لنجعل مركز الملك عبدالله المالي جسرا للتنمية

TT

يمثل التحدي الاقتصادي والتنموي الهم الاكبر على عاتق الدول والحكومات في مختلف دول العالم وبخاصة الدول النامية نتيجة للوفرة الحاصلة في اقتصادات هذه الدول خلال السنوات القليلة الماضية، حيث بدأت هذه الدول في تحقيق فوائض في ميزانياتها حتى أن بعض هذه الدول أصبح مقرضا بعد ان كان مقترضا.

وعلى الصعيد السعودي نجد أن الحكومة تضع ضمن أولوياتها الهم الاقتصادي الوطني وتحمل أجندة خادم الحرمين الشريفين في ملفاتها المتعددة نتيجة للتراكمات السابقة الكثير من القضايا الاقتصادية.

ولما للمصرفية الاستثمارية من دور فعال في دفع عملية التنمية من خلال ايجاد القنوات التمويلية اللازمة لتطوير مشاريع البنى التحتية والصناعية والخدمية بجانب الاحترافية المهنية في طرح الفرص الاستثمارية ودراستها من جوانبها الاقتصادية لغرض تحقيق القيمة المضافة أو دراستها من الناحية الاستثمارية لغرض تحقيق العوائد الاستثمارية الجيدة. ومن هنا يأتي تصور صانع القرار الاقتصادي بإنشاء مركز الملك عبدالله المالي لسد ثغرة موجودة في الالية الاستثمارية بالمملكة لننتقل بها الى مستوى مؤسساتي بدلا من المبادرات الاستثمارية الفردية والعائلية (الصامتة).

ولكن السؤال الذي يجب طرحه حول الآلية العملية لمركز الملك عبدالله المالي، فهل هذا المركز عبارة عن مجموعة من المباني أو بمعنى اخر، هل هو استثمار عقاري جديد، ام أنه عبارة عن منظومة مالية حديثة؟ والمقصود هنا هل هذه المنظومة تحمل وضعا قانونيا مختلفا، حيث تمتاز التشريعات والأنظمة بالوضوح والشمولية؟ ويحمل البعد القضائي وضع السلطة المستقلة التي لا يمكن لجهة اخرى ضرب قراراتها عرض الحائط وأن تمتلك هيئة السوق المالية (بصفتها المسؤولة عن ادارة المركز) القدرة والصلاحية لتنفيذ الأحكام وتطوير التشريعات بالسرعة اللازمة لمواكبة تطورات السوق المالية.

ان مركز الملك عبدالله يجب الا يتجاوز كونه استثمارا عقاريا لصندوق المعاشات والتقاعد فقط ولكن يجب أن يكون أكثر من ذلك بكثير لكل الجهات المعنية بتنظيم هذا الصرح المالي الذي سيكون الاكبر في الشرق الاوسط بإذن الله. وفي هذا الصدد اقترح ايجاد تشريعات مشابهة لتلك الموجودة في مركز دبي المالي العالمي من إيجاد سلطة مستقلة ومختصة بالإدارة والتحكيم في كافة تعاملات المركز المالي. ويقوم على هذه السلطات مختصون في قانون الاوراق المالية وحوكمة الشركات.

إن الهدف من ايجاد مصرفية استثمارية حديثة ومتطورة ليس استقطاب مؤسسات مالية دولية تتعامل مع المستثمرين بعقلية المكاتب التمثيلية (مندوبي الشنطة) التي تأتي لجمع الاموال ومن ثم استثمارها خارج الوطن أو بنوك استثمارية تقدم لنا خدمة استشارية من مكاتبها في لندن أو نيويورك. نحن نريد أن نرى تشريعات تساند العمل المصرفي الاستثماري الحديث ويكون مدعاة لجذب الاستثمارات الدولية والإقليمية ويساعد على توطين رأس المال الوطني في جو استثماري من الطراز الاول. نريد ان نرى مصارف عالمية ومحلية تأتي بخبراء يعملون جنبا الى جنب مع كوادر سعودية في تطوير منتجات استثمارية وحلول مالية مبتكرة. نريد أن نرى مكاتب استشارية تقوم بإنشاء تحالفات بين شركات عالمية وشركات سعودية تركز على تقوية الصناعة السعودية بإنشاء صناعات تقوم على الميزة النسبية للمملكة في قطاعات النفط والغاز والبتروكيماويات الاساسية والوسيطة.

* محلل مالي