استطلاع لـ«ميريل لينش»: توقعات التضخم وراء التدهور في البورصات العالمية

أكد وجود وجوم عام في أوساط مديري الاستثمار

TT

قال بنك «ميريل لينش» في استطلاع أخير حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه إن المستثمرين خفضوا من توقعاتهم في النمو جرّاء التخوّف من ان البنوك المركزية ستستمر في تشددها لزمن طويل من اجل درء خطر التضخم، حسبما جاء في الاستطلاع الذي أجرته شركة «ميريل لينش» لمديري الاستثمار في شهر حزيران (يونيو). كذلك تجاوب مديرو الاستثمار بطريقة كلاسيكية بأن يداوروا بين المناطق حيث بدا ان الأسهم الاميركية كانت، خلال الاضطرابات التي عصفت بالبورصة، اكثر مرونة من الاسواق الناشئة او من الاسهم اليابانية.

واشار الاستطلاع الى أنه في الأسابيع الاربعة التي مرت، منذ مسح شهر ايار (مايو)، انخفضت الأسهم العالمية بمعدل اجمالي بلغ 9 في المائة وتدهورت الأصول في الأسواق الناشئة 20 في المائة. لكن بما ان الارصدة النقدية بلغت مستويات عالية تاريخية نرى انه يمكن ان تعود السيولة بسرعة اذا ثبت ان التخوف من التضخم قد بولغ فيه. لكن تطوراً من هذا النوع قد لا ينفع أصناف الأصول التي أصيبت بخسارات جسيمة في الأسابيع الاخيرة.

ويقول دافيد باورز، كبير مخططي الاستثمار العالمي في شركة «ميريل لينش»: «ان المستثمرين الذين وظفوا الكثير من اموالهم في الاسواق الناشئة والاسهم اليابانية هم الذين يشعرون بألم الخسارة. اما المسألة فتكمن في ما اذا كان المستثمرون في هذه المناطق قادرين على تحمّل فترة ممددة من التشدد في السياسة النقدية».

وقال بنك «ميريل لينش» إن استطلاعه رسم تحوّلاً جذرياً بالرأي خلال الأشهر الثلاثة الماضية. ففي نيسان (أبريل) أشار الاستطلاع الى رضى متنامٍ بشأن المخاطر الاقتصادية الشمولية ازاء الأسهم العالمية. وفي ايار، عندما بدأ الاضطراب الراهن في الاسواق وجد الاستطلاع ان المستثمرين أصبحوا قلقين من اقتصاد عالمي يعمل فوق المنحنى الطبيعي.

وفي هذا الشهر، يعتقد مزيد من مديري الاستثمار اكثر من ايّ وقت مضى ان الاقتصاد يعمل فوق المنحنى الطبيعي وهو تطور قد يدفع البنوك المركزية الى افتعال فترة يعمل فيها الاقتصاد تحت منحنى نموه من اجل السيطرة على التضخم. هذا هو القلق الذي يكمن في قلب صدمة النمو السلبي الذي يبرز من خلال استطلاع حزيران. ان القلق من التضخم هو من سمات التفكير المواكب للهزيع الاخير من الدورة الاقتصادية، ويرى الآن 60% من مجموع مديري الاستثمار الذين اشتركوا بالاستطلاع ان الاقتصاد دخل مرحلة اخيرة من الدورة الاقتصادية.

وثمة ما يقارب من نصف مجموعة مديري الاستثمار يعتقدون ان الاقتصاد العالمي سيضعف في الاثني عشر شهراً المقبلة مقابل 14% كانوا من هذا الرأي في مايو (ايار)، وهذا اكثر الآراء تشاؤماً منذ ست سنوات. وهناك اغلبية تبلغ 34% من المشتركين بالاستطلاع يتوقعون ان تزداد ارباح الشركات سوءاً في هذه الفترة، وهذه نسبة تزيد الى حد كبير عن نسبة 9 في المائة الذين كانوا من هذا الرأي في الشهر الماضي. وفي الواقع يبدو ان مديري الاستثمار قد تخلوا عن الفكرة التي تقول ان الحجم سيكون الدافع الرئيسي لأرباح الشركات وعادوا الى القول ان تخفيض الاكلاف سيؤثر في حالة ارباح الشركات.

وفي ضوء الاضطراب الحاصل في السوق وجد استطلاع «ميريل لينش» أنه ليس من المستغرب ان ترتفع مستويات النقد من 4.1% في ايار الى 4.5% في يونيو. وثمة اغلبية من 29% من مخصصي الاصول يصفون انفسهم بأنهم مثقلون بالنقد وهذا واحد من اكبر الارقام التي سجّلها استطلاع لمديري الاستثمار. ان هذا الامر، مقروناً بمستويات عالية من النفور تجاه الخوض في المخاطر، يوحي بأن هناك سيولة وفيرة يجب ان توظف اذا تراجعت هواجس التضخم.

ويستمر النظر الى الاسهم بأن أسعارها عادلة او تباع تحت قيمتها، وفي سؤال جديد طرح هذا الشهر، كان الجواب ان أغلبية من 59% يستبعدون ان تكون اسواق الاسهم، في ستة اشهر، أدنى مما هي عليه الآن. واكد الاستطلاع انه ليس هناك اي ضمانة ان السيولة التي ترقد على الحياد ستعود الى القطاعات التي أصيبت بالضربة الموجعة في الاسابيع الاخيرة. في الواقع، ان احدى الامثولات البليغة التي علّمنا اياها استطلاع حزيران هي ان النوعية والحجم هما الامران المهمان. فبين استطلاعي مايو ويونيو انخفضت الاسهم اليابانية 16% والاسهم الهندية 30%. وعلى العكس، فإن الاسهم الاميركية انخفضت 4% فقط رغم انها وصفت في الشهر الماضي بأنها الأقل جاذبية.

وأكد خبراء «ميريل لينش» إنه «اذا نظرنا الى الامام، فإن اغلبية من 28% من مخصصي الاصول يتوقعون بأن يزيدوا استثماراتهم في الاسهم الاميركية خلال الستة اشهر المقبلة وان اغلبية 12% ينوون تقليص توظيفاتهم في الاسواق الناشئة. كما ان اغلبية تبلغ 71% من مديري الاستثمار يتوقعون ان يكون اداء الشركات الكبرى افضل من الشركات الصغرى خلال الاشهر الاثني عشر المقبلة. إن ما مجموعه 194 مدير استثمار اشتركوا في الاستطلاع العالمي يديرون 568 مليار دولار اميركي، كما ان 166 مديراً اشتركوا في الاستطلاعات الاقليمية يديرون 392 مليار دولار اميركي».