لطمة تصحيح الأسواق في انهيارها على النحو المشاهد

عبد الحميد عبد الغفار *

TT

المشهد الذي مثلته الأشهر الأولى من عام 2006 يعد بالفعل فريدا على البورصات الخليجية بكافة المقاييس، لذا ستظل تداعياته ماثلة للأسواق الإقليمية لوقت طويل باعتباره نقطة تحول كبرى، بل ان هذا المشهد ضرب في ثوابت كانت تقضي بقدرة الأسواق على التكيف ذاتيا بدون أي تدخل حكومي، والارتباط العضوي للأسواق بأسعار النفط إلى ما لا نهاية، وارتباطها بعودة الاستثمارات الخارجية، وبمتانة مقومات الاقتصادات الخليجية التي سجلت موازناتها فوائض غير مسبوقة، وغيرها.

عام 2006 اظهر كذلك إلى السطح بشكل جلي وغير مسبوق ما عاد يطلق عليه ظاهرة «تداولات اللحظة الأخيرة» عبر صفقات ضخمة، وبالفعل غيرت بعض الأسواق مساراتها في ثواني التداولات الأخيرة بشكل دراماتيكي. كما عززت المشاهدات عمق الارتباط بين الأسواق الإقليمية، حيث القى ضعف الأسهم السعودية بظلال كثيفة على الأسواق الإقليمية التي اصبح بعضها ضحية لقاطرة الأسواق الإقليمية. أما صغار المستثمرين المحبطين بفعل آثار الفقاعة فتعززت لديهم حقيقة كونهم في ميدان هو حكر للكبار ويحددون مصائرهم فيه. بل ان مشهد 2006 حفل بتصاعد وتيرة «النزاع» بين كبار المضاربين والأجهزة المعنية برقابة وإدارة بعض الأسواق بشكل غير معهود. يضاف إلى ذلك، تدخل حكومات بقوة لمنع استمرار التدهور مع انخفاض القيمة السوقية بشكل غير مسبوق، وبكيفية لا تتسق حتى مع قوانين السوق، وهذا ما حدث بالفعل في السوق السعودية مع إصدار إجراءات في وقت قصير جدا عبر عن ضعف الاحتراز من فقاعة حذر الكثيرون منها. وفي الكويت، تصاعدت ضغوط البورصة لتنتقل لقبة البرلمان (مجلس الأمة)، وفي ?الإمارات، رفع البنك المركزي حجم القروض بضمان الأسهم من 70% إلى 80%.

> لقد أمكن بالفعل عبر التدخلات القسرية في الأسواق كبح وتيرة التراجع لبعض الوقت، ولكن، هل بالإمكان لجم التصحيح؟! في الواقع التصحيح سيستمر لحين تتموضع المؤشرات لتعكس الحقيقة بكافة مكوناتها، وهنا تتباين التقديرات بشكل كبير، فبينما يذهب البعض إلى ان مؤشر السوق السعودية على سبيل المثال لا الحصر سيصل إلى قيمته العادلة عند 12 ألف نقطة، يذهب آخرون دون دراسات مرجعية مقنعة إلى انه يلزمه بلوغ 10 آلاف نقطة ليبلغ ذلك!! وفي الوقت الذي تؤكد فيه المشاهدات وجود ارتباط قوي بين الأسواق الإقليمية، آثرنا المجازفة بعرض نتائج العبث الإحصائي الذي يظهر ان أقوى ارتباط للسوق السعودية مع الأسواق محل الدراسة هو مع السوق الكويتية، بينما ترتبط هذه الأخيرة بأقوى علاقة لها مع كل من السوقين الأردنية والسعودية. أما السوق البحرينية فترتبط بأقوى علاقة لها مع السوق الكويتية، بل ان بعض تلك النتائج ربما فسرت نزوح المستثمرين من أسواق لأخرى داخل الإقليم نفسه أو خارجه في ظل المعرفة بتباين معدلات المخاطر بين الأسواق.

ان مجمل ذلك اسهم في تكتل سيولة هائلة في المنطقة بكافة المقاييس، ولعل احدث مؤشراتها تغطية اكتتاب المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق بما يقارب 400% بالرغم مما شهدته الأسواق من انهيار، الأمر الذي يؤكد عزم المستثمرين المحليين على المضي قدما في التفاعل مع الأسواق المالية متسلحين بدروس انهيارات البورصات الإقليمية. وفضلا عن ذلك، افصح اكتتاب المجموعة عن مؤشرات مهمة أخرى.

حيث اظهر انسيابية الاكتتاب ونجاح الاكتتاب عبر القنوات الإلكترونية (الإنترنت والهاتف النقال والصراف الآلي) التي بلغت نسبة قياسية بلغت 47% من جملة عمليات الاكتتاب، مع ارتفاع حاجز مساهمة الإناث بنسبة 10%، مقارنة بالاكتتابات السابقة، مع بلوغ حصة الشباب (دون سن 25 سنة) نسبة 22% من اصل حوالي 400 ألف طلب اكتتاب في اليوم التاسع للاكتتاب، الأمر الذي يعكس تنامي الوعي الاستثماري بوجه عام.

و تعد سوق دبي والسوق السعودية اكبر الخاسرين من الفقاعة. وخسرت السوق السعودية 7513.5 نقطة بين أعلى قمة وصلتها ببلوغها 20.634.9 نقطة في 25 فبراير 2006، وادنى مشاهدة سجلت في 18 أبريل (نسيان) والبالغة 13.121.3 نقطة، بينما المؤشر مس حاجز 12.419.08 خلال فترة التداول في 19 أبريل 2006 قبل ان يغلق على 13.216.89 نقطة.

* رئيس وحدة التحليل الفني بسوق البحرين للأوراق المالية