محللون: سياسات أوبك تهدد الانتعاش الاقتصادي

TT

لندن ـ رويترز: قال اقتصاديون ان سياسات أوبك تمثل تهديدا للانتعاش الاقتصادي العالمي الوليد من خلال دفع أسعار النفط للارتفاع بعد شهور قليلة من تفادي نشوب حرب أسعار مع المنتجين المنافسين لها.

ويقول وزراء نفط أوبك الذين يجتمعون في فيينا يوم الجمعة انهم يعتزمون ابقاء قيود الانتاج ثلاثة اشهر أخرى حتى نهاية يونيو (حزيران) المقبل للحفاظ على ارتفاع اسعار الخام.

وسعيا الى خفض مخزونات النفط وانتظارا لانتعاش اقتصادي يسمح بارتفاع الطلب على الوقود يبدو أن اوبك لم تتهيأ بعد لتخفيف قيود الانتاج.

لكن الاقتصاديين يقولون انه مثلما كان انخفاض أسعار النفط في الربع الاخير من العام الماضي حافزا للانتعاش الاقتصادي في الدول الكبرى فان ارتفاعا مفاجئا في الاسعار قد يوجه ضربة قوية للانتعاش ليصبح سهما يرتد على أوبك نفسها.

وقال كاري ليهي اقتصادي الشؤون الاميركية لدى «دويتشه بنك»: من الواضح ان ارتفاع اسعار النفط سيكون شديد الضرر... ربما يتراوح ما وفرناه في العام الماضي بين 50 و100 مليار دولار بفضل الانخفاض الكبير في اسعار النفط.

«واذا سألت نفسك عما يمكن ان يهدد هذا الانتعاش الذي بدأ قبل شهرين فانه سيكون حدثا خارجيا مثل ارتفاع في اسعار النفط او الاحداث في الشرق الاوسط».

وارتفعت أسعار النفط في شهرين فقط بمقدار خمسة دولارات ليقترب سعر مزيج برنت من 24 دولارا للبرميل.

وقال جيف باين المحلل بشركة سمبرا لتجارة الطاقة «لا أعتقد ان على أوبك ان تستهدف سعر 25 دولارا لان الانتعاش الاقتصادي ما زال ضعيفا في مختلف انحاء العالم... وما زالت بعض الدول تعاني من كساد والاسعار المرتفعة ليست أمرا طيبا للطلب على النفط».

وفي أواخر العام الماضي انخفض سعر النفط لفترة وجيزة دون 17 دولارا للبرميل عندما طلبت أوبك من المنتجين من خارجها التعاون معها في تقييد الانتاج أو تحمل عواقب عدم التعاون.

وفي نهاية الامر فازت المنظمة بدعم خمسة من المنتجين المستقلين هم روسيا والمكسيك والنرويج وانجولا وسلطنة عمان. ولكن روسيا وحدها لم تحدد موقفها بعد من تمديد العمل بتخفيضات الانتاج في الربع الثاني من العام وقالت انها ستعلن موقفها قبل نهاية الشهر الجاري.

لكن بعد خفض انتاج النفط اربع مرات خلال عام ليصل اجمالي التخفيضات الى خمسة ملايين برميل يوميا تمثل 20 في المائة من اجمالي انتاج أوبك أصبح السؤال الان هو متى تبدأ أوبك زيادة انتاجها.

ويقول المحللون انه يتعين على أوبك زيادة الانتاج للحيلولة دون ارتفاع الاسعار بما يضر بالطلب مثلما حدث عام 2000 عندما تجاوز مزيج برنت لفترة وجيزة سعر 35 دولارا للبرميل.

وقال باين «من خلال معرفتي بأوبك فانها ستفكر في الانتظار أطول فترة ممكنة قبل زيادة الانتاج».

وأضاف «ستنتظر أوبك حتى يقل المعروض في السوق وهذا يعني ارتفاع الاسعار ومخزونات أقل من المستويات الطبيعية قبل ان تشعر بالارتياح لفكرة زيادة الانتاج».

ويرفض وزراء أوبك التسليم بأي مسؤولية عن المساعدة في بدء التباطؤ الاقتصادي العالمي الذي حدث العام الماضي لكن الدول الكبرى المستهلكة للطاقة أوضحت اعتراضها على أي سياسة انتاجية تدفع أسعار النفط للارتفاع عن سعر 25 دولارا للبرميل.

وفي الاسبوع الماضي قال وزير الخزانة الاميركي بول أونيل للدول المنتجة للنفط في الشرق الاوسط ان واشنطن تريد احتواء أسعار النفط في نطاق بين 18 و25 دولارا للبرميل.

وقال ان هذا النطاق سيساعد الاقتصاد الاميركي والاقتصاد العالمي على تحقيق نمو مرتفع.

وربما كانت الرياض تتمنى الان لو لم ترتفع اسعار النفط بالسرعة التي شهدتها الاسواق اذ انها ممزقة بين دورها القيادي في أوبك ورغبتها في تحسين الصورة التي ارتسمت في الاذهان في الغرب بعد هجمات 11 سبتمبر (ايلول) الماضي في الولايات المتحدة.

وكان وزير البترول السعودي علي النعيمي طرح في الشهر الماضي فكرة تمديد قيود الانتاج حتى نهاية العام الجاري لكن يبدو انه تم التخلي عن هذه الفكرة منذ ارتفاع الاسعار. وقال وزير النفط بدولة الامارات عبيد بن سيف الناصري في بيان أمس الاثنين ان أوبك لن تتخذ قرارات بشأن النصف الثاني من العام في اجتماعها يوم الجمعة.

وسيحول ارجاء اتخاذ اي قرارات بشأن النصف الثاني من العام دون توجيه اتهامات للمنظمة بانها تعمل على الاستمرار في رفع الاسعار. كما ان ذلك سيتيح للمنتجين مزيدا من الوقت لمعرفة السياسة الاميركية تجاه العراق المعفي من نظام حصص الانتاج بسبب العقوبات المفروضة عليه.

ويقدر ان المخاوف من هجوم عسكري اميركي ضد العراق في اطار الحرب على الارهاب كانت سببا في ارتفاع اسعار النفط بنحو دولارين للبرميل.