النرويج تحرز تقدما لمد أنبوب يفوق طوله 1000 كيلومتر .. و يوفر خُمس احتياجات بريطانيا

منافسة عالمية لتطوير مشاريع الغاز لمواجهة الطلب المتزايد في أوروبا والأسواق الناشئة

TT

تشهد صناعة الغاز العالمية، تغيرات كبرى حاليا لمواجهة الطلب المتزايد لأغراض توليد الطاقة أو لاستخدامه في الصناعات البتروكيماوية أو حتى للاستخدامات المنزلية. وتحافظ السوق الأوروبية على الحصة الأكبر من حجم الطلب العالمي برغم مزاحمة أسواق تنمو بسرعة مثل الصين والهند وأوروبا الشرقية. وفيما تشير تقديرات إلى أن استهلاك أوروبا من الغاز يصل حاليا الى 510 مليارات متر مكعب سنويا، فإن كبار التنفيذيين في شركات صناعة الغاز الأوروبية ذكروا لـ«الشرق الأوسط»، أن استهلاك القارة الأوروبية من الغاز قد يصل إلى حوالي 850 مليار متر مكعب سنويا بحلول عام 2030.

وبنظرة سريعة على خريطة توزع احتياطيات الغاز في العالم، وحول السوق الأوروبية بشكل خاص، نجد أنها محاطة بمناطق غنية به. فمن الجهة الجنوبية الغربية توجد منطقة الشرق الأوسط التي تمتلك دولها «إيران، قطر، السعودية بشكل رئيسي»، أكبر احتياطي من الغاز الطبيعي بحوالي 72.8 تريليون متر مكعب من الغاز الطبيعي. كما تقع إلى الجانب الشمالي الغربي من السوق الأوروبية، روسيا الغنية بحوالي 48 تريليون متر مكعب من الغاز الطبيعي، ثم تأتي دول شمال افريقيا، حيث تمتلك 7.9 تريليون متر مكعب. فيما تمتلك مناطق بحر الشمال النرويجية هي الأخرى، ما يقدر بحوالي 5.1 تريليون متر مكعب.

وبالنسبة للنرويج التي بدأت إنتاجها في عام 1977، فقد صدرت للسوق الأوروبي حوالي تريليون متر مكعب من الغاز، فيما تعمل على تنفيذ خطة لتصدير 100 مليار مكعب سنويا لأوروبا بحلول عام 2008.

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، قال براين بوردال، الرئيس والمدير التنفيذي لشركة غازكو النرويجية، ان المستقبل سيشهد تركيزا على الغاز مقابل النفط.

وللتعرف على حمى المنافسة على حصص سوق الغاز في أوروبا تحدثنا مع نوت بارلاند، نائب رئيس شركة «ستاتأويل» النرويجية، ثالث أكبر منتج للنفط في العالم، والمشرف على مشروع كراستو، شمال مدينة ستافنجر، قلب صناعة النفط والغاز في النرويج، الذي قال ان هذا المشروع، وبعد عشرين عاما من العمل، شهد 5 عمليات توسع لمواجهة الطلب الأوروبي المتزايد، وكان آخر مشاريع التوسعة قد أنجز في العام الماضي ليبلغ حجم الانتاج اليومي 88 مليون متر مكعب يوميا (27 مليار متر مكعب سنويا)، يتم نقلها عبر 700 ناقلة سنويا تم تصديرها لـ 25 متعاملا حول العالم.

وبالنظر للزوبعة السياسية التي أثارتها أسعار الغاز المرتفعة في بريطانيا والتي نتج عنها استجواب رئيس الوزراء البريطاني توني بلير في البرلمان ولأول مرة في قضية من هذا النوع، سنجد مدى حاجة سوق كبيرة مثل السوق البريطاني لتوافر كميات ضخمة من الغاز يوميا، وفي هذا الصدد تقدمت النرويج بمشروع ضخم قادر على توفير خمس احتياجات بريطانيا من الغاز.

فباحتياطات تصل إلى 400 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي، وباستثمارات 9.5 مليار دولار، يعتبر مشروع «ارمن لانج» في النرويج أكبر مشروع تطويري لحقل غاز مغمور بالمياه في أوروبا ويهدف لتغطية 20 في المائة من احتياجات بريطانيا من الغاز الذي سيتم نقله إليها عبر أنبوب يعد الأطول من نوعه في العالم ويمتد تحت البحر بطول ألف ومائتي كيلومتر، فيما ستعتمد طريقة العمل في المشروع على استخراج الغاز من تحت البحر بعمق 800 الى 1200 متر لينقل للساحل النرويجي للمعالجة تمهيدا لتصديره عبر الأنبوب الضخم إلى بريطانيا.

ووفقا لجدول العمل الحالي، فيتوقع أن يبدأ الانتاج في هذا المشروع في أكتوبر (تشرين الأول) 2007، على أن يبلغ أقصى طاقته التشغيلية بنهاية العقد الحالي ليوفر 20 مليار متر مكعب من الغاز سنويا. وكان العمل في هذا المشروع قد انطلق في أبريل (نيسان) 2004.

ويتطلب تنفيذ خط نقل الغاز إلى بريطانيا، تركيب 100 ألف قطعة أنبوب، طول كل منها 12 مترا، يزن كل منها 20 طنا، ويستخدم المشروع 850 ألف طن من الحديد. وتعود ملكية المشروع لكل من بيتورو بنسبة 32 في المائة، فيما تمتلك شركة هيدرو 17.6 في المائة، وتمتلك شركة شل العالمية نسبة 16.5 في المائة، وتمتلك شركة «دي او ان جي» نسبة 10.2 في المائة، فيما تمتلك أكسون موبيل نسبة 6.9 في المائة، وأخيرا تمتلك شركة «كونوكو فيليبس» ما نسبته 0.7 في المائة، وسيتمكن الأنبوب من نقل 70 مليون متر مكعب يوميا.

وقال براين بوردال، الرئيس والمدير التنفيذي لشركة غازكو، ان العمل في المشروع يسير بشكل جيد، فقد بدأ العمل منذ 24 شهرا، وأمام الشركة 18 شهرا أخرى من العمل، وقد تم فعليا الانتهاء من 65 في المائة من المرحلة الأولى من المشروع، وذلك وفقا للوضع في شهر فبراير ( شباط) الماضي، وسيبلغ حجم الاستثمار في هذه المرحلة 8.4 مليار دولار، حيث تم فعليا وضع الأنبوب الجنوبي في الصيف الماضي، وتجهيز منطقة استقبال الأنبوب على ساحل جزيرة نيهامنا على الساحل النرويجي، حيث يقع مركز معالجة الغاز، كما تم أيضا الانتهاء من تجهيز موقع استقبال الأنبوب على الجانب البريطاني في ايسنجتون، فيما يتم العمل على تشييد معامل استقبال الغاز في بريطانيا.

وقال إن مرحلة حفر الآبار بدأت العام الماضي، وحفر فعليا أحد الآبار، ويتم حاليا حفر البئر الثاني، ويتوقع أن تنتهي في الصيف المقبل عمليات الحفر. ويتطلب تنفيذ هذا المشروع، تبني تقنيات متقدمة لمواجهة العمق الكبير لمياه بحر الشمال التي تتراوح في موقع الحقل ما بين 800 الى 1200 متر، ولمواجهة معدل الانحدار الذي يتميز به قعر البحر باتجاه الساحل الذي تقع فيه معامل معالجة الغاز قبل تصديره. وقال مورتين رود، نائب رئيس في شركة هيدرو، ومسؤول مشروع «ارمن لانج» ولانجليد، انه تم استخدام جهاز يحمل اسم «الاخطبوط» الذي يقوم بمهمة تسوية قاع البحر لمرور الأنابيب من موقع الحقل إلى موقع معالجة الغاز على الساحل النرويجي، كما ستتم إدارة الحقل عن بعد من منطقة معالجة الغاز على الساحل، أي على بعد 120 كيلومترا عبر خطوط ألياف بصرية مثبتة بخندق في قعر البحر وصولا للساحل النرويجي.

وساهم مشروع «ارمن لانج» في مضاعفة سكان جزيرة نيهامنا إلى الضعف، عبر إضافة حوالي 2300 شخص يعملون في المشروع، وتوفرت لهم مقار سكن تعد من أكبر مقار السكن في أوروبا.