محافظ مؤسسة النقد: تشديد ضوابط منح القروض ساهم بحماية المصارف من آثار تصحيح سوق الأسهم

السياري: 20 مصرفا بالسعودية بنهاية 2006 وعمل مكثف لتطبيق «بازل 2» في النظام المصرفي بأكمله

TT

أكد محافظ مؤسسة النقد السعودية حمد السياري أمس أن التصحيح الأخير الذي شهده سوق الأسهم لم تكن له تبعات سلبية على المصارف. وأرجع السياري ذلك إلى أن المؤسسة قامت من خلال مهامها الإشرافية باتخاذ التدابير اللازمة لسلامة المصارف من أية تطورات غير مواتية في السوق.

وعدد السياري بعض تلك الإجراءات، وبينها تشديد الضوابط المتعلقة بمنح القروض للتعامل في السوق، وإصدار ضوابط القروض الاستهلاكية، وغيرها من الإجراءات التي كان من شأنها حماية العملاء والبنوك من التوسع في القروض الاستهلاكية التي قد تنتهي في المتاجرة في سوق الأسهم. وقال إن البنوك السعودية ظهرت بأداء جيد خلال الربع الأول من عام 2006، مما يشير إلى متانة النظام المصرفي وسلامة الأساسيات الاقتصادية ومع استقرار أداء السوق ومواصلة المصارف جودة الأداء يتوقع أن يجني النظام المالي فوائد ما تبذله السلطات المعنية من جهود لتعميق السوق المالي وتوسيعه.

وكان محافظ مؤسسة النقد السعودية يتحدث أمام حشد من الخبراء والمصرفيين السعوديين والدوليين المشاركين في ندوة بناء المستقبل الذي نظمتها مؤسسة يورومني، واختتم أعماله أمس في الرياض حيث قال إن السوق المالية السعودية شهدت في الأعوام القليلة الماضية تطورا ملحوظا، وتعزيزا لدورها كوسيط بين المدخرين والمستثمرين.

وقال السياري ان السعودية التي لم تصدر خلال النصف الثاني من الثمانينات الميلادية من القرن الماضي والتسعينات أي تراخيص جديدة لإنشاء مصارف، دخلت عام 2000 عصرا جديدا بالترخيص لبنك الخليج الدولي، تلاه الترخيص لـ 4 مصارف من دول مجلس التعاون، وتم الترخيص لخمسة مصارف عالمية هي «ان بي باريباس، دويتشه بنك الألماني، جي بي مورغان، بنك الهند الوطني، بنك باكستان الوطني. وقد افتتح دويتشه بنك فرعه في الرياض. وافتتح بنك الكويت الوطني فرعا له في مدينة جدة، وأن المصارف الأخرى تعمل على استكمال إجراءات فتح فروعها خلال عام 2006 على أن تحوي السعودية 20 مصرفا بنهاية العام الحالي، فيما قال إن الترخيص لمصرف الإنماء برأسمال 15 مليار ريال سيعزز المنافسة ويفتح آفاقا جديدة لخدمات مصرفية متنوعة. وذكر السياري أن العام الماضي شهد تطورات متلاحقة تسببت في زيادة كبيرة بل تضاعف الطلب على الخدمات المصرفية بدءا بصرف الرواتب عن طريق المصارف، وتسديد العديد من أنواع الفواتير والرسوم عن طريقها وتكرار عمليات الاكتتاب الأولى للشركات مع وضع قيود أمنية تطلبتها إجراءات حماية النظام المصرفي من عمليات غسل الأموال. وأخيرا تزايد إقبال المواطنين على تداول الأسهم. حدث كل ذلك في فترة وجيزة مما أدى لتزايد الشكاوى في بعض الفترات من عدم كفاية الخدمات المصرفية في بعض فروع المصارف. وقال إن البنوك عملت وتعمل على تلافي ذلك بزيادة التوظيف والتدريب وافتتاح الفروع الجديدة وتوفير المزيد من القنوات البديلة لتأدية الخدمات المصرفية، كاشفا أن التوظيف زاد نتيجة لذلك خلال الاثني عشر شهرا الماضية بنسبة 20 في المائة. وتوقع أن يتضاعف عدد موظفي القطاع المالي في السعودية خلال السنوات الخمس المقبلة.

ودافع السياري في مداخلة له خلال مناقشات جلسات أمس عن موقف مؤسسة النقد تجاه ما يردده البعض تجاه عقبات تواجهها المصارف التي ترغب في توسيع عدد فروعها حيث قال ان المؤسسة ليس لديها مانع من فتح فروع جديدة لها، بل أن المؤسسة تشجع وقد طلبت في بعض الحالات فتح فروع جديدة. وأضاف أن السوق مفتوح والمؤسسة تطبق رسوما منخفضة على البنوك بل تقدم بعض خدماتها للفروع بدون مقابل.

ورسمت كلمة السياري صورة واضحة للفرص الأربع المتاحة للمصارف العاملة في السعودية على المدى المتوسط فيما عدد أربعة تحديات ستواجه القطاع المصرفي ايضا. وفي جانب الفرص، قال السياري إن الاقتصاد السعودي يمر بفترة ازدهار غير مسبوق مبنية على قاعدة اقتصادية متطورة ومتنوعة تشمل كافة القطاعات مما يجعل سوق الخدمات المالية مهيأة لنمو على مستوى عالي الوتيرة مع وجود فرص كبيرة للمصارف للتوسع في تقديم خدماتها التقليدية جنبا إلى جنب مع التوسع في الخدمات الاستثمارية.

وأضاف أن الفرصة الثانية تتمثل في النمو الاستثنائي للخدمات المصرفية المتوافقة مع الشريعة للأفراد والشركات وإدارة الأصول وغيرها، وقال إن هناك مجالات كبيرة للابتكار وتطوير منتجات ملائمة لاحتياجات العملاء من أدوات تمويل واستثمار مختلفة. أما الفرصة الثالثة فتتمثل في فرص التمويل العقاري السكني والتجاري المهيأ للنمو بشكل كبير بالنظر للطلب الحالي والمتوقع، وأخيرا الفرصة الرابعة فتتمثل في إصدار السندات والصكوك للشركات، حيث أن هذه وسيلة تمويل لم تطرقها الشركات السعودية حتى الآن، وهي واعدة للبنوك التي تقدمها والشركات التي تصدرها.

فيما عدد السياري أربعة تحديات أيضا أمام القطاع المصرفي هي جذب وتدريب والمحافظة على القوى العاملة الماهرة، متوقعا أن يتضاعف عدد العاملين في القطاع المالي في حدود السنوات الخمس القادمة. أما بالنسبة للتحدي الثاني فيتمثل في بيئة أشد تنافسا في السعودية على الصعيد المحلي والإقليمي، حيث سيتضاعف عدد المصارف العاملة في السعودية ليبلغ 20 مصرفا نهاية عام 2006، وستشمل مجموعة من أفضل المصارف الإقليمية والدولية. أما بالنسبة للتحدي الثالث فيتمثل في زيادة الطلب على التمويل المصرفي مما يستلزم تطوير أساليب إدارة المخاطر بما تتضمنه هذه الأساليب من مخاطر جديدة، وأخيرا التحدي الخاص بضرورة تكثيف العمل على الإبداع والابتكار لتتمكن المصارف من مواجهة الحاجات المستقبلية لعملائها. وقال السياري إن أهم مهمتين من مهام المؤسسة هي إصدار ودعم النقد السعودي وتوطيد قيمته داخليا وخارجيا، ومراقبة عمل المصارف التجارية.

وأضاف أن القيمة الحقيقية للريال السعودي استقرت في نطاق تذبذب ضيق جدا خلال العقود الستة الماضية، وهذا ساعد على انجاز الهدف النهائي للسياسة النقدية، وهو تحقيق الاستقرار في المستوى العام للأسعار، فقد ظل معدل التضخم عند مستويات منخفضة يقل متوسطه عن 1 في المائة سنويا خلال العشرين سنة الماضية.

وقال إن هذه الأوضاع المستقرة ساهمت في دعم نمو الاقتصاد بشكل عام، حيث بلغ متوسط نمو الناتج المحلي الإجمالي 3.2 في المائة سنويا، خلال العقد الماضي، وخلال هذه العقود، تميزت البيئة الاقتصادية بحرية تدفقات رؤوس الأموال وانفتاح المناخ الاستثماري، وانخفاض معدل التضخم، واستقرار النظام المالي، وتوفر كمية كافية من السيولة، مضيفا أن هذا الوضع شجع على زيادة الاستثمارات الأجنبية والمحلية في السعودية، وخلال العقدين الماضيين على وجه الخصوص تسارع النمو في القطاع الخاص غير النفطي حتى بلغت مساهمته ما يزيد عن 44 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، بينما انخفضت مساهمة القطاع النفطي إلى ما يقارب 33 في المائة.

وأضاف السياري أن مؤسسة النقد التي أعطيت صلاحيات تنظيمية واسعة للتأكد من كفاية رؤوس أموال البنوك، وكفاءة إدارتها، واستيفاء القائمين عليها لمتطلبات القدرة وتحمل المسؤولية بأمانة، وتوفر أنظمة التشغيل والرقابة الملائمة في كل منشأة مصرفية، قامت خلال الفترة الماضية وعبر سياسات رقابية احترازية وعبر الإجراءات المتخذة في الوقت المناسب بضمان تمتع المصارف بوضع مالي قوي وراسخ، معتبرا أن ذلك يعد انجازا ملحوظا في ظل حالات عدم الاستقرار الاقتصادي على المستويين الدولي والإقليمي والأزمات السياسية وتقلبات أسعار النفط.

وأضاف السياري أن أعمال المصارف نمت بمعدل استثنائي حيث ارتفعت موجودات المصارف خلال الفترة من 1996-2005 بنسبة 213 في المائة، ونمت ودائعها بنسبة 224 في المائة، ورؤوس أموالها واحتياطاتها بنسبة 248 في المائة، وحققت الأرباح نموا قويا خلال هذه الفترة، وبلغ متوسط العائد على حقوق الملكية ما يزيد عن 20 في المائة، وبلغ العائد على الأصول 2 في المائة. وقال إن قوة المصارف تتضح في تحقيق مستوى عال وفقا لمعيار كفاية رأس المال المرجح للجنة بازل، الذي بلغ متوسطة ما يقارب 18 في المائة. إلى ذلك، اختتمت أمس فعاليات ندوة بناء المستقبل الذي استمرت أعمالها على مدى يومين تخللتها خمس جلسات وأربع ورش عمل، حيث قال باتريك فالون، رئيس يورومني لـ«الشرق الاوسط» إن النية هي إقامة هذا الملتقى بشكل سنوي، وذلك بعد التنسيق مع الجهات المنظمة الأخرى كوزارة المالية وهيئة سوق المال، وأن الندوة لهذا العام شارك فيها الف مسؤول حكومي وخبير اقتصادي ومصرفي من 40 دولة. وكانت تتويجا لجهود كافة الجهات المنظمة على مدى عامين تقريبا. وأضاف أن رعاية خادم الحرمين الشريفين كانت داعما كبيرا للندوة، والكشف عن إطلاق مركز الملك عبد الله المالي في الرياض، ومشاركة كبار المسؤولين كل ذلك ساهم في جعل الندوة مناسبة مهمة.