الأسهم السعودية تواجه «الخداع الفني» و«احتراق المحافظ» بمواصلة الهبوط

الإشاعات تشتعل بالتزامن مع انحسار الأخبار الموثقة والهيئة تضيف «ينساب» إلى المؤشر

TT

عاد المؤشر العام لسوق الأسهم السعودية «تاسي» أمس للتراجع، فاقدا 145.27 نقطة بما يعادل 1.1 في المائة هبوطا إلى 13116.62 نقطة، في عمليات خداع فني تتزامن مع احتراق مزيد من محافظ المضاربة والاستثمار. وتسبب الخداع الفني الذي تواجهه الأسهم السعودية حاليا إلى تسجيل المؤشر العام للسوق تراجعا ملحوظا، فيما غلب طابع الصعود على معظم الأسهم المتداولة في السوق، وهو ما تسبب في صعوبة قراءة المستثمرين والمضاربين على السواء مستقبل سوق المال التي كانت إلى وقت قريب قناة الاستثمار الأولى في البلاد.

وقادت تعاملات السوق إلى استمرار انحسار مستوى الثقة بين المتعاملين والمراقبين لتداولات الأسهم، فيما تزايدت الشائعات لتدعم التراجع وهو ما قاد إلى سرعة التخلص من الأسهم خلال عمليات تشبه «تقاذف الجمرة».

وتفسر عمليات سرعة التخلص من الأسهم أو ما يسمى اصطلاحا بـ «تقاذف الجمرة»، ارتفاع وتيرة التذبذب العالي أثناء التعاملات اليومية للسوق، وهي التعاملات التي تسجل خلالها العديد من الأسهم أقصى مستويات التذبذب صعودا أو هبوطا. وتسبب التذبذب العالي خلال تعاملات السوق أمس، في تسجيل أسعار أسهم 12 شركة أعلى قيمة سوقية يسمح بها النظام في تعاملات اليوم الواحد، فيما سجلت أسعار أسهم تسع شركات في الوقت نفسه أدنى مستوى سعري يسمح به النظام. وكشفت التعاملات الأخيرة أن السيولة التي انحسرت كمياتها بنسب عالية في المحافظ الصغيرة والمتوسطة، بعد هجرتها إلى محافظ كبرى، تمكنت بشكل لافت من السيطرة على السوق بدليل تحديد مكامن نقاط توقف المؤشر في نهاية التعاملات اليومية والأسبوعية على السواء.

وتسبب استمرار غياب إشارة دخول السوق في تقليص مستوى الثقة، لتظل الأموال التي لم تعلق بأسعار شراء عالية، تراقب الوضع، بدون أن تملك من الجرأة ما يكفي لاتخاذ قرار الشراء، وذلك على الرغم من اعتبار الأسعار الحالية أسعار شراء أسهم القيادة وأسهم العوائد الآمنة. يشار إلى أن تعاملات السوق أمس، سجلت تداول 188 مليون سهم، بقيمة تقدر بنحو 11.7 مليار ريال (3.1 مليار دولار)، إثر تنفيذ 249.7 ألف صفقة، ارتفعت بنهايتها أسعار أسهم 44 شركة، مقابل تراجع أسعار أسهم 30 شركة، من أصل 79 شركة مدرجة في السوق. إلى ذلك أعلنت هيئة السوق المالية عن إضافة سهم شركة ينساب إلى مؤشر السوق «تداول» حسب سعر إقفال السهم أمس.

أبو العينين: السوق تعاني من الخداع الفني

* في هذه الأثناء، أوضح لـ«الشرق الأوسط» فضل أبو العينين وهو خبير اقتصادي ومراقب دقيق لتعاملات سوق الأسهم السعودية أمس، أن الخداع الفني من أهم المشاكل التي تواجهها الأسهم السعودية حاليا، مبينا أن التعاملات غالبا ما تعمد إلى تغيير لون المؤشر في الدقائق الأخيرة، وهو ما أطلق عليه تركيب المؤشر على نقطة معينة تطمس نقاط الدعم والمقاومة القريبة من مستوى الإغلاق. وذهب إلى أن هذا النوع من التعاملات مدعاة لفقد أهمية التحليل الفني للسوق، وهو ما يربك الكثير من محافظ المضاربة والاستثمار على السواء، مشيرا إلى أن ذلك تسبب في ضبابية قاتمة لا يمكن معها قراءة مسار السوق مستقبلا.

شمس: الهيئة و كبار المضاربين

* ويقول مدير مركز دراسة الجدوى الاقتصادية للاستشارات، الدكتور محمد شمس، ان من الصعب قراءة سوق الأسهم السعودية خلال الفترة المقبلة، خصوصا ان السوق منذ الـ 26 من شهر فبراير (شباط) الماضي أي مع بدء الانهيار، أوجدت ظروفا زادت من صعوبة قراءة السوق وتحديد اتجاهاته المتوقعة لا سيما ان الأسعار لم تتفاعل مع الأخبار الجيدة التي دأبت الشركات على إعلانها مؤخرا من اندماجات وأرباح قوية وتوزيعات مجانية.

وأشار في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن سوق الأسهم ستسلك مسارا واضحا في حالة واحدة وهي تغيير سلوك هيئة سوق المال تجاه كبار المضاربين الذين ضبطتهم مؤخرا بحجة التلاعب. حيث أكد أن وجود المرونة في التعامل معهم أمر مهم جدا لا سيما أنهم يملكون كلمة مسموعة بحكم القدرة على التحكم في الأسعار.

كما ربط شمس انهيار السوق الأخير بتصرفات هيئة سوق المال تجاه هؤلاء المضاربين الذين أحجموا عن التداول احتجاج على مثل تلك القرارات. وأوضح ان سوق الأسهم السعودية ستشهد خلال الأشهر القليلة المقبلة ركودا بسبب تسييل كثير من المستثمرين لمحافظهم مع بداية موسم العطلات والصيف.

السمان: المؤشر تحت سيطرة قوى مؤثرة

* وعلى الطرف الآخر، أوضح لـ«الشرق الأوسط» الدكتور أيمن السمان، وهو خبير في تعاملات الأسهم ومحلل للمؤشرات الفنية للسوق، أن المؤشر أثبت على مدى تعاملات أكثر من ثلاثة أسابيع أنه يقع تحت سيطرة قوى قادرة على إيقاف التعاملات عند النقاط التي تحددها هذه القوى، وهو ما يلغي تلقائية تعاملات السوق. وذهب إلى أن السوق تواجه حاليا مأزق انحسار السيولة، واحتراقا طال عددا هائلا من المحافظ المسجلة في السوق، مبينا أنه يعتقد أن الانحسار الذي تعرضت له السيولة جاء بفعل تحركها من محافظ صغيرة ومتوسطة الحجم إلى محافظ كبرى قادرة على صناعة مسار السوق.

الحميدي: السوق إلى الآن لم تعط إشارة دخول

* في هذه الأثناء يقول المراقب المالي فهد عبد الرحمن الحميدي، إن السوق لم تعط إلى الآن إشارة الدخول الكاملة، خصوصا في الأسهم الصغيرة التي تكبد مضاربوها خسائر فادحة خلال الفترة الماضية بخلاف الأسهم الجيدة وذات العوائد والتي هي أكثر أمانا. وأشار في حديث لـ«الشرق الأوسط» الى ان سوق الأسهم السعودية ما زالت حتى الآن تبحث عن قاعدة قوية ونهائية في نفس الوقت بحيث تكون هي نقطة انطلاق جديدة. واستبعد الحميدي أن تسترجع كثير من الأسهم الصغيرة مستوياتها السابقة على العكس تماما من الأسهم القوية التي من المحتمل أن تحقق عوائد جيدة لمالكيها. وشدد على ان قرب فترة الصيف سيكون ذا اثر محدود على أداء السوق بشكل إجمالي، نظرا لتوفر التقنية التي قد تمكن المستثمر من دخول السوق في أي بقعة في العالم. كما توقع الحميدي ان تسلك سوق الأسهم السعودية خلال الأسبوعين المقبلين مسارا متذبذبا بحيث لن يكون هناك صعود قوي، خصوصا لأسهم ما اصطلح على تسميته بـ«الخشاش» والتي ما زالت تعاني حتى يومنا هذا من سلسلة التراجعات العنيفة التي بدأتها السوق منذ نهاية شهر فبراير (شباط) الماضي. ونصح الحميدي المتعاملين باتباع أسلوب تنويع المراكز في المحافظ بحيث لا تكون خالية من الأسهم القيادية ذات المستوى الثابت والعائد المجزي.