقتها اثناء حملات انتخابية. وعلى الرغم من ان ديمقراطيين استفادوا من هذه الاموال كما استفاد جمهوريون، فان المجموعة مقربة بنوع خاص من الجمهوريين في تكساس ولا سيما من حاكم هذه الولاية السابق وهو ليس سوى الرئيس الحالي للولايات المتحدة جورج بوش. وقد يكون رئيس مجلس ادارة «انرون»، كينيث لاي قد جمع مائة الف دولار على الاقل لحملة بوش الانتخابية في العام .2000 وقالت جين مامو المتحدثة باسم البيت الأبيض ان الرئيس جورج بوش اطلع أمس الأول بايجاز على سير التحقيق ومنح القائمين عليه تأييده. وأضافت مامو أن الرئيس مهتم جدا بقضية افلاس «انرون» ويرى انه من المناسب أن تقوم الجهات الحكومية المختصة باجراء التحقيقات اللازمة. واعترف نائب الرئيس ديك تشيني انه التقى على مدى ست مرات مسؤولين في شركة «انرون» العام الماضي للتداول معهم في سياسة الطاقة. ولكن البيت الابيض رفض كل مزاعم التورط هذه، مؤكدا انه يريد كغيره معرفة الحقيقة حول السياسة المالية للشركة. واكد لورانس ليندسي، احد ابرز المستشارين الاقتصاديين للرئيس بوش، وكان في المناسبة مستشارا سابقا لدى انرون، ان «القانون سيطبق بالكامل».

واكد ليندسي اثناء مقابلة مع شبكة فوكس التلفزيونية ان اي بلد في العالم لم يكن ليسمح، برأيه، بافلاس سابع اكبر شركة لديه. وقال «انها جزية تدفع للرأسمالية الاميركية». واضاف «انه اقتصاد السوق، واذا ارتكبتم اخطاء، وقد ارتكبت «انرون» اخطاء علنا، فان الحكومة لن تتدخل ولن تجد الحل».

وقد عرضت مجموعة هيوستن (تكساس) في ديسمبر على مانحيها خطة تنص على اعادة تمركز النشاطات الرئيسية للمجموعة مثل انتاج ونقل الطاقة وايجاد شريك لاعادة تحريك شبكة العقود فيها وبيع ما يساوي ستة مليارات دولار من الموجودات بغية خفض الديون المقدرة بـ40 مليار دولار.

وبحسب مشروع اعادة الهيكلة هذا، تعاني «انرون» حاليا من مديونية تبلغ قيمتها 22.006 مليار دولار ظاهرة في موازنتها، ومن 6.971 مليار دولار خارج الموازنة، ويضاف الى كل ذلك 10.733 مليار دولار على علاقة بتسليفات دفعت لبناء محطات توليد جديدة وشبكات لانابيب النفط.

وادارة الشركة متهمة بانها قامت بدفعات مشكوك فيها وباعمال مريبة تسببت حتى الان بسلسلة من التحقيقات، ومنها تحقيقات اجرتها لجان في الكونغرس. وقد تكون الشركة انفقت هكذا قرابة 55 مليون دولار لتمويل علاوات لحوالي 500 موظف قبيل الاعلان عن افلاسها. واكد موظفون في شركة انرون ايضا انهم تلقوا التشجيع لشراء اسهم ثم حظر عليهم بيعها عندما بدأت اسعارها بالانخفاض، في حين كان يتمتع المسؤولون في الشركة بحق بيع اسهمهم عندما كانت الاسعار لا تزال مرتفعة ويرحج أن تستمر تحقيقات وزارة العدل لسنوات وانه سيشمل مئات الاستدعاءات، الشهادات، المقابلات، والتأكد بشكل تام من الملف المالي للشركة.