بنك «ستاندارد تشارترد»: اقتصادات دول الخليح مستعدة لمواجهة انخفاض أسعار النفط

خبير في السوق النفطية: التراجع مؤقت والقلق بشأن الإمدادات سيسيطر

TT

قال بنك ستاندارد تشارترد أمس ان تراجع أسعار النفط على المدى الطويل سيهدىء النمو في دول الخليج العربية لكن التباطؤ سيكون تدريجيا فيما يرجع جزئيا الى التنوع الكبير في هذه الاقتصادات. وذكرت وكالة «رويترز» أن البنك توقع انخفاض اسعار النفط الى نحو 40 دولارا للبرميل في المتوسط بحلول عام 2010 وهو ما يقول انه سيحد من النمو الاسمي في اجمالي الناتج المحلي على الرغم من زيادة انتاج النفط. لكن التراجع في معدلات النمو القوية الحالية في المنطقة لن يماثل ما حدث في ثمانينات القرن الماضي عندما أدى انخفاض أسعار النفط الى انخفاض بنحو 18 بالمائة في اجمالي الناتج المحلي الاسمي بين عامي 1981 و1986 في الشرق الاوسط وشمال افريقيا. وقال ستيف برايس المدير الاقليمي للابحاث في ستاندارد تشارترد «نعتقد أن هذه المرة ستكون مختلفة.. والسؤال هو كيف ستختلف». وقال البنك ان تزايد قوة العمل والزيادة الهيكلية في مستويات أسعار النفط في الاجل الطويل والتحسن في ادارة ايرادات النفط والتنوع الاقتصادي المتسارع يعني ان اقتصادات الخليج مستعدة بشكل جيد لمواجهة التباطؤ.

وعلى صعيد اسعار النفط ذكرت وكالة «رويترز» أمس مواصلة مزيج برنت خام القياس الاوروبي والخام الأميركي الخفيف أمس انخفاضاتها التي بلغت نحو دولار للبرميل في الجلسة السابقة بعد ان أظهرت بيانات أميركية ارتفاع مخزون البنزين وسط مخاوف من أن يؤدي ارتفاع معدل التضخم الى ابطاء نمو الطلب. وبلغ سعر برنت في عقود يوليو (تموز) 14 سنتا الى 68.90 دولار. وهبط سعر الخام الأميركي الخفيف 29 سنتا الى 68.40 دولار.

وقال متعاملون ان تراجع اسعار سلع أخرى في سوق السلع الاولية بسبب المخاوف من ارتفاع معدلات التضخم فاقمت من ضغوط البيع على عقود النفط. وقال محلل «هناك ضغوط مستمرة من أسواق أخرى». واضاف أن المخاوف من تعطل الامدادات من ايران عضو أوبك بسبب خلافها مع الغرب فيما يتعلق ببرنامجها لتخصيب اليورانيوم ما زالت عاملا مؤثرا على السوق وقد تدعم الاسعار بعض الشيء. وأرجع الخبراء انخفاض الاسعار إلى ارتفاع كميات مخزون الوقود الأميركي وسط توقعات بانخفاض الطلب على النفط عالميا في النصف الثاني من العام الحالي بسبب ارتفاع أسعار النفط.

ومن جانبه قال انطوان هاف، مسؤول بحوث الطاقة في مصرف «فيمات» الأميركي المتخصص في مجال الوساطة والاستثمار إن التراجع الحالي لأسعار النفط سيكون مؤقتا وهو مستند لأسباب بينها تعديل وكالة الطاقة الدولية وغيرها لتوقعات نمو الطلب على النفط خلال الفترة المقبلة وذلك نتيجة لمستويات اسعار النفط القياسية التي سجلتها الأسواق خلال الأشهر الماضية، وأضاف أن هناك أسبابا موازية هي ارتفاع سعر الفائدة على الدولار وأيضا ضعف سعر صرفه تجاه العملات الأخرى.

وأضاف أن الحاجة لتعديل توقعات نمو الطلب على النفط كانت نتيجة مباشرة لعمليات المبالغة في التوقعات لنسب النمو، وقال إن ارتفاع أسعار النفط بشكل قياسي أثر بشكل بدأ تتضح معالمه حاليا سواء في الاقتصادات الصناعية والأسواق الناشئة، وقد أدت أسعار النفط المرتفعة في زيادة كفاءة استهلاك الطاقة في بعض القطاعات مثل الطيران حيث سجلنا أخيرا تراجعا في عدد مرات الإقلاع للطائرات وفي ذات الوقت زيادة عدد المسافرين على هذه الرحلات وهو أمر واضح في أميركا بشكل خاص نتيجة للمدى الكبير الذي يمكن انجازه لرفع كفاءة استهلاك الطاقة في أميركا مقارنة بالدول الآسيوية التي رفعت كفاءة استهلاكها للطاقة نهاية التسعينات مع الأزمة الاقتصادية.

وأشار انطوان هاف الى أن الدول المستوردة للنفط وخصوصا تلك في مناطق شرق آسيا بدأت في اقتطاع دعمها للوقود المباع للجمهور ما مرر تكلفة ارتفاع سعر النفط الخام للجمهور وهو بالتأكيد يؤثر على مستوى استهلاك وقود المواصلات في كل من تايلاند واندونيسيا وماليزيا وفيتنام والفلبين، في حين قامت دول وخصوصا تلك المنتجة والمصدرة للنفط بالمحافظة أو حتى رفع نسبة الدعم للوقود كما حدث في السعودية.وفي سياق المعروض من النفط قال هاف إن العرض سيكون صاحب التأثير الكبير خلال الفترة المقبلة ففي حال تكرر تعثر الانتاج أو التصدير في بعض الدول المنتجة للنفط فإن ذلك سيرفع الأسعار من جديد، خصوصا وسط التهديدات في كل من نيجيريا و ايران وغيرهما. وأشار هاف أن العام الحالي قد يشهد حسب التوقعات موسم أعاصير نشطا جديدا ويتوقع المراقبون أن يكون الساحل الشرقي من أميركا هو مركز لبعض الأعاصير ما يفتح الاحتمالات لموسم الأعاصير بعد التجربة القاسية للعام الماضي.

وفيما اتفق أكسيل بوش خبير أسواق النفط العالمية بمؤسسة «انيرجي انتليجنس» (مكتب لندن) مع توقعات بنك ستاندارد تشارترد بأن ما حدث في ثمانينات القرن الماضي والتهاوي الكبير الذي عرفته أسعار النفط لا يمكن أن يتكرر في المستقبل، فانه عبر عن اختلافه مع السيناريو الذي يطرحه البنك عن هبوط اسعار النفط الى 40 دولارا للبرميل بحلول 2010. وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه يتوقع بالمعطيات المتوفرة أن يكون سعر البرميل بين 60 الى 65 دولارا.