جاك تريبون: لا بد من فتح الباب أكثر أمام المصارف الأجنبية في السعودية

مسؤول إقليمي في «مصرف بي إن بي باريباس» لـ الشرق الاوسط : القطاع المصرفي السعودي يعاني نقصاً في الكفاءات المؤهلة

TT

قال رئيس قسم «الشركات والمؤسسات المالية في منطقة الشرق الاوسط» في مصرف BNP PARIBAS (مقره البحرين) انه من اجل تطوير القطاع المصرفي السعودي أكثر ـ لا سيما في ما يتعلق بسوق المال (Capital Market) ـ لا بد من فتح الباب امام المصارف الاجنبية سواء لناحية وجود فروع في المملكة او نقل اساليب عملها وتقنياته.

واشار جاك تريبون في حوار مع «الشرق الاوسط» خلال وجوده في بيروت انه يتوجب استقطاب الكفاءات في السعودية لمنافسة المصارف الدولية التي تقدم هذه الخدمات على مستوى رفيع، مثال «سيتي بنك» و«إتش إس بي سي». فالقطاع المصرفي السعودي يعاني نقصاً في الكفاءات المؤهلة لتلبية حاجات السوق، وهناك خلل ما بين الكفاءات وفرص العمل الموجودة.

كما تطرق الى الحديث عن القطاع المصرفي السعودي في ظل الاصلاحات الحاصلة والرخص التي تعطى للمصارف الاجنبية. ولم يخف تريبون محبته للعالم العربي واهتمامه للتعمق بالدين الإسلامي. وفي ما يلي نص الحوار:

> لماذا بدأ مصرف BNP PARIBAS يولي الصيرفة الاسلامية اهتماماً؟

ـ نحن موجودون في الخليج منذ العام 1973، وتنتشر فروعنا في ابو ظبي ودبي وقطر والبحرين. وقبل سنة افتتحنا فرعاً في الرياض وآخر في الكويت. اذاً معرفتنا بالخليج عميقة، وننفذ منذ مدة طويلة عمليات مشتركة مع المصارف الاسلامية العاملة. ومن جهة اخرى فقد شهدنا تطور الصيرفة الاسلامية بكل مراحلها منذ ظهورها في العام 1970. كما لاحظنا تبلور صورتها ونضجها بدءاً من العام 1990 الذي أحرزت فيه تقدماً هائلاً. وبعد تداعيات الحادي عشر من سبتمبر (ايلول) بدأنا نلمس اهتماماً عربياً اكبر بالصيرفة الاسلامية بعدما اثبتت جدارتها. والاهتمام الكبير الذي لمسناه من عملائنا ازاء هذه الخدمة دفعنا الى الاهتمام والتعمق بها اكثر.

> زيادة الاهتمام بعد تداعيات سبتمبر.. هل ترتبط بالمضايقات التي تعرض لها العرب في المصارف الاميركية؟

ـ برأيي ان الامر لا يتعلق فقط بالمضايقات انما ما حصل هو لجوء وعودة باتجاه العادات والتقاليد. اراد المسلمون الاستثمار في منتجات تمت بصلة الى شريعتهم وثقافتهم وعاداتهم وتقاليدهم. بالتأكيد كان لقوانين الرقابة الشديدة التي فرضتها عليهم المصارف الاميركية تأثير ما لدفعهم نحو الصيرفة الاسلامية وتشبثهم بها. لكن للعوامل الدينية والانتماء والهوية دورا اكبر. كان الامر اشبه بصحوة ضمير.

> هل استحدثتم قسماً خاصاً بالصيرفة الاسلامية في فرع الرياض؟

ـ نعمل من خلال فرع البحرين. لدينا قسم يعرف بـCorporate and investment Banking يقدم منتجات تتوافق مع الشريعة الاسلامية، ويشرف على هذا القسم الشيخ نظام اليعقوبي وهو من ابرز المتخصصين بالصيرفة الاسلامية ويتعاون مع عدد من المتخصصين. > آسيا هي الامتداد الطبيعي للخليج، وهي محط اهتمام خليجي عموماً وسعودي خصوصاً. الى اي مدى ستساهم السوق الآسيوية، نظراً لعدد المواطنين المسلمين الكبير فيها، في نمو الصيرفة الاسلامية؟

ـ عوامل عدة بدأت تدفع بالمصارف السعودية للاهتمام بآسيا، ابرزها انها بلاد سريعة التطور وتشهد نمواً سكانيا هائلاً، لا سيما الهند. كما ان في الصين قدرات وكفاءات لا يستهان بها، آسيا تختزن فرصاً قيمة. لمسنا اهتماماً من جانب المصارف السعودية بالسوق الآسيوية منذ حوالي عام، اذ اطلق مصرف سامبا صندوقاً للاستثمار في الصين. وهذا الاهتمام آخذ بالنمو وبدأ يشمل فئة كبيرة من الناس. من ناحية اخرى، وكما هو معروف، الجالية الآسيوية في الخليج كبيرة جداً وتحول سنوياً مبالغ ضخمة. واذا نظرنا الى اليد العاملة الهندية ـ بالتحديد ـ نجدها منافسة الى اقصى درجة.

> يقال إنه بإمكان الصيرفة الإسلامية لعب دور في تشجيع المبادرة الفردية Entrepreneurship، ما تعليقك؟

ـ نعم. هذا ما يعرف بـ Private Equities اي ادارة المخاطر من منظور شرائع العمل الاسلامية، وهذا ما يحصل في الشركات الخاصة. عندما ننظر الى مصارف الغرب، وهي مصارف تجارية، نرى انها لم تعد تعمل اليوم وفق استراتيجية الـPrivate Equities. بالامس، في فرنسا، كان مصرفا Indosuez و Parisbas يعملان كثيراً وفق اسلوب الـPrivate Equities.

> ما تقييمك للبورصات الخليجية، وهل تخطت مرحلة الفقاعة؟

ـ مما لا شك فيه ان هناك بورصات خليجية تملك مقومات تخولها ان تكون اسعارها على ما هي عليه، وبالمقابل هناك اسواق اخرى فاقت اسعارها حجمها الطبيعي وارتفعت بشكل غير مبرر. واذا ما قارنا ما بين مضاعف الربحية في هذه الاسواق واسواق لندن ونيويورك نرى انها تفوقها، وهذا امر غير منطقي ويدل على ان السوق يعاني خللاً وسيهبط، وهذا ما حصل. وبالطبع فان المتضررين هم المستثمرون الصغار الذين يربكون السوق لانهم يضاربون من دون ثقافة او دراية بهذا الامر، وغالباً ما يشترون عند ارتفاع الاسعار ويبيعون عند انخفاضها، ما ينعكس سلباً على السوق ويحدث حالة من البلبلة والارتباك.

والاسوأ من ذلك انه لمجاراة الطفرة الحاصلة اخذ الناس بالاستدانة من اجل المضاربة. للبورصة شروط وهي ليست بلعبة، والاهم من ذلك انها ليست لكل الناس انما لمن لديه فائض من الاموال، وهي عمل ثانوي وليس وظيفة او مهنة. هناك توجه سعودي نحو الخصخصة وهذا امر جيد لما يتيحه من فرص لاشراك الافراد في المؤسسات. في المقابل لا بأس من فرض بعض الضوابط على المضاربة في سوق الاسهم. > ما تقييمك للقطاع المصرفي السعودي؟

ـ القطاع المصرفي السعودي كان حتى الامس القريب مغلقاً يتقاسمه عدد قليل من المصارف. في الآونة الاخيرة عملت الحكومة على فتح السوق من خلال اعطاء المصارف الاجنبية رخصاً مثال «دويتشه بنك» و«إتش إس بي سي» و«باري با». كما ان المنافسة مع المصارف الاسلامية ساهمت في فتح السوق. وسعيا لتطوير القطاع المصرفي السعودي أكثر ـ لا سيما في ما يتعلق بسوق المال Capital Market ـ لا بد من فتح الباب امام المصارف الاجنبية سواء لناحية وجود فروع في المملكة او نقل اساليب عملها وتقنياته.

> كيف تنظر الى توسع المصارف التجارية السعودية في مجالات البنك الاستثماري والصيرفة الخاصة؟

ـ صحيح ان المصارف التجارية اصبحت تضم اقساماً للصيرفة الخاصة والخدمات الاستثمارية نظراً الى كون السوق السعودي كبيرا ومتطلبا، لكن يجب استقطاب الكفاءات لمنافسة المصارف الدولية التي تقدم هذه الخدمات على مستوى رفيع، مثال «سيتي بنك» و«إتش إس بي سي». فالقطاع المصرفي السعودي يعاني نقصاً في الكفاءات المؤهلة لتلبية حاجات السوق، هناك خلل ما بين الكفاءات وفرص العمل الموجودة. كما أن مواصلة الحكومة السعودية تحديث القوانين المتعلقة بعمل المصارف ستساهم في تطور هذا القطاع، لا سيما تلك المتعلقة بالشفافية. السعودية هي مركز الثقل الاقتصادي والمحرك للمنطقة، فهي تستحوذ على اكبر احتياط نفطي في العالم والكثير من المواد الاولية والمعادن، ويبلغ عدد سكانها نحو 25 مليون نسمة، وفيها شركات تحتل مراتب متقدمة عالمياً في القوة والجودة مثال «معادن» و«سابك» اضافة الى اشخاص حققوا قصص نجاح رائعة وذاع صيتهم عالمياً. كل هذه العوامل تؤهل السعودية للعب دور اقليمي وعالمي ريادي وفعال اذا ما اتجهت اكثر الى الانفتاح والاصلاحات المستمرة. وانا المتابع عن كثب لشؤون الخليج متفائل بمستقبل المملكة.