الأسهم السعودية تعتمد على السيولة وكثافة التداولات لتعزيز المسار التصاعدي

قطاعات الصناعة والاتصالات والإسمنت تسحب البساط من البنوك والمؤشر يرتفع 3%

TT

تشبث المؤشر العام لسوق الأسهم السعودية أمس بالصعود، ليضيف 354.45 نقطة بما يعادل 3.32 في المائة لرصيده الذي ارتفع في نهاية جلسة التداولات الوحيدة إلى 11046.55 نقطة، وذلك بالاعتماد على سيولة عالية وتداولات مكثفة.

وانتهت جلسة التداولات اليتيمة بارتفاع أسعار أسهم 76 سهما من أصل أسهم 80 شركة مدرجة في السوق، فيما لم يتراجع سوى أسهم شركتين، إثر تداولات تجاوزت كمياتها 185 مليون سهم، بقيمة إجمالية زادت عن عشرة مليارات ريال (2.66 مليار دولار) نتيجة تنفيذ أكثر من 250 ألف صفقة.

وبدا واضحا أن السيولة التي تم تدويرها بين قطاعات السوق خلال منتصف الأسبوع الجاري، لم تعد واثقة بقدرة القطاع البنكي على حماية المسار الصاعد من الانكسار، وهو ما استدعى تحركها نحو قطاعات أخرى ضمن محاولة جادة للبحث عن بدائل قوية لدعم المؤشر العام.

وجاء تمسك سوق الأسهم السعودية بمسارها الصاعد الذي بدأته مطلع الأسبوع، في خطوة ترشح تأكيد سير التعاملات بما يتفق وتعويض الخسائر المتراكمة بفعل الانهيار الرهيب الذي منيت به العديد من المحافظ على اختلاف استراتيجيات عملها سواء كانت هذه الاستراتيجيات تعتمد أسلوب المضاربة على اختلاف خطط تعاملاته أو أسلوب الاستثمار على اختلاف فروعه المتعارف عليها.

وحسب قراءة معطيات تعاملات السوق الأخيرة يظهر القطاع البنكي لم يتمكن من كسر نقاط مقاومة أجبرته على وقف مساره الصاعد، ما يعني أن هذا القطاع قد يتم تصنيفه على أنه غير قادر على دفع المؤشر العام لكسر نقاط المقاومة التي تتربص في مسار صعوده، فضلا عن أن تأكد وقوع مؤشر القطاع في المسار خلال الأسبوع المقبل، قد تهدد السوق بالعودة لامتحان بعض نقاط الدعم التي قد تكبح جماح تنامي مستوى الثقة بمتانة سوق المال.

ويتزامن تردي أوضاع بعض أسهم القطاع البنكي مع محاولات جادة لدعم المؤشر من خلال أسهم قيادية أخرى في قطاعات: الصناعة، الإسمنت، الاتصالات، الخدمات، والتأمين التي ارتفعت مؤشراتها بشكل لافت خلال الأسبوع الجاري.

وقاد ارتفاع مؤشرات قطاعات تضم عددا جيدا من الأسهم القيادية إلى صعود صاروخي لأسهم مضاربة تعتمد في مساراتها غالبا على سلوك السوق، ومستوى ثقة المتعاملين بفرص تنامي قيمة المؤشر العام.

وتوضح مؤشرات قياس مستوى تدفق السيولة في سوق المال السعودية أن هجرة المال من قطاع المصارف، سارت باتجاه أسهما قيادية أخرى، وهو ما يبعث على طمأنينة أهل السوق، على اعتبار أن السيولة المتسللة من القطاع لم تغادر السوق بشكل نهائي.

ويأتي ضمن أبرز مبررات هجر قطاع المصارف بقاء مكررات أرباح أسهم العديد من شركاته في مستويات أعلى من المستويات التي تراجعت لها مكررات أرباح أسهم قيادية في قطاعات أخرى، فضلا عن أن أسهم القطاع البنكي لم تتراجع بالنسبة نفسها التي. تعرضت لها أسهم بقية القطاعات أثناء فترة الانهيار المريرة.

وأكثر ما يأمله أهل السوق العارفون بدهاليز أسراره، هو عدم العودة خلال الأسبوع المقبل إلى مستويات العشرة آلاف نقطة، والبقاء فوق مستوى الـ11 ألف نقطة استعدادا لاستجماع القوى وكسر منطقة مقاومة تقع بين 11800 نقطة و12200 نقطة. ويأتي ذلك في الوقت الذي يقف فيه المؤشر فوق مستوى نقاط دعم محددة عند مناطق 10800 نقطة، و10500 نقطة، و10046 نقطة.

* الفوزان: المؤشر العام يحافظ على مسار الصعود بالهدوء في هذه الأثناء، أوضح لـ «الشرق الأوسط» راشد الفوزان وهو خبير في تعاملات سوق المال السعودية ومحلل لتعاملاتها اليومية، أن المؤشر العام للسوق نجح في الحفاظ على مساره الصاعد، بالاعتماد على استراتيجية الهدوء الناتج عن تنامي مستوى الثقة في السوق.

وبيّن أن كافة المعطيات التي يمكن لها أن تؤثر في سير تعاملات سوق الأسهم إيجابية، مشيرا إلى أن السوق لا يواجه مشاكل تعيق مساره سوى ضعف فرص صعود قطاع المصارف.

وذهب إلى أن القطاع البنكي يتهيأ حاليا لامتحان حقيقي عند ظهور نتائج الربع الثاني من العام الحالي، بعد نحو 45 يوما، خاصة أن العديد من المصارف قد تتراجع نتائجها المالية قياسا بما كانت عليه في الربع الأول من العام الحالي.

وقال إن توقعات تراجع ربحية المصارف يأتي استشعارا لآثار لم تظهر بعد لنتائج الانهيار الذي مرت به السوق، فضلا عن ظهور تقارير دولية تتوقع تراجع أرباح المصارف في المنطقة، وهي التقارير التي جاء فيها أيضا أن قطاع البنوك سيكون في نهاية المطاف أكثر القطاعات تضررا من نتائج الانهيارات الحادة التي واجهتها أسواق المنطقة العربية والخليج على وجه الخصوص.

* دقاق: معادلة قياس حال السوق لم تحضر بعد على الطرف الآخر، أوضح لـ«الشرق الأوسط» الدكتور علي دقاق، وهو أستاذ متخصص في مجال الاقتصاد ومحلل لتعاملات سوق المال، أن معادلة قياس حال السوق مفقودة، مشيرا إلى أن «الانتعاش الأخير» لم يكن كافيا لحضور المعادلة المفقودة.

وبين أن المعادلة التي لا تزال غائبة، هي أن «المفترض أن يدعم الوضع الاقتصادي سوق المال، وأن تعكس سوق المال الوضع الاقتصادي الحقيقي»، وهو الأمر الذي يرى أنه لم يتحقق بعد.

وذهب إلى أنه يعتقد أن السوق مرشحة للتراجع إلى مستويات أقل من النقطة التي تم التوقف عندها في نهاية تعاملات الأسبوع الماضي، وذلك لزيارة منطقة إغلاق تعاملات نهاية عام 2004، المحددة عند مستوى 8206.23 نقطة.

وأفاد أن توقعاته مبنية على أساس أن السوق عندما يعود إلى ذلك المستوى البعيد من أقصى قاع تمرغت بها الأسعار، ستكون مكررات الأرباح بين 12 مرة و14 مرة وهي مستويات وصفها بأنها مثالية.

لكن المكررات التي يصفها الدكتور دقاق بأنها مثالية، لم تتحقق في الأسواق العالمية العملاقة، فضلا عن أن وصول مكررات الأرباح إلى مستوى 20 مرة في الأسواق الناشئة التي من بينها سوق المال السعودية جيدة جدا.

وحسب نتائج معادلة قياس مكررات أرباح السوق السعودية، فإن متوسط هذه المكررات وصل حاليا إلى 16.25 مرة، بعد أن أخذت المعادلة الرياضية في حساباتها أن إجمالي أرباح الشركات المدرجة فيها سيصل بنهاية العام إلى 80 مليار ريال (21.3 مليار دولار)، فيما تبلغ القيمة السوقية للبورصة السعودية حاليا 1.3 تريليون ريال (346.6 مليار دولار).

* السمان: السوق تمتحن قدرتها على رفض الهبوط في المقابل أوضح لـ «الشرق الأوسط» الدكتور أيمن السمان وهو محلل لتعاملات سوق المال ويجيد قراءة المؤشرات الفنية لتعاملات الأسهم، أن السوق السعودية تواجه حاليا امتحانا لإثبات قدرتها على رفض العودة للمسار الهابط.

وأبان أن المؤشر العام مرشح للبقاء في منطقة تمثل لها نقطة الـ 11 ألف نقطة قاعا صلبة ستقاتل من أجل عدم النزول إلى ما هو أدنى منها، فيما قد يكون سقفها المؤقت للأسبوع المقبل يقع في منطقة بين 11800 نقطة و12200 نقطة.

وذهب إلى أن سير التعاملات بوتيرة لا تكسر فيها السقف صعودا، ولا تهدم فيها القاع المؤقتة، سيعزز قدرتها على كسر المقاومة في تعاملات الأسبوع الأخير من الشهر الجاري، مشيرا إلى الوضع الحالي قد يعزز العمل وفق استراتيجية تحقق لها عدم الهبوط، في الوقت الذي تمهد فيه لاستئناف الصعود بهدوء بعيد الهيجان الذي يولد حالات من التشنج التي ستكون في حال حدوثها مدعاة لحالة مماثلة في الاتجاه المعاكس عند جني الأرباح أو الفشل في تجاوز أي من نقاط المقاومة المقبلة.