تقرير لـ«ميريل لينش»: ارتفاع أسعار النفط سيؤدي إلى الإقبال على الوقود المستخرج من الزيوت النباتية

يعتبر بديلا نظيفا لبنزين السيارات

TT

توقع بنك «ميريل لينش» الاستثماري في تقريره الأخير عن أسواق النفط والوقود أن يؤدي الارتفاع الكبير في أسعار النفط (خصوصا البترول الخفيف الذي بلغ 85 دولاراً للبرميل) إلى اقبال على أنواع الوقود المستخرج من الزيوت النباتية «Biofuels». كما سيستفيد أيضا الغاز المستخرج من تعفن المواد العضوية مثل فضلات الأكل «Biogas»، وكذلك سائل الإثانول الذي ينتج بشكل طبيعي اثناء عملية التخمير، ويستخدم كبديل للبنزين. ورغم ان قوانين البيئة كانت دائما في صالح هذه الأنواع من الوقود، فإن أسعارها المرتفعة ـ بالمقارنة مع أسعار النفط ـ ظلت حاجزاً أمام انتشارها، أما اليوم وبعد بلوغ أسعار المشتقات النفطية أرقاما قياسية فقد أصبحت هذه الانواع من الوقود في وضع يمّكنها منافسة البترول. وأوضح البنك في تقريره أن أسعار بعض المحاصيل الزراعية، مثل السكر الذي يستخدم في انتاج سائل الإثانول، قد بدأت بالفعل ترتفع نتيجة لازدياد الاقبال على مادة الإثانول التي تستخدم كوقود، واضاف «ميريل لينش» أن أسعار الزيوت المستخرجة من النباتات (مثل الذرة وحبوب الصويا وزيت النخيل) لم ترتفع بعد، لكنها سترتفع في المستقبل القريب. ورجح البنك أن تكون الزيوت النباتية من أكبر المستفيدين من استمرار ارتفاع أسعار النفط الخام، التي قال البنك إنها ستكون في حدود 65 دولاراً للبرميل كمتوسط لهذا العام. وتوقع «ميريل لينش» أن تتغير أولويات زراعة المحاصيل عندما تبدأ أسعارها ترتفع بفعل ازدياد الطلب عليها كوقود.. وليس كزيت طعام، وعلى سبيل المثال فإن 25 كيلوغراماً من الذرة تنتج نحو 2.7 غالون من سائل الإثانول، بينما 25 كيلوغراماً من السكر تنتج 3.9 غالون من الإثانول، ولكن رغم ذلك فإن محصول الذرة يعتبر مفضلا على السكر لأنه أرخص تكلفة منه. وعلى نفس المنوال فإن طناً من زيت بذر اللفت أو حبوب الصويا أو زيت النخيل، ينتج تقريبا طناً من زيت الوقود، لذا فإن الإقبال سيزداد على حبوب الصويا وزيت النخيل لأنهما أرخص من الزيت المستخرج من بذور اللفت، ولكن بشكل عام فقد لاحظت الأسواق ان اسعار بعض المحاصيل الزراعية (التي تصلح مصدراً للطاقة) أخذت تتأثر بأسعار النفط أكثر من تأثرها باسواق الغذاء. ويأتي معظم سائل الإثانول في الولايات المتحدة من زراعة الذرة داخل الأراضي الأميركية بالاضافة الى زراعة قصب السكر في البرازيل، ورغم أن الإثانول لا يمنح نفس الكفاءة التي يمنحها البنزين فهو نظيف للبيئة لأنه لا يبعث ثاني أكسيد الكربون في الهواء، ومن ثم فإن شعبيته لدى المستهلكين في الغرب تزداد بسرعة.

أما الأنواع الأخرى من الوقود المستخرج من الزيوت النباتية أو الدهون الحيوانية فهي تعمل بنفس كفاءة المشتقات البترولية، كما أنها بالطبع نظيفة للبيئة، لكنها كانت دائما تخسر المنافسة مع البترول بسبب ارتفاع سعرها بالمقارنة مع البترول، وهو الأمر الذي بدأ يتغير الآن.

وكانت كمية الإثانول التي انتجتها الولايات المتحدة في العام الماضي قد بلغت 4.3 مليار غالون (أي 280 ألف برميل يوميا) تم انتاجها في 95 مصفاة منتشرة في 19 ولاية، وتُقدر هذه الكمية بضعف الكمية التي انتجتها الولايات المتحدة في عام 2002، الأمر الذي يوضح سرعة التوسع في هذه الصناعة. كما أن 30 مصفاة جديدة لانتاج الإثانول يتم تشييدها حاليا، فضلا عن توسعة 9 مصاف أخرى، لتصل الكمية الاضافية من الميثانول الى ملياري غالون سنويا. ويتوقع «ميريل لينش» أن تصل كمية الإثانول المنتج في الولايات المتحدة الى 7.5 مليار غالون بحلول عام 2012، أي ضعف الكمية الحالية تقريبا. وأضاف التقرير أن الانتاج الاضافي من الإثانول سيُستهلك من قبل السيارات العادية لأن نسبة 10% من وقودها سيصبح إثانول مخلوطا مع 90% من البنزين. أما في حالة استخدام 80% إثانول و20% بنزين فلا بد أن يتم تعديل محركات السيارات لكي تصبح من نوع «السيارات المهجنةFlex-Fuel» وهو نوع المحركات الذي يقبل أنواعا مختلفة من الوقود، ويقبل أيضا خلطها مع بعضها البعض. يذكر في هذا الصدد أن البرازيل تعتبر حاليا أكثر دول العالم انتاجا لهذه السيارات واستخداما لها. وكان «ميريل لينش» قد أشار في تقرير سابق الى أن البرازيل تشهد ما اسماه البنك «ثورة» في انتاج السيارات المهجّنة، إذ شكلت مبيعات «السيارات المهجنة» 80% من إجمالي مبيعات السيارات في البرازيل في الشهر قبل الماضي.

كما أن 1.5 مليون سيارة تعمل حاليا في الأرجنتين تستخدم الغاز الطبيعي كوقود، بالاضافة الى أن الولايات المتحدة نفسها تشهد إقبالا كبيراً على محركات السيارات التي تعمل بالإثانول أو الكهرباء أو الاثنين معاً.

غير ان تقرير البنك أكد أن أنواع الوقود البديلة لا تشكل تهديدا مباشرا للنفط رغم سرعة انتشارها في الآونة الأخيرة، وأوضح أن انتاج الإثانول في العالم بلغ 12.2 مليار غالون في عام 2005، أي أن نسبته لم تتعد 3.7% من جملة الوقود المستخدم دولياً. وفي الولايات المتحدة تبلغ نسبته 3% فقط، في حين تبلغ نسبة الوقود المستخرج من الزيوت النباتية أقل من 1%، لكن في أوروبا تزيد النسبة على المعدل الأميركي. وتعتبر أكبر 4 دول منتجة للإثانول حالياً هي الولايات المتحدة التي تنتج سنويا 4.26 مليار غالون، تليها البرازيل 4.2 مليار غالون، ثم الصين نحو مليار غالون ثم الهند نحو نصف المليار. وقال البنك إن تحديد سعر موحّد لانتاج الإثانول في الدول المختلفة حول العالم امرٌ صعب لأن تنوع المحاصيل واختلاف تكلفتها يتغير من بلد الى آخر وفق سعر الأيدي العاملة والتقنيات المستخدمة في الزراعة، لكن الأمر الذي يمكن تأكيده تماما هو أن ارتفاع أسعار النفط ومشتقاته أعطى دفعة كبيرة لصناعة الإثانول. وأوضح البنك أن سعر غالون الإثانول المنتج من الذرة يقل اليوم بنحو 50 الى 70 سنتاً عن سعر غالون البنزين، لكن الإثانول المنتج من السكر (حسب أسعار السكر الدولية) يزيد عن سعر غالون البنزين، لذا فمن المتوقع أن يزداد الاقبال على زراعة الذرة في الولايات المتحدة حيث أصبحت منذ العام الماضي نسبة 13.7% من الذرة تستخدم في انتاج الإثانول وليس في انتاج المواد الغذائية. ويتوقع السوق أن تزداد هذه النسبة بسرعة كبيرة مع ازدياد المصافي التي تتخصص في انتاج الإثانول والتي ستكتمل خلال الأشهر الـ 12 المقبلة.

أما في أوروبا فإن انتاج الإثانول أقل من الولايات المتحدة، لكن في المقابل فإن استخدام الوقود المستخرج من زيوت اللفت وحبوب الصويا والدهون الحيوانية أكثر انتشارا من الولايات المتحدة. وقد بلغ الانتاج الأوروبي في العام الماضي 3.2 مليون طن (أي 65.6 ألف برميل يوميا)، لكنه يتوقع أن يصل هذا العام الى 6.1 مليون طن بزيادة نسبتها 44% عن العام الماضي. والمصدر النباتي المفضل في أوروبا هو زيت ثمرة اللفت رغم ارتفاع سعر هذا المحصول، فقد بلغ طن اللفت في الأسواق الأوروبية 912 دولارا، أي اعلى من طن غاز البترول، لكن طن زيت الصويا أو زيت النخيل أقل من سعر طن الديزل. وتهدف دول الاتحاد الأوروبي الى استخدام 5% على الأقل من طاقتها عبر الطاقة المتجددة بحلول عام 2010. وفي الولايات المتحدة أيضا بدأ استخدام زيت حبوب الصويا ينمو بسرعة بحيث يتوقع البعض أنه يمكن أن يحل محل زيت التدفئة.