مصر: مشكلة كل عام.. البحث عن شقة في حي المهندسين

السودانيون واليمنيون أكثر السياح العرب اهتماماً بالمنطقة

TT

مع بداية الموسم الصيفي ومجيء عدد من السياح العرب إلى مصر تبدأ حركة البحث عن شقة بحي المهندسين، وتنشغل مكاتب العقارات والسماسرة بمحاولات للتوفيق بين مطالب السياح والموجود من الشقق بحي المهندسين الشهير بالجيزة. ولأن المعروض من الشقق أقل من المطلوب يشهد شهرا يوليو (تموز) وأغسطس (آب) ارتفاعاً يتجاوز 40% في إيجارات الشقق ويحدث الارتفاع تلقائياً كل موسم حتى دون انتظار قياس قوة الإقبال.

ورغم ذلك تعد منطقة المهندسين أعلى منطقة جذب عقاري للسياح العرب، ويرجع ذلك في نظر الضيوف العرب إلى هدوء المنطقة وقربها من وسط البلد ووجود عدد كبير من المحال التجارية والملاهي ودور السينما ومناطق الترفيه، ولكن تبقى دائما مشكلة كل عام وهي البحث عن شقة بسعر مناسب وموقع متميز.

ويلجأ عدد قليل من العرب للتسوق عبر الإنترنت لرؤية الشقق المعروضة للإيجار على بعض المواقع العقارية والاتفاق مع المكاتب العقارية على رؤيتها واستئجارها بمجرد الوصول إلى مصر، لكن الأغلبية منهم يلجأون إما إلى معارفهم وأقاربهم في مصر للقيام بمهمة البحث عن شقة، أو إلى طريق السماسرة والمكاتب، أو استئجار غرفة بأحد الفنادق بعد الوصول إلى مصر، وتفقُّد سماسرة المنطقة لرؤية ما يمكن رؤيته ومعاينته من الشقق المعروضة.

لماذا حي المهندسين؟ يقول أحمد زين العابدين أحد السياح السودانيين إن انجذاب عدد كبير من السودانيين للسكن في منطقة المهندسين يرجع إلى كونها منطقة راقية ونظيفة وقريبة من وسط البلد بالإضافة إلى وجود عدد كبير من المطاعم والمحال التجارية التي تمكن السودانيين من التمتع والتسوق.

ويقول إن اختيار منطقة المهندسين عموماً يرجع إلى درجة غنى السائح العربي، فطبقة رجال الأعمال من السودانيين يفضلون حي المهندسين، أما التجار السودانيون والقادمون للعلاج في مصر فيفضلون منطقة وسط البلد لكثرة المحال التجارية وكثرة الأطباء والعيادات فيها.

ويضيف إن الأسر السودانية تفتخر بأنها استأجرت شقة في حي المهندسين كنوع من الوجاهة الاجتماعية، وعادة تشترط وجود عدد من غرف النوم لا يقل عن ثلاث غرف، لأن السائح السوداني عادة ما يصطحب زوجته وأولاده وأقاربه، وهو يفتح بيته لأي وافد عائلي، فهذا واجب لا فكاك منه.

وتلقى السكنى في بعض الشوارع بمنطقة المهندسين أعلى إقبال من السودانيين عن شوارع أخرى بنفس الحي، فيمثل شارع جامعة الدول العربية الرغبة الأولى في السكن لدى جميع الأسر العربية، يليه شارع شهاب، ثم شارع جول جمال، أما شارع السودان فيمثل مطلباً خاصة للسودانيين ليس فقط لاسم الشارع ولكن لانخفاض أسعار الشقق فيه نسبياً عن بقية الشوارع، واحتفاظه بمستواه الراقي وبالهدوء. وعن متوسط إيجارات الشقق يقول زين العابدين إن الأسعار تتراوح في شهر مايو بين خمسة آلاف جنيه إلى ستة آلاف جنيه وترتفع في شهر يونيو إلى سبعة آلاف جنيه، وخلال شهري يوليو وأغسطس تقفز الأسعار إلى عشرة آلاف جنيه وتزيد وفقاً لموقع الشقة ومدى فخامة الأثاث ونظافة المكان، وابتداء من شهر سبتمبر تبدأ الأسعار في الانخفاض مرة أخرى تدريجياً. ويلجأ أغلب السائحين العرب إلى السماسرة المنتشرين في منطقة المهندسين، في الشوارع الرئيسية مفضلين التعامل معهم عن التعامل مع المكاتب العقارية، ويقول أحد الوافدين إن سبب ذلك يرجع إلى العمولة الثابتة التي يأخذها المكتب وتقدر بـ10% من قيمة الإيجار في شهر وهي قيمة لا يتنازل المكتب عن تحصيلها، بينما يمكن الدخول في مفاوضات مع السمسار لتخفيض حجم عمولته، كما يشعر السائح العربي بارتياح نفسي مع السمسار الذي «يلف» معه على عدد من الشقق ولا يتركه حتى يستقر على تأجير إحداها، ويقدم له خدمات أخرى متنوعة بعضها على سبيل الود ودون مقابل.

ويفضل السعودي عبد الرشيد اللجوء للسماسرة، مشيراً إلى أن السمسار يستطيع حل عدد من المشاكل والضغط على مالك الشقة في المفاوضات، فهو يفهم لغته، كما أنه لا يتسلم أموال الإيجار في يديه ويكون دوره هو همزة الوصل بين المستأجر العربي ومالك الشقة المصري. ويتم الاتفاق بين الطرفين على بنود الإيجار وإن كانت مصاريف الكهرباء تندرج ضمنها، كذلك التفاصيل المتعلقة بالتليفون والإصلاحات في الشقة والبواب والجراج وأفراد الأمن والحراسة على البناية. ويؤكد عبد الحكيم، وهو سمسار شهير مصري من أصل سوداني، وجود عدد كبير من السماسرة المشهورين بالاسم في منطقة المهندسين والعجوزة والزمالك يكوِّنون شبكة مترابطة فيما بينهم للمساعدة في تأجير الشقق وفقاً لطلبات الزبون العربي، موضحاً أن السودانيين واليمنيين يشكلون النسبة الأكبر من السياح العرب الباحثين عن الشقق، يليهم السعوديون والكويتيون.

ويشير عبد الحكيم إلى أنه من الصعب الحصول على شقة بسهولة في منطقة المهندسين خاصة إذا كان السائح العربي قد رصد في ميزانيته 200 جنيه كإيجار يومي فيجد أن المتاح بـ 400 جنيه ولكنه لا يريد تبديل طلبه في حي المهندسين بشقة أخرى في حي العجوزة الذي كان من قبل أهم نقطة جذب للعرب حتى نهاية السبعينيات. ويشير عبد الحكيم إلى أن زبائنه يتصلون به قبل المجيء إلى مصر حيث يتعاون مع سماسرة آخرين لديهم مكاتب في الخرطوم أو في الرياض. ولكي يوفر عليهم مشقة اللف والانتقاء من بين عدد من الشقق يقوم بتصوير الشقق بالفيديو وإرسال الشريط ومعه بيانات كل شقة وإيجارها وينتظر الزبائن في المطار ولا يتركهم إلا بعد توصيلهم للشقة والاطمئنان إلى طلباتهم.

ويطالب عبد الحكيم بأن تتولى شركات القطاع الخاص العقارية بناء بنايات وأحياء فاخرة للسياح العرب إما في الأراضي الفضاء بالمهندسين أو على أطرافها مع توفير مناطق للحدائق وأماكن للترفيه ووجود ضباط أمن وشرطة بكثافة، وذلك لمواجهة الطلب المتزايد على العقارات في المنطقة مع انخفاض المعروض.