البنك الدولي يؤسس أول شركة متخصصة في تمويل الإسكان بالسعودية

برأسمال 533 مليون دولار تتوزعها شركات محلية ومصرف هندي

TT

علمت «الشرق الأوسط» أنه سيتم الإعلان خلال الأشهر الثلاثة المقبلة عن تأسيس شركة مساهمة مغلقة متخصصة في تمويل الإسكان في السعودية تعد الأكبر في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بشراكة البنك الدولي ممثلا في مؤسسة التمويل الدولية، إضافة إلى شركتين سعوديتين وبنكين؛ أحدهما محلي والآخر هندي. وتعد الشركة في حال إطلاقها خلال الربع الثالث من العام الجاري، الأولى المتخصصة في تمويل الإسكان في السوق السعودية. وأكدت مصادر قريبة من المفاوضات التي شارفت على الانتهاء، أن الشركاء لا زالوا يتفاوضوا على تقسيم حصص رأسمال الشركة بينهم والذي يبلغ ملياري ريال (533.3 مليون دولار). وبيّن لـ«الشرق الأوسط» وليد بن عبد الرحمن المرشد مسؤول الاستثمار الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مؤسسة التمويل الدولية IFC التابعة للبنك الدولي، أن مؤسسته تتفاوض مع شركتي دار الأركان للتطوير العقاري ومملكة التقسيط السعوديتين وبنك HDFC الهندي على تأسيس الشركة الجديدة، مشيرا إلى أنه يتم التفاوض أيضا مع أحد البنوك السعودية لدخوله شريكا أساسيا في الشركة الجديدة.

وأوضح المرشد أن من أهداف الشركة الجديدة توفير التمويل اللازم لرفع القدرة الشرائية للمواطنين لشراء مساكن لهم بضمان دخولهم الشهرية دون التأثير على مستوى معيشتهم، مفيدا أنه سيتبع تلك الشركة تأسيس شركات مماثلة مستقلة في بعض الدول الخليجية.

وأبان أن الشركاء ما زالوا يتفاوضون على توزيع الحصص بينهم؛ متوقعا أن يتم إعلانها قبل نهاية الربع الثالث، وأن تبدأ نشاطها على أرض الواقع أواخر العام الجاري أو مطلع العام المقبل.

يذكر أنه تم في يناير (كانون الثاني) الماضي أثناء زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز إلى الهند التوقيع على الاتفاقية المبدئية بين دار الأركان ومؤسسة التمويل الدولية وبنك HDFC الهندي لتأسيس شركة بينهم لتمويل المساكن قبل أن تتطور الفكرة بدخول شركاء جدد.

يشار إلى أن عدد المواطنين السعوديين ووفقا للإحصاء السكاني الأخير، بلغ 16.5 مليون نسمة إضافة إلى 6.1 مليون مغترب مقيم في المملكة. وتشهد السعودية معدلات نمو مرتفعة للسكان، إذ يعد معدل النمو السكاني أحد أعلى المعدلات على مستوى العالم. وتتصدر الرياض المدن السعودية من حيث عدد السكان بـ 4.1 مليون نسمة، تليها جدة بـ 2.8 مليون نسمة، فمكة المكرمة بـ 1.3 مليون نسمة ثم المدينة المنورة بعدد سكان بلغ 900 ألف نسمة. وتحتاج السوق السعودية أكثر من أربعة ملايين وحدة سكنية خلال الـ20 سنة المقبلة، وستزداد الحاجة إلى أهمية ظهور شركات متخصصة في تمويل الإسكان تستطيع أن تلبي رغبات المواطنين في تملك وحدات سكنية. يذكر أن هناك أكثر من شركة تمويل عقارية يتم الإعداد لها حاليا من بينها شركتان تبنتهما غرفتا الرياض وجدة. ويتم حاليا تقديم قروض ميسرة من صندوق التنمية العقاري لمدة تصل إلى 25 سنة يخصم منها 10 في المائة في حال السداد السنوي بشكل منتظم، بينما تحجم البنوك المحلية عن التوسع في مجال التمويل العقاري نتيجة للمخاطر الكبيرة فيه بسبب عدم وجود نظام للرهن العقاري.

وتوقع عقاريون أن يسهم إقرار نظام للرهن العقاري في دفع السوق العقارية السعودية بشكل كبير لا سيما التمويلي منه، حيث أقرت وزارة العدل في وقت سابق لائحة للتمويل العقاري لم تلتزم بها البنوك، سوى بنك واحد فقط، الأمر الذي أدى إلى تأخير إقرار الرهن العقاري. أمام ذلك كشف المرشد، أن مؤسسة التمويل الدولية بالتعاون مع البنك الدولي وبعض الجهات الحكومية السعودية شاركت في دراسة مشروع نظام التمويل العقاري في المملكة، مفيدا أنه يعتبر منظومة متكاملة بأنظمة التطوير العقاري في السعودية بهدف تكوين بيئة تشريعية، موضحا أن المشروع يتضمن إعداد نظامين للتمويل والرهن العقاريين.

وأبان أن التنظيم الجديد يعالج جانبا مهما من نشاط التمويل العقاري الإسكاني وهو عدم وضوح الإجراءات النظامية عند امتناع المستفيدين عن السداد بدون أن يعطي مزيدا من المعلومات حيال ذلك، مكتفيا أنه تم تقديمه للجهات المعنية. وتعد مساهمة قطاع التمويل الإسكاني في الناتج المحلي محدودة جدا، إذ لا تتجاوز 3 في المائة، وهي نسبة قليلة مقارنة بالدول الأخرى، حيث تصل إلى 80 في المائة في الولايات المتحدة و50 في المائة في منطقة اليورو بينما تصل إلى 11 في المائة في الأردن و8 في المائة في المغرب.

وعاد المرشد للإشارة إلى أن الشركة الجديدة التي لم يتم اختيار اسمها بعد، تعتمد على تطوير مشروع شركة للتمويل الإسكاني عالمية المعايير بالتركيز على أداء وخبرة «مملكة التقسيط»، مفيدا أن الشركة سيكون لها إطارها القانوني المستقل عن الشركاء وسيكون مقرها الرئيسي في الرياض على أن تقدم خدماتها لكافة المدن السعودية.

وأضاف أنه تم الاستعانة بالبنك الهندي للاستفادة من خبرته في تقديم الإدارة الفنية للشركة، حيث أنه متخصص في تمويل الإسكان. وكانت مؤسسة التمويل الدولية قد شاركت في تأسيسه قبل 20 عاما، واستفادت منه في تأسيس شركات متخصصة في تمويل الإسكان في عدة دول وتتجاوز أصوله 20 مليار دولار. وتابع مسؤول IFC أن الشركة الجديدة ستوقع اتفاقية شراكة استراتيجية طويلة الأمد مع شركة دار الأركان للتطوير العقاري ـ أحد المؤسسين بغرض تمويل شراء بعض الوحدات السكنية التي تنفذها «دار الأركان». وتطرق المرشد إلى أهمية توفير التمويل للاستثمار العقاري سواء في السوقين الأولية أو الثانوية، مشيرا إلى أن ذلك يتضح من خلال قدرة الجهة العقارية المقترضة على بيع ديون الإقراض السكني إلى مؤسسات مالية متخصصة واستخدام المبالغ المستحصلة من البيع في عمليات إقراض عقارية جديدة مرة أخرى.

ودلل المرشد على ذلك بتوقيع مؤسسة التمويل الدولية قبل شهرين اتفاقية مع شركة مملكة التقسيط لمدة ثلاث سنوات تأتي ضمانا لإصدار صكوك إسلامية مدعومة بالأصول والرهونات العقارية. وأضاف أن قيمة الضمان في الاتفاقية تبلغ 100 مليون ريال (26.6 مليون دولار) لإصدارات تتجاوز ملياري ريال (533.3 مليون دولار)، لتوفير تمويل إسلامي للشركة طويل الأمد يكون بمثابة خيار آخر للإقراض العقاري المباشر من البنوك مما يمكن الشركة في المستقبل من إصدار المزيد من تملك الصكوك، الأمر الذي سيساعد الشركة على التوسع في برامجها لتمويل المساكن.